من يطلب جنسية لبنانية؟
نفى مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية خبر منح الرئيس ميشال عون الجنسية اللبنانية للسيدة زينب سليماني ابنة قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني.
وكان المكتب إياه قد نفى سابقاً التقرير الذي نشرته صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية وتحدثت فيه عن فضيحة بيع جوازات سفر لبنانية يتقاسم أرباحها أربعة من كبار المسؤولين اللبنانيين.
ومعروف أيضا أن تطبيق القانون يفرض تبرير منح الجنسية بإثبات «الخدمات ذات الشأن»، كالاستفادة من خدمات عالم أو خبير اقتصادي قادر على إنقاذنا من الضلال الجهنمي الذي نحن فيه أو انضمام بطل رياضي في كرة القدم أو كرة السلة إلى المنتخب اللبناني ليؤمن له الوصول إلى الفوز في مباريات عالمية.
لكن من يطلب الحصول على «الجنسية اللبنانية « بعد وصول لبنان إلى أعمق أعماق جهنم؟؟
يبدو أن هناك من يطلب ويجد من يلبي الطلب…
لذلك، وقبل أربعة أعوام، حصل المقربون من النظام الأسدي في لبنان على الجنسية، ومنهم من تشملهم العقوبات الأميركية لتمويلهم هذا النظام المتهم بإبادة شعبه وبأكثر الجرائم ضد الإنسانية فظاعة.
وليس مهماً أن تبقى عملية اختيار المستفيدين من مراسيم التجنيس التي تمنحهم الجنسية اللبنانية غامضة من حيث انتقاء هؤلاء والمعايير المعتمدة، وليس مهماً أن المبالغ الكبيرة التي تدفع للحصول على الجنسية لا تذهب إلى الخزينة العامة…
المهم أن الانحياز واضح لأصحاب المال والنفوذ عند منح الجنسية. ذلك أن عائدات البيع التي تتراوح بين 300 و400 مليون يورو، تبرر كل ما يخالف القانون، لا سيما أن البضاعة خفيفة نظيفة… ورفس النعمة حرام.
والفضيحة لا تقدم ولا تؤخر، يكفي الإعلان عن فتح تحقيق، سرعان ما تتم لفلفته، ويوضع في أدراج النسيان ولا يستكمل، كما هي الحال في كل الصفقات التي لا لزوم لمحاسبة مرتكبيها لأنهم أكبر من القانون.
ولأن العهد القوي وعدنا بأن يسلِّم البلد أفضل مما تسلَّمه، قد يردّ أحدهم بأن علينا أن نشكر من يقبل الحصول على «جنسية لبنانية»… لا سيما إن كان رجل أعمال ثرياً سيدفع ضرائب تحرك عجلة الاقتصاد وتنعش الأحوال المالية.
وحتى قبل تفجير صحيفة «ليبراسيون» الفضيحة، كانت قد نشرت معلومات قبل أربعة أشهر في صحيفة «الشرق الأوسط» نقلاً عن مصادر مطلعة بشأن «استدراج عروض لمتمولين سوريين يهمهم الحصول على جواز السفر اللبناني مقابل أموال طائلة تدفع لقاء هذا الامتياز»… وقالت إن «عشرات المتمولين السوريين يهمهم الحصول على جواز السفر اللبناني، الذي يمنحهم حرية التحرك في ظل العقوبات الدولية، تحديداً الأميركية التي تطال النظام السوري والمقربين منه»، ولفتت إلى أن «الجنسية اللبنانية تحرر هؤلاء إلى حد كبير في عملية التحويلات المالية في الخارج».
بالتالي، الشغل ماشي و»شبهة الصفقات المالية» ماشية.
أما الاستنسابية التي تُعتمد في عملية اختيار الراغبين بالحصول على ما يفترض أنه حقهم الطبيعي، فهي تستبعد من يحتاجها فعلا من مكتومي القيد أو من أولاد الام اللبنانية والأب غير اللبناني، فمثل هذه الحالات الإنسانية لا يملك أصحابها المبالغ الطائلة التي ينافسهم بها الأثرياء الساعون لشراء الجنسية اللبنانية التي تسهِّل لهم شرعنة ارتكاباتهم.
وإثارة الفضيحة ليست ما يعرقل هذه الصفقة، لكن التجاذب السياسي بين أصحاب التوقيع المطلوب، قد يطيح النعمة. اللهم إلا إذا غلَّب هؤلاء المصلحة على الخلاف ووعوا أن الفرصة قد لا تتكرر…