تابعوا قناتنا على التلغرام
محليات

لبنانيون يروون معاناتهم بعد سنتين من انفجار مرفأ بيروت: سنتان على الفاجعة والجروح لم تُشفى بعد !

عامان مرّا على انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب دون حصول الكثير من العائلات على تعويضات مادية لترميم منازلهم واستكمال علاجهم، ما ضاعف معاناة اللبنانيين الذين يرزحون تحت وطأة أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية.

الانفجار الذي راح ضحيته نحو مئتي وثماني عشر شخصاً بينهم مواطنون من لبنان، وسوريا، ومصر، وإثيوبيا، وبنغلادش، والفيليبين، وباكستان، وفلسطين، وهولندا، وكندا، وألمانيا، وفرنسا، وأستراليا، والولايات المتحدة وجرحِ أكثر من ستة آلاف آخرين، أصيب مئتين منهم على الأقل بإعاقات جسدية، وألحق أضراراً بـ 77 ألف شقة، فهجّر أكثر من 300 ألف شخصاً، وترك آثاراً على حياة اللبنانيين ودماراً وخراباً شاملين.

ورغم أنه تمّ إصلاح بعض المساكن التي تضررت أو دُمِّرت في الانفجار، فإنّ عدداً هائلاً من الأسر ما زالوا ينتقلون من وجهة إلى أخرى، للحصول على التعويضات المالية لإعادة ترميم وتأهيل منازلهم لكن دون جدوى، فهم ما زالوا يشتكون من عدم حصولهم من الدولة على أي تعويض، ما دفع قسماً كبيراً منهم إلى الترميم على نفقتهم الخاصة أو الاستعانة بالجمعيات الإنسانية التي سجلت بياناتهم وبقيت حبراً على ورق.

إهمال سياسي أو قضائي أو إداري، النتيجة واحدة انفجرت بيروت ببحرها ومخازن مرفئها، وسقطت البيوت على رؤوس ساكنيها، بهذه الكلمات يعبر خليل زحلاوي من منطقة المدور عن وجعه قائلاً: شفنا الموت بعينينا بلحظة وخربت بيوتنا بلحظة، موجات الصدمة لن تزول ورغم مرور سنتين ما زلنا نشعر بأن الانفجار وقع بالأمس، مطالباً الحكومة بالكشف عن حقيقة ما جرى في 4 آب 2020 ومن يقف وراء هذا الحادث وبالتعويض على المتضررين الذين لم يروا دولتهم ولو مرة تمد لهم يد العون أو تساندهم في مصابهم.

زحلاوي خسر جنى عمره بلمح البصر، بعد أن جمع ماله “بالشبر والندر” وقع الانفجار الذي لم يُبقِ ولم يذر فدمر مبنى تجارياً يملكه، وآخر سكنيّاً وقدرت خسائره بمليون دولار.

ورغم المساعدات التي قدمت للمتضررين إلا أنه لم يحصل على أي تعويضات أو مساعدات وما زالت معاناته مستمرة، فشركات التأمين تنتظر نتائج التحقيقات فيما الدولة غائبة متجاهلة وجع عائلات الضحايا والمتضررين الذين فقدوا منازلهم ودُمرت حياتهم.

تشرّد زحلاوي وعائلته من منزله وهو يقطن اليوم في منزل عائلته في الأشرفية ولم يبقَ أمامه سوى خياران إما الرحيل إلى الخارج بحثاً عن شمس مشرقة تضمن مستقبل أولاده وإما التأقلم مع الواقع المر.

وفي منطقة الجميزة، عمر جديد كتب للمرأة السبعينية كاترينا ديب التي أبت روحها أن تفارق جسدها العليل وقت وقوع الانفجار الذي رمى بها من على الشرفة إلى المطبخ.

استعادت كاترينا وعيها لتجد نفسها عالقًة تحت ركام المطبخ المهدّم فوقها، ومصابة بإصابات بالغة في رأسها وساقها وقدمها من جراء الزجاج المتطاير الذي خرق جسدها، وبقيت ليومين لا تستطيع سماع شيء.

كاترينا التي نقطن اليوم في منزل ابنتها في منطقة زحلة بسبب الدمار الذي لحق بمنزلها ولم تتمكن من إصلاحه، ما زالت تعاني من وجعين وجع التّشرد ووجع الجراح التي لم تلتئم فهي أيضاً تعطلت إحدى كليتيها بعد الانفجار بسنة، واليوم تطرق كل الأبواب من أجل الحصول على مساعدة مادية لترميم منزلها من جهة وتأمين تكاليف علاجها من جهة أخرى.

بحزن وأسى تقول كاترينا: “حولوني من إنسانة متعلمة كانت تعمل في إحدى مؤسسات الدولة إلى إنسانة متسولة أطرق أبواب منظمات الإغاثة بحثاً عن الطعام والمساعدات المادية”.

حال مارينا نعمان ليس أفضل بكثير، فهي أيضاً من بين المتضررين في منطقة الجميزة حيث أن الانفجار دمر منزلها بأكمله، ومعه تدمرت حياتها. فهي كانت تعمل في مجال الخياطة قبل الكارثة التي أخذت منها كل شيء وجعلتها مشردة وعاطلة عن العمل.

وتقول إن أحداً لم يأت لإزالة الأنقاض أو ترميم المنزل، وتلقت المساعدات الخجولة فقط من أقاربها وجيرانها وهي حتى اليوم ما زالت تنتظر وعود الجمعيات الخيرية إذ باتت طلباتها تنحصر بتأمين الماء والكهرباء وماكينة خياطة تعتاش منها.

وتضيف: لم أطلب المساعدة يوماً من أحد، ولكن اليوم أعيش على الصدقات، فضيق الحال زاد من معاناتي ووجعي، وتأسف لأنها تعيش في بلدٍ تغيب عنه أبسط حقوق العيش بكرامة، خصوصاً بالنسبة لكبار السن والعاجزين عن العمل.

جروح انفجار 4 آب النفسية ما زالت مفتوحة، سنتان على الفاجعة، وحتى الساعة، لا تحقيق أُنجز ولا حقيقة ظهرت ولا مسؤولية حُدّدت، ولا عدالة نُفّذت. ليبقى الوجع وجعين: وجع فراق الأحبة، ووجع الضرر النفسي لمواطنين خسروا كل شيء.

المصدر : ناديا الحلاق – هنا لبنان.

 

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى