قضية نبيلة عيدان | التحقيق مع زوجها مستمر والأهل يرفضون فرضيّة الانتحار !
مضى 12 يوماً على مقتل نبيلة عيدان (34 عاماً) في ظروف غامضة داخل منزلها الزوجي في بلدة السنديانة في منطقة الدريب، عكار. عائلة نبيلة وهي أم لأربعة أطفال، ما زالت بانتظار انتهاء التحقيقات الأمنية مع زوج الضحية، لاعتقادها بحصول “جريمة مكتملة الأركان، قام بها م. ح، زوج ابنتنا”، الموقوف منذ الأمس رهن التحقيق لدى مخابرات الجيش في الشمال أي بعد 11 يوماً من الجريمة.
وتشير مصادر مطلعة على التحقيق إلى أنّ الضابطة العدلية في عكار تحرّكت فور تبلّغها بالجريمة، واستعانت بمكتب الحوادث في قوى الأمن الداخلي من أجل الكشف المهني على المنزل حيث قضت الضحية، مؤكدة أنّ الأمر يتوقف على النتائج العلمية للمختبرات الجنائية التابعة للشرطة القضائية، لتحديد مدى توافر الشبهات بحق الزوج، علماً أن هذا الأخير أحيل للتحقيق لدى مخابرات الجيش تحت إشراف النيابة العامة العسكرية، كونه عنصر في الجيش اللبناني.
في موازاة التحقيقات، تجهد لجان الصّلح في القرية لتهدئة النفوس بين أهل نبيلة والزوج، ومحاولة منع أي ردود فعل انتقامية، وإعلان التمسّك بالقانون ومرجعية القضاء لتكون له الكلمة الفصل.
حفل الخطوبة تحوّل إلى مأتم
فجْر الجمعة 29 تموز 2022، تغيّرت حياة عائلة عيدان إلى الأبد. يعتقد الأهل أنّهم لن يتجاوزوا ما حصل بسهولة، هم الذين كانوا يجهّزون لحفل خطوبة شقيق نبيلة، فجاءتهم ابنتهم البكر بالكفن، بعدما تيتّم أبناؤها الأربعة.
تروي الوالدة أم نبيل آخر لحظات قضتها مع ابنتها: “قبل يومين، رحنا ع البيرة (قرية مجاورة للسنديانة) للتحضير لخطبة ابني، اشترينا أحذية لأبنائها الأربعة، وفناجين قهوة وقهوة وضيافة”. لكن فرحة نبيلة “لم تكتمل للأسف” تقول الأم “أخدها الموت”.
تخبر أم نبيل عما حدث صباح يوم الجمعة 29 تموز: “الساعة ستة ونصف الصبح تلفن زوج نبيلة وطلب منا نلاقيه ع المستشفى، رحنا بسرعة ونحن مش عارفين شي”. يقسم أبو نبيل، والد نبيلة، أنّه أكمل ارتداء ملابسه وهو في الطريق إلى السيارة متّجهاً نحو مستشفى السلام في القبيّات: “أصرّ علينا نروح، لكنه لم يخبرنا بما جرى، اعتقدنا أن أحد الأطفال كسر رجله، أو أن أحدهم مريض”، مضيفاً “بالمستشفى لقيناه قاعد بالصالون، وليس عليه أي إشارات انفعال أو صدمة”. بادرهم بالقول “نبيلة ماتت”.
تسبّب الخبر بحالة من الذهول لدى العائلة التي استعادت العلاقة المتوتّرة بين الزوجين، علاقة تفتقر للمودة والرحمة، لتوصف من قبل الأهل بـ “الاستعباد”، “الخوف”، والاستبداد”.
رفض الأهل فرضية الانتحار
ترفض عائلة نبيلة فرضية “الانتحار” التي يسوّق لها الزوج، فابنته “إنسانة متعلّمة ومؤمنة ولا يمكن أن تقوم بهكذا فعل”، كما أنّها كانت كلّما حاولوا إقناعها بالانفصال عن زوجها، بهدف “تحريرها منه”، كانت جهودهم تصطدم بتمسّك الأم برعاية أولادها الأربعة، 3 صبيان وبنت واحدة تتراوح أعمارهم بين 13 سنة و7 سنوات، يقيمون حالياً مع الأب. ليطالب بـ “كشف الحقيقة سريعاً وفق تحقيق شفاف، ومنع العبث بمكان الجريمة”.
يقول أبو نبيل “كنت أقنعها بالطلاق منه، لكنها كانت تجيب يا أبي لمن أترك أولادي من سيهتم برعايتهم من بعدي؟”. ويضيف “مرة كانت زعلانة، ومقرّرة طلب الطلاق، كان يتّصل فيها مراراً وتكراراً، ويعطي التلفون لابنها الصغير ليكسر قرارها”.
كما يشكو أهل الضحية من الحياة التي كان يفرضها الزوج على نبيلة وأبنائها “كان يجبرهم يعتنوا بالغنم خلافاً للحياة التي اعتادت عليها في الماضي، كما كان يحرم الأطفال من الذهاب إلى المدرسة من أجل رعي الماشية”. وتتهم الوالدة أم نبيل زوج الضحية بأنه “صاحب أفلام”، وحسب السيدة “كان يحرم أبناءه من الدراسة، أما بعد مقتل والدتهم فقد قام بتسجيلهم في المدرسة الصيفية”، كما أنّه منذ سنوات أشاع أنّ نبيلة حاولت الانتحار من خلال تناول جرعة زائدة من الدواء، إلّا أنّ ابنتهم نفت هذه الرواية في حينها. كما أنّه “جاء عند وفاتها بفستان اشترته قبل أسبوع من أجل خطوبة شقيقها، وطلب تكفينها به بحجة أنّها أوصته بذلك”.
أمام اختلاف الرواية بين أهل الضحية الذين يرجّحون فرضية القتل بسبب الخلافات الزوجية، ورواية الزوج التي تؤكد انتحار نبيلة، يرفض الطبيب الشرعي حسن عدوية الذي كشف على الضحية نبيلة عيدان في مستشفى السلام في القبيات بناء لإشارة قضائية، الحديث عن نتائج تقريره الطبي، متمسكاً بالسرية المهنية وعدم القدرة على كشف تفاصيل ما توصل إليه، لأنه “أمر غير مستحب”. وبرأيه تقرير الطبيب الشرعي ليس الدليل الوحيد الذي يمكن البناء عليه للوصول إلى الحقيقة، و”إنما هو عنصر من عناصر مختلفة موجودة في الملف لاستكمال التحقيق”. في المقابل تفيد مصادر طبية أنّ نبيلة أصيبت بطلق ناري من سلاح حربي في الصدر، أدى إلى اختراق القلب والصدر، وخرج من الظهر ناحية اليسار، ومن مسافة ملامسة”.
حالة غليان
يعيش أهل الضحية حالة من الغليان، ويلفت الوالد إلى أنّه يبذل جهوداً متكرّرة مع أبنائه لمنعهم من أي رد فعل انتقامي. ويكرّر أبو نبيل تمسّك العائلة بجلاء الحقيقة وتطبيق القانون بحذافيره، مطالباً بعدم العبث بالأدلة وبمكان الجريمة لأنّ “المسدس تعرّض للعبث، وكذلك لم تتواجد دماء في مكان الحادثة”. ويستغرب ما وصفه بـ “التساهل مع الزوج الذي كان يمارس حياته الاعتيادية”، قائلاً “كان يروح ويجي على دراجته النارية، ويمر من أمام المنزل وكأن شيئاً لم يكن، فيما كانت ابنتنا تحت التراب”. ويؤكد أنّه وأولاده “أبناء المؤسسة العسكرية وليسوا من دعاة الثأر”.
من ناحية أخرى، كلّفت عائلة الزوج رئيس بلدية السنديانة علي حمد (ابن عم الزوج) مهمة تبريد الأجواء. وبعد تواصله مع عائلة نبيلة، يجزم حمد التزام العائلة بترك القانون يأخذ مجراه، وإنزال العقوبة بحق الزوج، في حال ثبُت أنه الجاني”.
وينقل حمد عن الزوج روايته التي تقول “صباح الجمعة، كان في القبو، أسفل المنزل، يهتمّ بالأغنام وبرفقته أحد أبنائه، فسمع طلقاً نارياً من سلاح حربي. عندها هرع إلى الأعلى ليجد نبيلة أرضاً، ومصابة بطلق ناري في الصدر، وعندها قام بنقلها مباشرة إلى المستشفى لإسعافها، إلّا أنها فارقت الحياة”. ورداً على سؤال حول العلاقة المتوترة بين الزوجين، يُقر رئيس البلدية بذلك، ليؤكد أنّه بذل “مساعي صلح متكررة بين الزوجين للحفاظ على العائلة، وعدم تشريد الأطفال الأربعة”.
ينتظر حمد أيضاً نتائج التحقيق من قبل مديرية المخابرات في الشمال، لأنّ كشف حقيقة الجريمة “كما هي، ضروري للسيطرة على الوضع وعدم الوقوع في مصيبة أكبر بسبب دسّ الفتن بين العائلتين”، كاشفاً عن “دخول المرجعيات الدينية والأعيان وكبار السن للسيطرة على الوضع وضبط ردود الأفعال”.
المصدر : بشير مصطفى – المفكرة القانونية.