تراجع قياسي في استهلاك البنزين ومحطات تقفل أبوابها بـ انتظار الدولرة !
على وقع ارتفاع سعر صرف الدولار إلى مستويات قياسية، ومعه ارتفاع أسعار المحروقات، بدأ معظم اللبنانيين بالبحث عن الحلول البديلة للحد من مصاريف استهلاك البنزين التي تخطت حدود العقل والمنطق، حتى وصل متوسط الاستهلاك اليومي في العام 2021 إلى 328 ألف صفيحة يومياً وانخفض في العام 2022 إلى281 صحيفة يومياً أي بتراجع مقداره 47 ألف صفيحة ونسبته 14.3% وفق دراسة لـ “الدولية للمعلومات”، ما يعني أن سوق المحروقات في لبنان متجه نحو مزيد من التأزم.
ورغم تراجع الاستهلاك سُجّل في الأيام القليلة الماضية ارتباك في سوق المحروقات ترجم بتقنين في التوزيع من بعض شركات المحروقات من جهة وإقفال محطات أخرى فيما فتحت بعض المحطات أبوابها وسط ازدحامات تعيدنا إلى مشهد الطوابير. فهل تتفاقم الأزمة؟
عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان جورج البراكس يؤكد لـ “هنا لبنان” أنه وبحسب الدولية للمعلومات تراجع استهلاك البنزين في لبنان حوالي ٤٧ ألف صفيحة يومياً، وهو أمر متوقع ويعود لسياسة التقشف التي اعتمدها اللبناني في حياته اليومية بسبب غلاء الأسعار وتراجع قدرته الشرائية، ما دفع العديد منهم إلى الاستغناء عن السيارات في تنقلاتهم اليومية.
وفي وقت كثر فيه الحديث عن تسعير صفيحة البنزين بالدولار يرد البراكس: “وزارة الطاقة والشركات المستوردة للنفط تبلّغت قرار الاستمرار بخفض نسبة الدعم على البنزين لتصبح 55 في المئة حسب منصة صيرفة و45 في المئة على سعر السوق السوداء، بعدما كانت 70 في المئة على صيرفة و30 في المئة على سعر السوق السوداء، هذا من ضمن سياسة رفع الدعم التدريجي التي ستدفعنا نحو الدولرة، موضحاً أن نسبة 45% ستصبح 100% بالمئة”.
ويشدّد البراكس على “ضرورة أن يكون البنزين تماماً كما السلع الاستهلاكية حيث تسعر بالدولار والمستهلك يدفع ثمنها كما يريد ولكن وفقاً لسعر الصرف اليومي في السوق السوداء. والأهم من كل ذلك أن يتمكن أصحاب المحطات من استرداد ما دفعوه بالدولار ثمن الكميات المباعة لكي يتمكنوا من إعادة تكوين مخزونهم. فالفروقات التي نشهدها بجدول الأسعار بين سعر الدولار المحتسب وكلفة شرائه لدى الصرافين تكبدهم خسائر كبيرة”.
وعن أزمة بنزين محتملة وعودة مشاهد الطوابير بعد أن شهدت مناطق عدة إقفالاً لمحطات البنزين مؤخراً، يقول: “الطوابير توجد عندما تكون كميات البنزين في المحطات لا تلبي حاجة الأسواق، الأمر الذي يعود لأسباب عدة أولها الحرب الروسية الأوكرانية واتجاه الدول الاوروبية نحو دول حوض البحر المتوسط وأفريقيا لتأمين احتياجاتها من النفط وهو ما يصعّب إمكانية توفر البنزين للعديد من الدول ومنها لبنان”.
ويضيف: “حتى اليوم ما زالت الشركات المستوردة قادرة على الصمود والاستمرار بالاستيراد هذا بالنسبة للبنزين أما بالنسبة لمادة المازوت فيعاني المستوردون من نقص الكميات المتوفرة في الأسواق الدولية لأن الدول الأوروبية تسعى إلى تأمين مخزونها قبل الشتاء وبالتالي تكون هذه الكميات قد سحبت من درب اللبناني، فإن انسحب هذا الوضع على مادة البنزين أيضاً، عندها يمكن أن يعود مشهد الطوابير إلى المحطات”.
ويلفت إلى سبب آخر لعودة الطوابير وهو عدم وضع آلية تحمي أصحاب المحطات من الخسائر في حال فرض عليهم الشراء بالدولار والبيع بالليرة.
ويرى البراكس أن أفضل الحلول يكون عبر تسعير صفيحة البنزين بالدولار وعندها يستطيع المستهلك دفع ثمنها بالليرة على أساس سعر الصرف في السوق السوداء كي تستطيع هذه المحطات استرداد الدولارات التي دفعتها مقابل شراء المحروقات ولتغطية مصاريف الكلفة التشغيلية التي تتكبدها أثناء التوزيع.
أما بالنسبة لسعر الصفيحة عند الدولرة فيجيب بأنّ سعر صفيحة البنزين يخضع لعوامل عدة منها سعر برميل النفط العالمي وسعر الدولار في السوق السوداء محلياً. فكلفة الصفيحة المستوردة اليوم 16 دولار تقريباً من دون الرسوم والضرائب والعمولات والنقل وهي تمثل %83 من السعر الرسمي”.
إذاً، ارتفاع الدولار يدفع الشركات المستوردة إلى تقنين التوزيع تحت وطأة الارتفاع المتواصل لأسعار الدولار في السوق السوداء وعلى منصة صيرفة، ما يصعِّب عملية تحديد الأسعار التي سيتم التسليم والبيع وفقها فهل يتم تحرير سعر صفيحة البنزين بالدولار مطلع أيلول المقبل؟
المصدر : ناديا الحلاق – هنا لبنان.