العدالة مقرونة بالرحمة… ماذا حصل في الشمال؟
مرّات قليلة التي يَخلع فيها القاضي ثوْب “الحاكم” ليتعاطى من باب الإنسانية مع المحكوم، لكن ذلك لا يعني أنْ يُخالف القانون، بل إنه يساهم بتطبيق القانون بمساهمة شخصية إنسانية تضيف طلب العدالة ما يُسمى الرحمة.
ولم تَكن المرّة الأولى التي يُطبق القاضي داني الزعني هذه “المتلازمة” في عمله،خصوصاً في الظروف الصعبة التي يُعاني منها فقراء طرابلس، ويبادر إلى إصدار أحكامه بحقّ هؤلاء ويقوم في الوقت عينه بدفع كفالة موقوف فقير الحال.
وهذه المرّة كان الواجب الإنساني مُضاعفاً على القاضي الزعني لأنّ الموقوف كان قاصراً دون الخامسة عشر من عمره، ومدّعى عليه بسرقة مبلغ 800 ألف ليرة ليَقتات، كونه متروك من اهله على قارعة الطريق.
فقام التحقيق في الشمال بالإستعاضة عن توقيفه بكفالة دفعها من جيْبه وأخلى سبيله في اليوم نفسه، وهذا ما حدا بالمحامية سيرين الرافعي التي كُلفت بالتوكل عنه من قبل نقابة المحامين في الشمال، إلى إعطاء القاصر ضعفَي الكفالة مساعدةً منها له.
وكرَّت سبحة النخوة والرحمة فطلب أحد عناصر السوق من القاضي الزعني أنْ يسمح له بمُراقبة القاصر بموجب قرار قضائي، كونه يسكن في إطار الفصيلة التي يخدم فيها.
وتجاوب النائب العام بالتكليف القاضي زياد الشعراني مع قرار الزعني، ووافق على إخلاء سبيل القاصر في اليوم نفسه.
هذا هو القضاء الذي يجب أن يتم تعميم مفهومه على سائر القضاة والمحاكم في لبنان، هذه هي الإستقلالية الخارجة عن المفاهيم السياسية إلى رحاب القانون والرحمة معاً، وليس الزبائنية في إصدار الأحكام التي شوَّهت صورة القضاء، ولبنان ليس بحاجة إلى قوانين أو إلى رعاية سياسية له لبنان بحاجة الى قضاء نزيه وتطبيق معادلة العدالة والرحمة، وما أثبته القضاء في هذه الواقعة إلّا أننا لا نفتقد قضاة من هذا النوع بل نُعاني من سياسة تقوّض القضاء.
المصدر : ليبانون ديبايت.