انهيار قطاع الاتصالات: تعزيز مرتبة لبنان بين الدول الفاشلة؟!
يستفيق لبنان يومياً على مظهر جديد من المظاهر التي تثبت انهيار مقومات الدولة ومؤسساتها، ليخطو البلد خطوة إضافية إلى الوراء نحو “العصر الحجري”. وآخرها خبر توقف خدمات الإنترنت “بفعل الأعطال على شبكة “أوجيرو”، في حين أن موظفي الشركة ينفذون منذ أيام إضراباً كان أثّر سلباً على جودة الاتصالات والإنترنت. وفي ظلّ عصر التطور الذي يشكل فيه الإنترنت حاجة ضرورية لإتمام مختلف النشاطات الاقتصادية، ما هي مخاطر توقفه؟ وكيف يمكن أن تتأثّر الدورة الاقتصادية في حال عدم تأمينه؟
أستاذ الاقتصاد في “الجامعة اللبنانية” البروفسور جاسم عجاقة يؤكّد عبر “المركزية” أن “في المجتمعات العصرية يؤدي الإنترنت دوراً حيوياً على أكثر من صعيد، لا سيما في الاتصالات والتواصل الاجتماعي وأيضاً على المستوى الاقتصادي. بالطبع، هناك إستخدامات سيئة للإنترنت وعلى رأسها الجرائم الإلكترونية التي من المفروض مُكافحتها”.
ويشير إلى نوعين من التداعيات أولًا الاقتصادية: “استخدام الإنترنت يختلف حسب الدول، ففي بعضها يكون الإستخدام في صلب الماكينة الاقتصادية وفي أخرى يكون استخدامه خارج إطارها، مثلاً جوهر الاقتصاد الأميركي معتمد على الإنترنت والتكنولوجيا، بالتالي تتفاوت تداعيات توقف هذه الخدمة تبعاً للبلدان، لكنها تتعلّق بالدرجة الأولى بمدى اختراق الإنترنت penetration rate داخل النشاط الاقتصادي، علماً أن نسبة الاختراق تختلف بين قطاع وآخر بناءً على الخدمات التي يقدّمها، وكلّما كانت هذه النسبة مرتفعة كلما كان الضرر أكبر. في لبنان يعدّ الإنترنت حيوي بالنسبة إلى بعض القطاعات، كذلك المعاملات المالية مع الخارج international transactions تعتمد عليه مثلًا في القطاع المصرفي وحتى القطاع الاستشفائي يتأثر سلباً مثله مثل الشركات العالمية أو المحلية التي تعتمد أيضًا على برامج تتطلب توافر إنترنت. هذا إلى جانب مساهمة الإنترنت في التخفيف من كلفة النشاطات الاقتصادية لأنه يتيح مثلاً وسائل تواصل شبه-مجانية. بالتالي، توقف الإنترنت ليس من مصلحة أحد ويفترض بذل كلّ الجهود الممكنة لمنع حصول ذلك لا سيما في القطاعات الحيوية”، لافتاً إلى أن “وسائل التواصل القديمة ما قبل الإنترنت مثل الـ telex أو الـ fax مثلاً لم تعد موجودة ما يعني أنه أصبح مرادفاً للتواصل وبانقطاعه نعزل البلد عن العالم”.
الشق الآخر لديه تداعيات اجتماعية وفق عجاقة “وهي دائماً موجودة ومرتبطة بالاستخدام العام للإنترنت، وتحرم المواطنين من التواصل في الداخل ومع الخارج إلا أن ليس لها بالضرورة تداعيات إقتصادية، مثلاً إن توقف شخص عن استخدام الألعاب الإلكترونية بسبب الإنترنت لن يكون لذلك ضرر اقتصادي، لكنه سينزعج لأنه منع من الترفيه”.
وعن الخسائر الممكن ان تنتج عن توقف الإنترنت، يوضح ان “البلد في وضع اقتصادي متردي جدّاً ويتكبد أساساً خسائر (نمو إقتصادي سلبي) بغض النظر عن توافر خدمة الإنترنت من عدمها، بالتالي من الصعب تقدير حصة الإنترنت من الخسائر التي لديها وجهين: القيمة والضرر. فانقطاع الإنترنت عن بعض القطاعات يؤدي إلى توقف نشاطها كلّياً وبعضها يسجل خسائر بالأرقام وهذا ما يتطلب دراسات عميقة تعتمد على إحصاءات غير متوافرة”.
ويختم عجاقة “مشكلة الإنترنت واحدة من المشاكل التي تواجه المواطن والاقتصاد وتؤشّر إلى بدئ تحلل مؤسسات الدولة. من يدير قطاع الاتصالات فشل، في حين أن هذا الحق حصري للدولة، ما يعني أن توقف خدمات الإنترنت مؤشر من مؤشرات الدولة الفاشلة وهو بدأ يتحقق لأن الدولة اللبنانية غير قادرة على تأمين الخدمات العامة بغض النظر عن السبب. باختصار مع انهيار قطاع الاتصالات تخطو الدولة اللبنانية خطوة ثابتة نحو تعزيز مرتبتها بين الدول الفاشلة”.
المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: ليا مفرّج