رسالة السيد لعون : لتغادر القصر في هذا التاريخ !
سُئِلَ مسؤول بارز سابقاً تربطه علاقات مباشرة بـ “حزب الله”: ما هو الموقف الذي سيتّخذه الحزب فيما لو قرر رئيس الجمهورية ميشال عون البقاء في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته في نهاية شهر تشرين المقبل؟ فأجاب جازماً: “لن يقبل الحزب بقاء الرئيس عون في القصر الرئاسي بعد انتهاء ولاية الأخير أيًّا تكن المبررات والأسباب.”
هذا الجواب الذي أدلى به هذا المسؤول السابق أرفقه بمعلومات حول نقل الحزب هذا الموقف إلى دوائر الرئاسة الأولى التي تعيش حاليًّا حالاً من التوتر نتيجة اقتراب موعد نهاية ولاية الرئيس عون وانسداد الأفق أمام وريثه النائب جبران باسيل كي يحظى بتأييد “حزب الله” كي يكون مرشّحه لكي يخلف الرئيس الحالي في الانتخابات التي سيجريها البرلمان بدءاً من أوّل أيلول المقبل.
ويتشعب الحديث مع المسؤول السابق حول احتمال أن يتكرر سيناريو تمسك الجنرال ميشال عون بالبقاء في “قصر الشعب عام 1988، فيعيد الرئيس عون الكرّة عام 2022. وخلال إستعراض الاحتمالات كافة، يلفت المسؤول نفسه الانتباه إلى أن الظروف التي سمحت لقائد الجيش قبل 34 عاماً كي يتمسك بالبقاء في القصر الرئاسي بصفته رئيساً للحكومة العسكرية آنذاك، لم تعد قائمة. ففي المرة السابقة، كان هناك الحليف العربي أي الرئيس العراقي صدام حسين في زمن سطوته يقف مع العماد عون في كل الخطوات التي اتّخذها لا سيما البقاء في قصر بعبدا متحدّيًا شبه الإجماع الداخلي وكذلك متحدّيًا المؤتمر العربي والدولي في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية عام 1989.
أما اليوم، يؤكد المسؤول السابق، أنّ الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله لن يكون في موقع الرئيس العراقي الأسبق فيقف إلى جانب عون الرئيس، كما كان صدام إلى جانب عون الجنرال.
إلى أي مدى يمكن الركون إلى هذه المعطيات التي يمتلكها المسؤول السابق، خصوصاً وأنّ هناك أمثلة عدة حول ازدواجية موقف “حزب الله” في المواقف التي يتخذها من حليفه منذ إبرام التفاهم المشترك بينهما في شباط 2006؟
يجيب صاحب هذه المعطيات قائلاً إنّ قناة الاتّصال الأساسية بين مقر قيادة الحزب في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت ودوائر الرئاسة الأولى في قصر بعبدا نقلت موقف نصر الله الواضح إلى عون بشأن ما يثار من لغط حول احتمال بقاء رئيس الجمهورية الحالي في مقره الرئاسي بعد انقضاء ولايته في نهاية تشرين الأول المقبل. وفي هذا الموقف، تأكيد صريح أنّ “حزب الله” لن يكون إلى جانب عون في حال بقي في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته، وبالتالي، يجب على الأخير عدم انتظار أي مساندة من الحزب في حال نشأت، كما هو متوقع، حملة رفض واسعة داخليًّا وخارجيًّا ضدّ مخالفة عون للدستور.
ويمضي الحديث مع المسؤول السابق بفرضيات قد تتحقّق، ومنها أنّ الرئيس عون واستناداً إلى ماضيه المعقّد، قد لا يأبه بموقف الأمين العام لـ “حزب الله” الرافض لخرق الدستور، وبالتالي يطلّ الأول من تشرين الثاني المقبل، ولا يزال عون في قصر بعبدا. عندئذ ما هو الموقف المحتمل الذي قد يتّخذه نصر الله؟
يجيب المصدر نفسه، قائلاً: جرياً على عادة زعيم “حزب الله”، سيكتفي الأخير بالقول أنّه حاول ثني حليفه ولم يفلح، وهو يعتبر نفسه قد قام بما يجب عليه القيام به، وسيترك الموضوع لكي يحسم مع الأيام طالت أم قصرت.
يضيف المصدر: من المؤكّد أنّ “حزب الله” لن يعترض على قيام حملة رفض لبقاء عون في قصر بعد انتهاء ولايته، قد يتصدّرها رئيس مجلس النواب نبيه بري بصفته الرسمية كرئيس للمؤسسة الاشتراعية، وكذلك بصفته السياسية كرئيس حركة “أمل” التي تمثّل الشطر الثاني في الثنائية الشيعية مع “حزب الله”.
كما أنّ حملةً سيقودها الرئيس بري ستجد أطراف كثر ينضوون تحتها وتحديداً حليف بري الوثيق، زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. عندئذ سيدرك الرئيس عون أنّ “حزب الله” قد تخلّى عنه ولو بصورة غير مباشرة، الأمر الذي يعني أنّ سيد العهد الحالي سيكون معزولاً بكلّ ما في الكلمة من معنى، ما يمهد الطّريق أمام اعتبار هذا السلوك الرافض لمقتضيات الدستور، بمثابة تمرّد، ويجب التعامل بكل الوسائل التي تفرضها مواجهة التمرد.
أغلب الظن أنّ رئيس الجمهورية، يدرك أنّ عزلته سياسيًّا قد تعرّضه لمواجهات تفقده كلّ تأييد ما زال يحظى به حاليًّا لدى جزء من الرأي العام. لكن في المقابل، هناك من يقول، أنّ حلول الأوّل من تشرين الثاني المقبل من دون أن ينال رئيس “التيار الوطني الحر” أي مكسب سياسي يمكن استثماره لاحقاً، معنى ذلك أنّ التيّار قد انتهى، وتالياً انتهى الإرث السياسي الذي حاول العهد مراكمته في الأعوام الستة من عمره، وهذا يطرح احتمال لجوء التيار إلى مغامرة لخلط الأوراق وإثارة الفوضى، ما يعني أنّ لبنان سيتّجه إلى مجهول أشدّ حلكة من واقع معلوم أوصل لبنان فعلاً إلى قعر الجحيم كما قال يوماً الرئيس عون بنفسه.
المصدر : أحمد عياش – هنا لبنان.