تابعوا قناتنا على التلغرام
اقتصاد ومال

مودعو لبنان “بين نارين”: اقتحام البنوك والقضاء الدولي

“خذوا حقكم بإيدكن”، دعوة وجهها المواطن اللبناني بسام الشيخ حسين من داخل “فيدرال بنك” في بيروت، اختصر بها حال آلاف المودعين الذين ضاقوا ذرعاً بالقيود غير القانونية التي تفرضها المصارف التجارية بصورة أحادية.

دفعت الحادثة إلى التكهن باتجاه لبنان نحو مرحلة جديدة من الفوضى بسبب تبدد الآمال من إمكانية إعادة الودائع لأصحابها، إلى جانب تراجع الثقة بمؤسسات إنفاذ القانون.

من أخذ الآخر رهينة؟

شكل مشهد احتجاز ثمانية أشخاص داخل أحد المصارف للوهلة الأولى صدمة كبيرة داخل المجتمع اللبناني وحظي بتغطية إعلامية غير مسبوقة، لكنه سرعان ما تحول إلى حال من التعاطف مع الشاب بسام الشيخ حسين الذي احتجز المصرف وديعته.

وجاءت المحاولة لتشي بنمط جديد من تعاطي المودعين مع البنوك، بعد أن استهل هذا النمط المودع عبدالله الساعي الذي أجبر أحد البنوك الخاصة “BBAC” في البقاع على رد وديعته في 18 يناير (كانون الثاني) 2022، في ما تبرز المخاوف من تكرار هذا الفعل في ظل حال الاضطراب التي يعيشها القطاع المصرفي، والتعثر في إيفاء الحقوق لأصحابها بسبب شح الأموال، وغياب التشريعات التي تمنح المصارف الحق في تقييد حركة السحوبات والودائع، مما يجعل كل الإجراءات التي تتخذها المصارف بحق المودعين مخالفة للقانون الذي يضمن حرية الرساميل.

وكانت “جمعية مصارف لبنان” علقت الإضراب الذي سبق أن أعلنته في الثامن من أغسطس (آب) بسبب توقيف أحد المديرين التنفيذيين لمصرف تجاري، إذ حملت الجمعية السلطة السياسية والقضائية مسؤولية استمرار الأزمة و”الدعاوى الكيدية” ضد المصارف.

تعرض الإضراب لانتقادات واسعة، إذ واجهت المصارف اتهاماً باتخاذ المواطنين رهائن، فيما اعتبرت الجمعية في بيان أصدرته، 10 أغسطس، أن “الأزمة التي يشهدها القطاع المالي والمصرفي اللبناني نظامية نتيجة سياسات عامة تتحمل مسؤوليتها الدولة”.

كما فوضت الجمعية مجلس إدارتها إجراء الاتصالات السريعة في شأن تسريع صدور القوانين المتعلقة بخطة التعافي المطلوبة دولياً. وطالبت القضاء بالتأكد من صفة المدعين واحترام قواعد الاختصاص وصلاحيات المراجع القضائية، واتخاذ التدابير التحفظية على الأشخاص والأموال استناداً إلى أسس قانونية “سليمة ومبررة”، بحسب البيان.

بسام استعاد جزءاً من حقه

حاولت “اندبندنت عربية” الحصول على تعليق “جمعية المصارف” حول حادثة احتجاز رهائن داخل أحد فروع المصارف الخاصة، لكن الجمعية تمسكت بـعدم التعليق، كما رفض مرجع قضائي الرد على الاتهامات الموجهة إلى القضاء اللبناني بعدم إنصاف المودعين، مشدداً على أن المواقف الرسمية في هذا الشأن تصدر عن مجلس القضاء الأعلى.

أما عاطف (شقيق بسام) فيؤكد أن شقيقه اقتحم المصرف بعد أن ضاقت به السبل، فمنذ أسابيع طالب البنك بجزء من وديعته البالغة 210 آلاف دولار من أجل علاج الوالد الذي يدخل بصورة متكررة إلى المستشفى وتسديد بعض الديون، لكن المصرف لم يتجاوب وظل يماطل ويؤجل.

ودعا عاطف المشككين في كلامه إلى زيارة منزلهم في الأوزاعي لمعاينة حال الوالد والعائلة، مضيفاً “شقيقي باع كل شيء، ولم يبق لديه إلا الوديعة ليصرف منها”. وبحسب عاطف، فإن شقيقه حصل على 30 ألف دولار تقريباً من وديعته، وهو مبلغ ضئيل قد لا يكفي لتسديد الفواتير المستحقة عليه، موضحاً “كان الاتفاق خلال عملية التفاوض على أنه عندما يفرج عن الرهائن ويسلم نفسه، يتجه إلى الفصيلة الأمنية ليتم التحقيق معه لمدة ربع ساعة ويطلق سراحه لاحقاً، لكن تم توقيفه ولم تتمكن العائلة من مقابلته حتى الساعة”.

ومساء الجمعة، انتشرت أخبار عن بدء بسام إضراباً عن الطعام للمطالبة بإطلاق سراحه فوراً.

محامون يتبرعون للدفاع

في موازاة ذلك، تطوع عدد من المحامين للدفاع عن بسام، وقال المحامي رفيق غريزي عضو مؤسس في “رابطة المودعين”، إن “واقعة الاستيلاء على أموال الناس في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 جريمة لم يسبق لدولة أن فعلتها”.

وأشار غريزي إلى أن “بسام لم يرتكب جرم سطو مسلحاً، ولم تتوفر لديه نية السرقة، وكل ما حدث أنه لجأ إلى كل الطرق القانونية التي وجدها مقفلة في وجهه، فما كان منه إلا أخذ حقه بالذات”.

ورفض غريزي اتهام بسام بأخذ رهائن، لافتاً إلى أن الأخير “فصل المدير عن الموظفين الذين تابعوا عملهم بصورة اعتيادية وطبيعية. وقام بتقديم القهوة إلى الزبائن والحاضرين، كما أنه أكد خلال التحقيق أنه لم يتعرض لهم، وأبلغهم عدم وجود مشكلات مع الموظفين”.

وتابع غريزي، أنه “لو قام القضاء بموجباته، ما كنا لنرى حال بسام”، مستدركاً “طالما أن القضاء لم ينصف المودعين، فقد نرى ألف بسام والحبل على الجرار”.

يكشف غريزي أنه “تم استجواب بسام، ولم يتم الادعاء عليه حتى الآن من المصرف أو الموظفين، وقد اختتم التحقيق وأحيل إلى المدعي العام التمييزي الذي يتجه إلى اتخاذ قرار بالادعاء وتحديد المواد الجرمية، فإما أن يقرر ترك بسام أو يحيله موقوفاً إلى قاضي التحقيق، ومن ثم سيقرر قاضي التحقيق إصدار مذكرة توقيف بحقه، أو قرار بالترك”.

القضاء الدولي وجهة المودعين

إلى ذلك، توجه بعض المودعين إلى رفع دعاوى في الخارج بسبب عدم قدرتهم على تحصيل ودائعهم بقيمتها الحقيقية من دون اقتطاعات، ويقدر غريزي حجم الودائع المتبقية للمودعين في المصارف بـ100 مليار ليرة لبنانية (0.066 مليار دولار). ويتوقع أن يصدر القضاء البريطاني حكماً جديداً في دعوى أحد المودعين اللبنانيين يدعى “ج. ب” خلال أيام ضد أحد البنوك التجارية الخاصة بقيمة 2.5 مليون دولار، وحكم آخر ضد مصرف تجاري آخر في نوفمبر (تشرين الثاني).

المصدر : بشير مصطفى – أندبندنت عربية.

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى