بعد التقلبات الكبيرة في عالم العملات الرقمية.. هل من مستقبل لها؟
كتب موقع “الحرة”: سجلت عملة بتكوين الرقمية خسائر جديدة، الأحد، لتتراجع إلى 19600 دولارا، قبل أن ترتفع من جديد إلى 20070 دولارا، لتعيد إثارة التساؤلات بشأ، أسباب تقلبات أسواق العملات المشفرة، ومستقبلها.
وكانت عملة بتكوين قد تراجعت إلى ما دون 20 ألف دولار يوم السبت، مقابل 25 ألف دولار في تعاملات الأسبوع الماضي، في مواصلة لخسائر هذه العملة الرقمية التي أدت لهبوطها بنحو 60 بالمئة عن أعلى مستوى بلغته هذا العام، وهو 48234 دولار، الذي سجلته في 28 مارس الماضي.
ولم تكن بيكوين وحدها التي سجلت تراجعا في قيمتها، حيث سجلت عملة إيثر، ثاني أكبر العملات المشفرة، انخفاضا جديدا بنسبة 2,76 بالمئة إلى 1467.2 دولار، أي أقل 41.60 دولار عن إغلاقها السابق
ويوضح أحمد صلاح، الخبير القانوني في شؤون العملات الرقمية والمشفرة يإحدى الشركات الأميركية المتخصصة في هذا المجال في العاصمة واشنطن إلى أن نموا غير متوقع للعملات المشفرة حدث وقت جائحة كورونا، من خلال الاستثمار فيها بشكل كبير سواء من خلال أفراد أو شركات، وضخ أموال كثيرة في هذا المجال، وهو ما دفع قيمة هذه العملات إلى أرقام قياسية.
وحول سبب الانخفاض في أسعار هذه العملات، من أعلى نقطة في نوفمبر الماضي، حيث كان حجم السوق ثلاثة تريليون دولار، حتى وصل الآن في حدود تريليون دولار أو أقل، يوضح صلاح في تصريحات لموقع الحرة أنه “عندما بدأ الاقتصاد يتراجع، والفائدة تزداد، انسحب البعض من هذا القطاع عالي الخطورة إلى فائدة الحكومة التي توصف بأنها “صفر مخاطر”، خاصة أن الكثير من الناس كانوا يتعاملون مع العملات المشفرة على أنها ملاذ آمن مثل الذهب”.
وأضاف أن من ضمن الأسباب الكبيرة التي أدت إلى تراجع السوق، أن عملة تيرا التي كان يمكن تحويلها للدولار سقطت وأصبحت قيمتها صفر، فتم مسح 60 مليار دولار من الاستثمار، وهو ما أدى إلى صدمة في السوق، حيث كانت تلك المرة الأولى التي نرى فيها انهيار لعملة مشفرة.
وأشار إلى أن سقوط تيرا أدى إلى سلسلة من الانهيارات الأخرى وإفلاس بعض الشركات والمنصات العاملة في مجال الإقراض، ورهن العملات المشفرة، أبرزها “فيوجر” و”سلزيوس نيتوورك” وهما من أكبر اللاعبين العاملين في هذا القطاع، ما زاد من الضغط على الأسعار وازدياد حالة الاستقرار والثقة في السوق، خاصة لدى صغار المستثمرين.
على سبيل، قررت بعض الشركات مثل “سلزيوس” و”فيوجر” تجميد حسابات المودعين، وهو ما أدى إلى صدمة كبيرة في القطاع وانخفض سعر البتكوين حينها في أسبوع واحد بيونيو الماضي بشكل صاروخي، من 28 إلى 19 ألف دولار مرة واحد قبل إفلاس هاتين الشركتين.
ويرى صلاح أن “السبب الأكبر في انخفاض العملات المشفرة حاليا، هو التوقعات برفع الفائدة مرة أخرى من البنك المركزي الأميركي الذي أعلن أن زيادته السابقة لن تكون الأخيرة، حتى يسيطر على التضخم”.
لكن الأكاديمي والخبير الاقتصادي، نجم الدين كرم الله، يرى في حديثه مع موقع “الحرة” إلى أن “التقلبات بطبيعة الحال حدثت في كل العملات. هناك تقلبات في أسعار عملات الدول، وأسعار الغاز والبترول والبتكوين مثل أي عملات أخرى وأي سلعة ومواد للتعامل في الاقتصاد، لكن قد تكون التقلبات بالنسبة للبتكوين أكبر لأن وضعها حساس وفيها خطورة عالية”.
وأضاف: “هناك تخوف بالطبع لأنه شيء جديد وهناك تخوف لدى كثير من الناس وهناك الكثير لا يفهمونها”.
وجاء انخفاض بتكوين بعد يوم ضعيف للبورصات، الجمعة، إذ نزلت مع تراجع وول ستريت وإغلاق مؤشراتها الرئيسية الثلاثة بانخفاض أكثر من ثلاثة بالمئة.
وأوضح كرم الله، أن التقلبات في أسعار العملات المشفرة، “ناتج عن عوامل جيوسياسية وحروب، وتقلبات اقتصادية وحدوث تضخم وتقلبات السوق”.
وجاء الانخفاض في أسعار العملات المشفرة، بعد أن أعرب صندوق النقد الدولي، الأحد الماضي، عن مخاوفه من أن العملات الرقمية قد تكون حافزا على عدم الاستقرار المالي. كما تناول الصندوق مشكلة ارتباط البورصات الآسيوية بهذه العملات.
وقال “هذه العملات باتت واقعاً لايمكن التخلي عنه ولا يمكن أن تختفي بصورة مفاجئة”، مشيرا إلى أنها “ستكون العملة المستقبلية للعالم إذا اعترفت بها الدول”.
وأضاف: “سيكون لها مستقبل دون شك، بشرط أن تعترف بها الدول وأن تضع لها قوانين وضوابط”.
يتفق معه صلاح حيث يؤكد أن العملات المشفرة “كتقنية ستظل باقية وستتطور لأن كثيرا من الحكومات تعمل على ذلك، وستصبح على مستوى التطبيقات داخل القطاعات البنكية في العديد من الدول، لأن “البوك تشين” سيحدث طفرة على قطاعات كثيرة، منها القطاع المالي”.
يتوقع صلاح من جهته أن يشهد السوق فترة من التقلبات وعدم الاستقرار، وسيأخذ فترة للتعافي، متوقعا أن تتدخل بعض الحكومات في الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة لوضع قوانين أكثر صرامة فيما يخص مراقبة هذه العملات، وضمان حقوق المستثمرين ومنع غسيل الأموال، “لأن الدول تأخذ قضايا غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب كأحد الأولويات لحماية أمنها بشكل عام”.