جدري القرود | هنا تبدأ مرحلة “الغزو” وماذا عن لبنان !
في مؤتمر ميونخ للأمن فى اذار 2021، أعاد العالم الحديث عن مرض “جدري القرود” “Monkeypox” بعد تقرير نشرته مؤسسة “بيل غيتس”، توقعت فيه تفشي الوباء في منتصف ايار من العام 2022، وهو ما حدث بالفعل، ما يعيد سيناريو فرضيات “تهجين” الفيروسات الى الواجهة والتحكم بقواعد اللعبة الصحية في العالم.
ففي الصفحة 10 تحديداً من تقرير “بيل غيتس” تمت الاشارة الى انّ “جدري القرود” سيبدأ فى الانتشار فى 15 ايار 2022، وسيصيب 3.2 مليار إنسان، مع الحديث عن التأثير المدمر الذي يمكن أن يتسبب به حدث بيولوجي من هذا النوع. ودعا التقرير وقتها إلى توفير تمويل دولي لأجل التأهب للوباء واتخاذ تدابير لتعزيز القدرة على المقاومة.
وبغض النظر ما اذا كان الفيروس ظهر بفعل عوامل طبيعية وحيوانية او بتصنيع بشري في معامل بيولوجية، الا أنّه لا يمكن التعامل مع المرض اليوم الا من الناحية الصحية لتدارك خطورة الازمة المستجدة، بعدما دخل العالم مجددا في سباق اللقاحات، وسط تحذيرات من منظمة الصحة العالمية، على الرغم من تأكيد المنظمة مؤخراً أنه من الممكن السيطرة على تفشي جدري القرود ووقف انتقال العدوى بين البشر، وهو ما يُعد تطوراً مطمئناً على مستوى البشرية.
ماذا عن لبنان؟
اسئلة كثيرة باتت تُطرح على مستوى الفيروس، عن العدوى، العوارض، الخطورة، وخصوصاً ما اذا كنا امام سيناريو جديد لموجات كورونا القاتلة. في لبنان، لا يزال الوضع تحت السيطرة، عملانياً يمكن التأكيد بأنّه “لا داعي للهلع”، ولكن الانفتاح العالمي على البلدان الخارجية تبقي الخطر قائماً.
يجيب الاخصائي في أمراض الرئة الدكتور باسم جمعة في حديث لـ”لبنان 24” عن هذه التساؤلات مؤكداً في البداية انّه لا يمكن التعاطي صحياً مع جدري القرود تبعاً لاي اعتبارات فيما اذا كان خضع للتصنيع ام لا، “كأطباء نتعاطى مع الفيروس كحالة معدية ويجب العمل على رفع الوعي لدى الناس”.
وعن الفيروس يقول: “هو نوع من الجدري العادي، ولكنّه أكثر اعتدالاً ومن الامراض النادرة جداً خارج افريقيا. ومؤخراً تم اكتشاف حالات في اوروبا واستراليا وكندا، واللافت انّ تلك الحالات كانت لاشخاص لم يسافروا الى افريقيا. من هنا يقوم مراقبو الصحة في دول العالم بمتابعة ظهور المزيد من الحالات، ولليوم يمكن القول انّ المخاطر لا تزال منخفضة لان عدد الاصابات قليل”.
وعن العوارض، يشير جمعة: “تبدأ العوارض بالحمة اي ارتفاع الحرارة، تعب في العضلات، بردية، وطبعاً يبدأ الطفح الجلدي بالظهور على شكل حبوب في الوجه بداية ومن ثم ينتقل الى كامل الجسم”. وبالنسبة الى فترة حضانة الفيروس، “فترة الحضانة تبدأ منذ لحظة العدوى وقد تستمر من 5 ايام الى 3 اسابيع. وعادة بعد 4 اسابيع يُشفى المريض تماما، ولا تُسجل حالات وفاة الا للاشخاص الذين يعانون ضعفاً كبيراً في المناعة”.
مرحلة الغزو
من هنا، يقسم المرض الى مرحلتين: مرحلة الغزو وتستمر لـ5 ايام، حيث تظهر الحرارة على المريض اضافة الى التعب وخصوصاً في عضلات الظهر، والتضخم في الغدد اللمفاوية. امّا المرحلة الثانية فتكون مع بداية الطفح الجلدي وذلك بعد 3 ايام على ظهور الحرارة. وغالباً ما تنتشر الحبوب بنسبة 75% على الوجه وتنتقل الى مختلف انحاء الجسم وخصوصاً اليدين والقدمين. وبعد 5 الى 10 ايام تبدأ الحبوب بتعبئة المياه ومن ثم تمتلأ بنوع من السائل الاصفر، وبعدها يبدأ المريض بالشفاء”.
وعن الفرق بين الاصابات بالجدري من النوع العادي وجدري القرود، يشير جمعة الى انّ الفروق تظهر مع تضخم الغدد اللمفاوية عند المريض، وهنا يمكن التمييز بين انواع الجدري.
فهل تفيد لقاحات الجدري العادية في الوقاية من جدري القرود؟، يجيب جمعة: “حتى الان المعلومات المتوفرة، تفيد بأنّ لقاحات الجدري الموجودة لديها فعالية ضد جدري القرود. وطلب في هذا الاطار المركز الاوروبي للوقاية من الامراض المعدية ، عزل المصابين وتلقيح المخالطين ضد الجدري”.
رفع الوعي
وجدري القرود حيواني المنشأ، وسُجلت اول اصابة في العام 1970 لطفل عمره 9 سنوات في الكونغو. وفي العام 2003 سُجلت اصابة في اميركا، وفي ال2005 تم تسجيل اصابات في السودان، وفي العام 2009 وجدت حالات جديدة بين لاجئين من الكونغو، وتم التبليغ في العام 2016 عن حالات بينها حالات وفاة في افريقيا الوسطى.
وبحسب جمعة ينتقل الفيروس عبر الاحتكاك المباشر مع المصاب، وبالتالي فانّ الاهم هنا هو رفع الوعي عند الناس، “لا خطورة لغاية اليوم في لبنان، ولكن لا نعلم ما قد يحصل وما اذا كان سيتكرر سيناريو كورونا”.
المصدر: خاص “لبنان 24”