تابعوا قناتنا على التلغرام
محليات

مشاهد “إخفاء” المياه في لبنان.. “جريمة” !

كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:

هي جريمة بالفعل، أن نتلمّس يومياً مشاهد “إخفاء” المياه في لبنان بهذا الشّكل، وهو البلد الغنيّ بثروته المائية، والذي شهد نسبة متساقطات ممتازة خلال موسم الشتاء الفائت. فبين حجّة الانقطاع الدائم في التيار الكهربائي، وعَدَم القدرة على توفير المازوت، و…، يشتري اللبناني مياهه، في بلد الثّروة المائية، وبعد أشهر من عواصف مُتلاحقة، زوّدت الأراضي اللبنانية بكميات هائلة من الأمطار والثّلوج.

ليس مُستغرباً إذا قُلنا إن “نقليات المياه” باتت تجارة مُربِحَة، وبمشاركة من بعض “الهيئات” الرسمية والمحليّة، في عدد من المناطق، وإن “مافيا المياه” تلتقي مع “مافيات” المولّدات، وغيرها من “المواهب” اللبنانية “الخبيرة” في “شفط” الناس. ولكن ما لا يجب القبول بتحويله الى أمر واقع، هو تحويل متساقطات لبنان، وثلوجه، وثروته المائية، الى تجارة لدى بعض الناس، تُخفي مياه الأمطار بحسب سياساتهم، وحاجاتهم، ومصالحهم، وتزوّد المناطق بها، كما يحلو لهم.

فنحن في بلد، يبدأ الفساد فيه بـ”نقليّة”، قبل أن يتطوّر الى كرة ثلج، تأكل “الأخضر واليابس”، ولا تترك من “يُخبر” في طريقها.

لفت مصدر خبير في الشؤون المائية الى أن “الانهيار عندما يحصل، ينسحب على كل شيء. ومن الطبيعي أن نشهد هذا النّوع من الشحّ في تزويد المنازل بالمياه، كنتيجة للحالة الصّعبة التي وصل إليها قطاع الطاقة في لبنان، منذ العام الفائت. فللعتمة الشاملة مفاعيلها في كل شيء، وانعكاساتها على كل شيء، سواء في المياه، أو الاقتصاد… وليس على مستوى زيادة أرباح “مافيات” المولّدات الخاصّة فقط”.

وأكد في حديث لوكالة “أخبار اليوم”، أنه “لو انصرفت الحكومات المتعاقبة في أزمنة ما قبل الأزمة، الى بناء وتحديث البنى التحتيّة الصالحة، لما كنّا شهدنا كل هذا الانهيار اليوم، ولكانت بقيَت المعالم الأساسية للدولة في لبنان موجودة”.
وشدّد المصدر على أن “اليونان، وفي مرحلة ما بَعْد أزمتها المالية والاقتصادية، بقيَت بعض القطاعات والبنى التحتية الأساسية، موجودة فيها، وهو ما مكّن شعبها من التعامل مع المحنة، رغم الضّيق الشّديد الذي أحسّ به”.

وأوضح: “صحيح أن اليونانيّين تأثّروا بالانهيار الذي شهدته أثينا قبل نحو 12 عاماً، وبارتفاع الأسعار، وبانخفاض قيمة الرواتب هناك آنذاك، إلا أن المدارس الرسميّة بقيَت موجودة وصالحة، وشكّلت وجهة لأولاد الكثير من العائلات، الذين انتقلوا من المدارس الخاصّة الى الرسمية، ذات الأقساط الأرخص. كما أن ارتفاع أسعار المحروقات هناك، أجبر كلّ الذين ما عادوا قادرين على استعمال سياراتهم، على الاستعانة بالنّقل المشترك. فضلاً عن أن المياه، والكهرباء، والخدمات الأخرى، ظلّت متوفّرة هناك، وبنسبة طبيعية ومقبولة، رغم الانهيار، بينما الانهيار اللبناني قضى على كلّ الفرص، وعلى كل المخارج، وعلى كل شيء تقريباً”.

وأشار المصدر الى أن “الشحّ المائي الذي نشهده في عدد من المناطق منذ أشهر، يعود الى غياب الكهرباء، والمازوت، وعَدَم توفّر المال، والى التعدّيات في بعض الأماكن…، وهذا صحيح. ولكن الأهمّ، هو أننا نفتقر الى البنى التحتية الأساسية لثروتنا المائية، وسط ثقافة التعاقُد مع “مافيات” المولّدات، أو مع “مافيات” المحروقات والمازوت، ومع الجهات السياسية والحزبية التي يتبعون لها. فهؤلاء كلّهم، مع الأحزاب والتيارات والجهات السياسية تلك، يتحكّمون بضخّ المياه، وبتقنينها، تماماً كما يتحكّمون بالمولّدات، وبقطاع الكهرباء، وبغيرها من القطاعات والخدمات في البلد”.

وختم: “تأخّر الوقت كثيراً للحديث عن وضع خطّة اليوم مثلاً، تغيّر هذا الواقع غداً. فنحن في بلد الخطط الكثيرة و”المُتخَمَة”، ومنذ عقود، من دون نتائج، لأن العبرة هي بالتّنفيذ، فيما لا قدرة على تطبيق أي شيء فعّال منها”.

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى