الدواء المهرّب على رفوف الصيدليات.. والبيع بالدولار
كتبت رجانا حمية في “الاخبار”: يوماً بعد آخر، يزداد اليقين بأن الحلول الجزئية في ملف الدواء لم تعد تسدّ حاجة المرضى إلى أدويتهم. كلّما طالت الأزمة، وامتدّت معها الحلول الترقيعية، زادت الفوضى في القطاع إلى الحد الذي بات فيه «طبيعياً» أن نجد تسعيرتين للدواء نفسه: واحدة رسمية وهي التي تضعها وزارة الصحة العامة بالليرة اللبنانية، وأخرى غير رسمية فرضها تجّار السوق السوداء بالدولار. واليوم، بما أن طريق استيراد الأدوية مقطوع بسبب عدم إفراج مصرف لبنان عن أموال الدعم وانقطاع أدوية أمراضٍ أساسية منها السرطان، انفتح الباب على الفوضى، حيث بدأت تكبر لائحة الأدوية المهرّبة والمزوّرة والمغشوشة، حتى وصل الأمر بالبعض إلى بيعها خارج الصيدليات!
وفي الصيدليات أيضاً، ومنها صيدليات كبرى، لم يعد بيع الأدوية المهرّبة يتمّ «من تحت الطاولة»، فقد باتت تفرد رفوف لتلك الأدوية، وبات بيعها علنياً وبالدولار الفريش. ولم يعد هذا الأمر يجري بالتخفّي عن المعنيين بالقطاع، وتحديداً وزارة الصحة… وإنما بعلمهم.
بات التعاطي مع قضية تهريب الأدوية ــــ ومحاولة تشريع بيعها ــــ يتم على قاعدة أن «اللي جبرك ع المرّ هو الأمرّ»، إذ دفع فقدان الدواء بعض الجهات إلى التخفيف من الإجراءات التي باتت اليوم تأتي بنتائج معكوسة. ففي الوقت الذي تُبقي فيه وزارة الصحة العامة عملها قائماً على صعيد القيام بجولات تفتيشية على الصيدليات وضبط المخالفات، إلا أنها من الناحية الأخرى «لم تعد قادرة على خنق السوق، إذ إنها لا تستطيع أن تمنع من الحصول على أدوية بتلك الطريقة في الوقت الذي يتأخر فيه مصرف لبنان عن صرف الأموال وفي الوقت الذي لا توجد فيه أدوية في السوق»، على ما تقول مصادر متابعة. وهو ما تحذو حذوه على ما يبدو الأجهزة الأمنية، من خلال «التغاضي» عما قد يدخل من أدوية، سواء ضمن الأمتعة الشخصية أو بعناوين أخرى. حتى إن بعض أصحاب الصيدليات بدأوا هم أنفسهم بالسعي لشراء الأدوية بتلك الطريقة «إما من أصحاب الشنط أو بالسفر وجلب ما نحتاج إليه»، على ما يقول أحد الصيادلة.
وبغضّ النظر عن التساهل الذي يبرّره البعض بضمان حصول المرضى على أدويتهم، إلا أن ما يجب أن يسأل هنا: من الذي يضمن أمن المواطن الدوائي؟ من الذي يضمن جودة تلك الأدوية؟ فكيف السبيل إلى التأكد منها في ظل مرورها بتلك الطريقة الملتوية وفي ظل غياب مختبر مركزي لفحصها؟