تابعوا قناتنا على التلغرام
مقالات مختارة

هل طلب “باسيل” تغيير قائد الجيش !!

لا حكومة. نتيجة بديهية لقواعد الاشتباك الصداميّة المعتمدة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، ولغياب مؤشّرات الضغط الدولي للسير بـ”حكومة Now” قبل حلول أوان الاستحقاق الرئاسي.

تشير آخر المعطيات إلى أنّ مطلب ميشال عون إضافة ستّة وزراء دولة من أصحاب البروفيل السياسي إلى حكومة الـ 24 سيُضيف عقدة جديدة من أحد أوجهها إصرار الفريق العوني على أن يسمّي رئيس الجمهورية الوزراء المسيحيين الثلاثة، بسبب رفض القوات والكتائب وكتلة نواب التغيير المشارَكة في الحكومة، وهو أمر مرفوض بالكامل من قبل ميقاتي.

لكنّ مصدراً مطّلعاً على مداولات الكواليس يرى أنّه “لم يعد جائزاً النظر إلى الأزمة الحكومية من زاوية الحقائب والتوزيعات وأسماء الوزراء واقتراح توسيع الحكومة. فهذه جزئيّات بسيطة ضمن مسار عامّ مرتبط بجزء منه بقرار خارجي يبدأ بالحكومة واستحقاق رئاسة الجمهورية، ولا ينتهي بتحديد هويّة قائد الجيش المقبل والتركيبة الأمنيّة المقبلة على مستوى رؤساء الأجهزة ومصير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وكبار القضاة، وعلى رأسهم رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود، وأيّ خيار سيعتمده لبنان حيال التعافي المالي والاقتصادي وترسيم الحدود البحرية…”.

إنّها سلّة معقّدة ومتداخلة لا خارطة طريق واضحة حيالها. فحتّى الآن لا معلومة مؤكّدة مثلاً حول فرض النائب جبران باسيل على الرئيس نجيب ميقاتي، من خلال رئيس الجمهورية، تعيين بديل عن قائد الجيش العماد جوزف عون وحاكم مصرف لبنان باعتبار ذلك مدخلاً إلى الحلحلة الوزارية. فموقف عون وباسيل من رياض سلامة معروف، والمناشدات علنيّة لتطييره فوراً، وخلال مشاورات التأليف تحدّث باسيل مباشرة مع ميقاتي بالموضوع، لكنّ الموقف من قائد الجيش ملتبس.

من المؤكد أنّ التسريب حيال هذين الشرطين يأتي من جانب ميقاتي وإحدى المرجعيات الرئاسية في سياق استمرار “شيطنة” إدارة باسيل للمرحلة على مسافة أشهر قليلة من انتخابات رئاسة الجمهورية، والإيحاء بأنّه يريد إقصاء قائد الجيش من المعادلة الرئاسية.

في هذا السياق يَبرز معطى يفرض نفسه: إذا كانت كلّ الظروف والمعطيات تحلّل “قبع” رياض سلامة من مكانه (المحميّ حتى الآن من جزء كبير من المنظومة) فما هي الحجّة التي يمكن أن يقدّمها الفريق العوني لتعيين بديل الآن عن جوزف عون؟ وبأيّ منطق يُعيَّن قائد جيش جديد قبل انتخاب رئيس جمهورية عادةً ما يدخل بعبدا ثمّ يبدأ بتركيب عُدّة شغله، ومن ضمنها قيادة الجيش؟ وهل يمكن إلزام رئيس جمهورية جديدة بقائد جيش لم يكن لديه أيّ رأي في اختياره؟

من هو قائد الجيش الجديد؟

هكذا تبدو معادلة جوزف عون-سلامة مقابل الحكومة غير منطقية. مع ذلك، بدأ منذ الآن الحديث عن “خليفة” جوزف عون في قيادة الجيش في حال انتخاب الأخير رئيساً للجمهورية أو حتى انتخاب مرشّح آخر.

هامش الأسماء ضيّق ويتمحور بشكل أساس حول ضابطين من دورة 94 هما الأوفر حظّاً حتى الآن. لكنّ حظوظهما ستتضاءل إذا لم يتمّ انتخاب جوزف عون رئيساً للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، أي بين 31 آب و31 تشرين الأول، وإذا طالت نسبياً فترة الفراغ الرئاسي.

لذلك سيُدخل عدم انتخاب رئيس وبقاء قائد الجيش الحالي في موقعه حتى نيسان 2024، تاريخ إحالته إلى التقاعد، أسماء أخرى حتماً إلى دائرة المنافسة. في هذا السياق لا بدّ من الإشارة إلى أنّ ثمّة اقتراح قانون قدّمه “اللقاء الديمقراطي” يتيح تأجيل تسريح العسكر لمدّة سنتين، ويمكن في حال إقراره أن يشمل قائد الجيش إذا شاءت الظروف السياسية ذلك.

يحتاج عملياً انتخاب جوزف عون إلى تعديل دستوري للمادّة 49 التي تنصّ على أنّه “لا يجوز انتخاب القضاة وموظّفي الفئة الأولى وما يعادلها… مدّة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان استقالتهم وانقطاعهم فعليّاً عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد”.

يبدو التعديل الدستوري، الذي يحتاج إلى ثلثَيْ أعضاء مجلس النواب، مستحيلاً في ظلّ الظروف الراهنة ربطاً بالتغيير الذي طرأ على تركيبة البرلمان، والذي أوصل رئيس مجلس نواب بأكثريّة الصوت الواحد، وكلّف رئيس حكومة بثقة هزيلة جدّاً.

لكن منذ الآن يُطرح احتمال اعتماد “تخريجة” عام 2008 التي ابتكرها الرئيس نبيه بري من وهج اتفاق الدوحة، لانتخاب قائد الجيش السابق ميشال سليمان، إذ تمّ الركون إلى المادة 74 من الدستور للتنصّل من تعديل المادة 49.

“مخرج” المادة 74

تمّ الاستناد يومذاك إلى المادة 74 التي تتحدّث عن “خلوّ منصب الرئيس بسبب الوفاة أو الاستقالة أو أيّ سبب آخر، ما يحتّم الاجتماع للحال دونما دعوة من رئيس المجلس حتى”. بذلك تمّ تجاوز المادة 73 التي تنصّ على الآتي: “قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدّة شهر على الأقلّ أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناءً على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد، وإذا لم يُدعَ المجلس لهذا الغرض فإنّه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس”. ومن المعلوم أنّ انتخاب سليمان أتى بعد سنتين ونصف من الشغور الرئاسي.

إذاً يفترض تطبيق “اجتهاد” المادة 74 أن يسبقه شغور رئاسي بغضّ النظر عن مدّته، وهو خيار محتمل في ظلّ حالة الفوضى القائمة، وهو ما يعني مغادرة ميشال عون قصر بعبدا ليل 31 تشرين الأول من دون القدرة على انتخاب خلف له، فتُترك زمام القيادة لحكومة تصريف الأعمال الحالية أو حكومة أصيلة (بتعديل وزاري محدود) تحول عقبات كثيرة حتى الآن دون ولادتها، إضافة إلى تحكّم الاستفزاز المتبادل بعملية التأليف.

جوزف عون هو أحد المرشّحين المحتملين لرئاسة الجمهورية ضمن باقة أسماء تتوسّع للمرّة الأولى بهذا الشكل نحو مرشّحين بعيدين عن المدار المُتعارف عليه على لائحة الترشيحات. والأيام المقبلة كفيلة بتسليط الضوء عليها أكثر ربطاً بالمهلة الزمنية القصيرة الفاصلة عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

يقول أحد السياسيين مازحاً: “إضافة إلى دور جوزف عون الذي كان محوريّاً في حماية الجيش وتوفير متطلّبات العسكر في أصعب وأخطر مرحلة تواجه الداخل اللبناني منذ التسعينيّات، فإنّ “الإنجاز” الأهمّ ربّما هو علاقته المقطوعة منذ مدّة طويلة مع النائب جبران باسيل على خلفيّة عدم سماح القائد له بتحويل المؤسسة إلى واحدة من مكتسباته السياسية”.

المصدر : أساس ميديا.

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى