باسيل “يتسلّى” بمصير لبنان!
يتعامل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بجرأة مفرطة مع ملف تشكيل الحكومة، إذ بات اليوم يمضي في مسار تعطيلي فاقع من دون الحاجة حتى الى التحايل اعلامياً كي يوحي بأنّ لا يد له في الجمود الحكومي الحاصل. فباسيل الذي يسعى لأن يكون صاحب القرار في التأليف متخطّياً صلاحيات الرئيس المكلّف
نجيب ميقاتي ومتعدّياً على الدستور والقانون، “يتسلّى” بلبنان من خلال معارك “دونكيشوتية” متجاهلاً واقع الانهيار الكبير.
بات معلوماً أن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لا يرغب بتشكيل حكومة في هذه المرحلة لأسباب سياسية، ولكن بعيداً عن الخوض في هذه الاسباب، يبدو واضحاً حجم استخفافه بالرأي العام اللبناني المتضرّر من التعطيل في ظلّ أخطر أزمة مرّت على البلاد وعدم القدرة على الخروج من قاع الانهيار. “فصهر العهد” الذي أتقن منذ دخوله المعترك السياسي فنون التعطيل بكّل أشكاله، يبدو أنه لا يزال يملك ترف الوقت للتلهّي بالمعارك الوهمية وإصدار البيانات التي تخدم واقعه السياسي والشعبي وكأن البلاد بألف خير والإنقاذ على مرمى حجر من “العهد” الذي شارف على نهايته.
باسيل المتخبّط بمشاكله الداخلية والدولية، يعيش أزمة “انجازات” يحسب أن أحداها إسقاط تشكيل حكومة إنقاذ برئاسة ميقاتي، لأن رئيس الحكومة المكلّف بات يشكّل أبرز خصومه السياسيين على الاطلاق، ذلك بعد رفضه أن يساوم أو أن يخضع للشروط التي سعى رئيس “التيار” الى فرضها في محاولة لضمان “العهد” المقبل في جيبه “الكبير”، ما دفع بباسيل الى شنّ هجمات اعلامية متتالية ضد ميقاتي ورمي كرة التعطيل في ملعبه.
لكنّ “مدلّل القصر” نسي أن ذاكرة الناس باتت حقودة، لا سيما بعد حراك 17 تشرين الذي أطلق نيرانه بوجه “العهد” ورئيس “التيار الوطني الحر” الذي تعطّلت “كرمال عيونو” البلاد، فكانت عبارة “عمرا ما تتشكل حكومة” نهجاً استمرّ طوال سنوات في كل مرة رفض فيها رئيس حكومة مكلّف استحواذ باسيل على سلّة حقائب يشترطها، أو إعطاءه مقعداً وزارياً او تقديم الثلث المعطّل له على طبق من ذهب، أو عدم القبول بتعيينات “الانتفاع والتنفيع” التي كان يصرّ عليها في صلب مطالبه. وكل ذلك يأتي بمعزل عن تعطيل القرارات داخل مجلس الوزراء طمعاً بالمحاصصة، إذ إن هذه اللعبة هي من إحدى مواهب باسيل التي أبدع بها خدمة لمكاسبه الشخصية والتي أدت اليوم مثلا الى صفر ساعة كهرباء!
وعلى هذا المنوال يستمرّ النائب جبران باسيل بأسلوب المماطلة والتعطيل من دون كلل أو ملل، ويساهم بذلك بتمديد الأزمة وتعميقها، ويلعب دوراً سلبياً ليس فقط على مستوى تشكيل الحكومة الجديدة بل يعرقل أيضاً مسار حكومة تصريف الاعمال، هو الذي أدخل الحكومة قبل الانتخابات النيابية في إشكاليات سياسية عطّلت كل المشاريع الانمائية.
كل هذا التعطيل الممنهج وأكثر، وباسيل يصرّ على اتهام رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي “بالتسلّي”، هو الذي ما بين الشروط والمقايضات والمكاسب، تسلّى بمصير بلد بأكمله وغامر بمستقبل شعبه، في محاولات لإحكام قبضته على السلطة والتحكّم بمفاتيحها السياسية لمرحلة ما بعد انتهاء عهد الرئيس
ميشال عون في حال تعذّر إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، غير آبه بالانهيار الذي لا تبدو له نهاية في ظلّ مساعي باسيل للهيمنة على الحكم.