نوّاف سلام يَقتحم مقرّ نجيب ميقاتي!
لم تنجح كل محاولات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في جعله مرشّحاً توافقياً يمتطي خيل السراي الحكومي وينطلق نحو ولاية جديدة، بل العكس، حيث هبط السفير نواف سلام واقتحم مقرّ ميقاتي وبعثر الخطط والترتيبات التي أعدّها. الرجلان أصبحا في حلبة واحدة لإقامة نزال “التكليف” بينهما في القصر الجمهوري يوم غد الخميس.
من الواضح أن هناك تدخلاً من قبل السفير السعودي وليد بخاري، لتسويق إسم نواف سلام، وفق مصادر قوى 8 آذار، رغم وجود اعتراضات حتى من داخل فريق ما يسمّى المعارضة والتغيير، لكن هناك توجهاً لرفع مستوى التصعيد في وجه “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، ما يطرح تساؤلات حول مسار الإشتباك القادم والسيناريوهات التي تنتظر لبنان.
لا بدّ من معرفة أن مسألة ترسيم الحدود واستخراج إسرائيل للغاز من بحر عكا، لا تسير خارج المحددات العامة للتدخلات الدولية بشأن الحكومة الجديدة، كما أن المنظور الذي وضعته المملكة العربية السعودية، يتعمّد تسويق عامل المواجهة بطرح إسم سلام في البازار الحكومي.
الغطاء المطلوب من حزبي “الإشتراكي” و”الكتائب” وربما “القوات اللبنانية” وغيرها من القوى السياسية سيتيح اشتباكاً حول قضايا تعتبرها الولايات المتحدة الأميركية، أساسيةً لإشغال “حزب الله” وإنهاكه في الداخل، خصوصاً أن الحزب وبعض حلفائه يفضّلون ميقاتي لتبريد الإحتقان وعدم الوصول إلى توتر إضافي على خلفية انتخاب رئيس الجمهورية القادم.
في حال فاز سلام على ميقاتي وهو أمرٌ صعب للغاية، سيصبح المشهد الحكومي معقد أكثر، لا بل ستنخفض حظوظ التأليف لأن الثنائي الشيعي لن يشارك في حكومةٍ رئيسها سلام، وبالتالي تصبح الحكومة فاقدةً للميثاقية، وهذا ما دفع بعض النواب المستقلّين إلى السير بميقاتي تجنباً للفراغ والصراعات السياسية التي يسبّبها تكليف سلام. والأمر اللافت هو ما يتردد في الصالونات السياسية أن “حزب الله” سيكون في المعارضة في حال كُلّف سلام على أن تشارك حركة “أمل” وحدها، لكن هذه تبقى فرضيةً غير واردة.
ما يجعل ميقاتي متقدماً على سلام، هو حصول رئيس تيّار “العزم” على أصوات معظم النواب السنّة، ما يعطيه شرعيةً سنّية غير متوفرة لسلام، إضافة إلى أن ميقاتي يحظى بغطاء من دار الفتوى والمفتي الشيخ عبد اللطيف دريان ونادي رؤساء الحكومة السابقين، وهذه المؤشرات قد تدفع “القوات اللبنانية” إلى عدم تسمية سلام تناغماً مع التوجّه السنّي الوطني.
وفق ما ذُكر، إن النواب السنّة المستقلين هم الرافعة التي ستُبقي ميقاتي في السراي الحكومي، وقد تنزع عنه التهمة أنه حليف “حزب الله”، باعتبار أنه سينال أكثر من 20 صوتاً سنياً من أصل 27، لكن في جميع الأحوال يبقى سيناريو التكليف أسهل بكثير من مسار التأليف.