باسيل يُخيِّر اللبنانيين: أنا أو جهنم؟
“ليبانون ديبايت” – المحرّر السياسي
لم يكن مفاجئاً ما طرحه رئيس “التيار العوني” جبران باسيل بالأمس، لا سيما وأنه يكرّر نفسه عند كل إطلالة، إذ بات من الثوابت لديه أن يحمّل الآخرين مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان، لأنه لا يملك أي مادة حسّية تتحدّث عن أدنى إنجاز قدّمه هذا العهد، الذي تحكّم به باسيل منذ انطلاقته، رغم نصيحة أُسديت إلى رئيس الجمهورية من أحد مستشاريه، “نَجِّح عهدك فخامة الرئيس، بيوصل صهرك بشكل تلقائي”.
إلا أن العهد لم ينجح، لا بل فشل فشلاً ذريعاً، بشهادة الحلفاء والخصوم، والصهر بات في خبر كان بعد استبعاده بشكل نهائي عن كرسي الرئاسة.
فعن أي إنجاز بإمكان باسيل أن يتحدّث، عن السدود القاحلة؟ أم عن بواخر الكهرباء التي استنفدت كل مخزون مصرف لبنان من العملات الصعبة؟ أم عن أموال الناس التي نُهِبت؟ أم عن السمسرات والسرقات التي ارتكبت في هذا العهد، الذي لم يكلّف نفسه عقد، ولو اجتماع جدّي واحد، لدرء أخطار الإنهيار الذي أصاب اللبنانيين، الذين لم يتمكّنوا من الهجرة بعد.
بدا جبران باسيل ككتاب مفتوح أمام كل اللبنانيين، قرأوا فيه مشهد ما بعد 31 تشرين الأول، ومسيرة ميشال عون منذ العام 1988 إلى العام 2016، فباسيل “التلميذ النجيب”، يحاول أخذ لبنان إلى حيث أوصله عون قبله، فهو اليوم يُخيِّر اللبنانيين بين الإستسلام لشروطه الحكومية وحصوله على الثلث المعطٍّل الذي سيزيد من فرصه في مرحلة الفراغ من اعتلاء سدّة رئاسة الجمهورية، أو تحويل البلد إلى جهنّم، فهو قال بصراحة وبوضوح “يخطىء من يفكّر أن الحكومة الحالية ستستلم صلاحيات رئاسة الجمهورية”، الأمر الذي يفتح الأبواب على خيارات مجنونة، وتسليم البلد إلى الفوضى والفراغ، لأن خلفيات تفكيره بالطبع، ليست لصالح لبنان واللبنانيين، بل هدفه الأساسي مصالحه الشخصية، كما اعتدنا أن نراه.
لقد أثبت باسيل اليوم، أن مرشحه إلى الرئاسة الوحيد هو الفراغ، فهو يقود البلد إلى فراغ رئاسي لا يشبه الفراغ في حقبات سابقة، لأن الفراغ الذي يأخذنا إليه “الصهر” اليوم، يأتي في ظل انقسام عامودي في البلد، وأزمات إقتصادية وانهيار الليرة، ومن أولى تداعيات دخول لبنان إلى الفراغ في وضع الإنهيار الحالي، ستكون في ارتفاع سعر صرف الدولار الذي سيصل إلى مستويات خطيرة، كما لا يجب أن لا نستغرب أن يترافق هذا الفراغ مع توقّف الإتصالات والإنترنت وانقطاع البنزين والمازوت، وهذا ما سيقوم به جبران باسيل للضغط على اللبنانيين، خصوصاً وأنه يمسك بشركتي الخليوي “ألفا” و”تاتش”، وبقطاع المشتقّات النفطية.
جبران باسيل خَيّر اللبنانيين: “إما العيش في جهنّم، أو انتخابي رئيساً”، وهكذا أداء لا ينمّ عن مسؤولية أو عن أداء رجال الدولة، فهو يتصرّف وفق مقولة “من بعدي الطوفان”، والتجارب السابقة حاضرة في ذاكرة اللبنانيين أجمعين، وقد اختبروها مع عمّه منذ العام 1988 الذي دمّر المناطق المحرّرة، وأدخل البلد والمسيحيين في أزمة كبرى.
في المقابل، فإن غباءً سياسياً يمارَس من الفريق المقابل لباسيل، من خلال رفع شعارات طائفية، أن الحكومة موجودة، ولن يكون هناك أي فراغ، وإثارة الحساسية المسيحية، الأمر الذي يستفيد منه باسيل الذي يوظّف هذا الغباء السياسي للوصول إلى أهدافه.