طلاب ومتخرجون من الكليات والمعاهد الشرعية يصدرون بياناً لمحاربة الزواج المدني!
صدر عن “طلاب ومتخرجون من الكليات والمعاهد الشرعية” البيان التالي:
لا إكراه في الدين: ليس باسم شرع الله ولا من منابر رسوله تُخاض معركة الدفاع عن النّظام الظالم
بسم الله والصلاة والسلام على محمّد ناصر الحقّ وآله وصحبه ومن والاه،
نحن شباب من طلّاب العلم ومتخرّجي المعاهد الشرعيّة في بيروت ممّن شاركنا في ثورة السابع عشر من تشرين من عام 2019، نعلن رفضنا إقحام دين الله وشرعه في معركة التحجيم التي تخوضها القوى البيروتيّة التقليديّة الفاسدة والجماعات الحزبيّة المترهّلة على نوّاب قوى التغيير، باسم محاربة الزواج المدنيّ والدفاع عن القضاء الشّرعيّ.
إنّنا نشهد أمام أهلنا، إبراءً لذمّتا أمام الله عزّ وجلّ، وغيرةً على دين نبيّه صلّى الله تعالى عليه وسلّم، أن شرع الله عزّ وجلّ يوظّف اليوم في السياسّة الرخيصة، وفي الحزبيّة البغيضة، وأن الدين الذي أراده الله ناصراً للحقّ يُراد له أن يكون اليوم في مواجهة الناس، في الوقت الذي يعيش فيه أهلنا في بيروت وعلى امتداد البلد ذلّاً وفقراً ويأساً وقنوطاً وحُكماً ظالماً نسأل الله أن يرفعه عن بلدنا وعن أمّتنا.
إنّنا على وعي تامّ بأن تهييج الرأي العام الإسلاميّ في لبنان على قضيّة الزواج المدنيّ لم يأت يوماً إلا في سياق سياسيّ ووفق إيعاز أهل النفوذ، كما أن التغاضي والسكوت عنه في أوقات أخرى، وعمّا هو أشدّ خطراً، لم يأت يوماً إلا في سياق سياسيّ أيضاً ووفق إيعاز أهل النفوذ.
في ظلّ الجدل الذي تفتعله قوى الحُكم اللبنانيّ الظالم والجماعات الحزبيّة والزعامات المحليّة، ومع اعتقادنا بعدم أولويّة هذا النقاش اليوم، نرى أن تقديم موقفنا الشرعيّ المختلف عن الخطاب المؤسف الشائع، واجب بدون مواربة ولا تنميق ولا حذر، والله تعالى وحده من وراء القصد:
– إن إقرار قانون مدنيّ للأحوال الشخصيّة – على نحو اختياريّ لا إلزاميّ – مسألة لا تعني المسلمين لا من قريب ولا من بعيد، ولا ينبغي للمسلمين أن يتصدّوا لها وأن يعارضوها، ما دام حقّهم هم محفوظاً في الاحتكام إلى المحاكم الشرعيّة.
– إن إطلاق أحكام التكفير على من يناصرون إقرار قانون مدنيّ اختياريّ للأحوال الشخصيّة هو موقف سياسيّ لا شرعيّ، تدحضه مواقفهم المعروفة من سياسيّين آخرين يحملون نفس الرأي، ويدحضه أن المشرّع في مجلس النواب اللبنانيّ يسنّ التشريعات ليس للمسلمين والمسلمين الملتزمين فقط، بل لعموم اللبنانيين، وأن الإسلام الذي أرسى في الوجدان قاعدة “لا أكراه في الدين” لا ينبغي أن يُستخدم كأداة إكراه على سائر صنوف المجتمع اللبناني.
– إن إطلاق أحكام التكفير على من يختارون قانوناً مدنياً للأحوال الشخصيّة مخاطرة شرعيّة كبيرة ومغامرة بدين الله وعبث بسماحة الإسلام وحكمته، فكثير من الذين يرغبون في الاحتكام إلى قانون اختياري لم يكفروا بالله ولا برسوله ولا بكتابه ولا بشرعه، بل باجتهادات فقهيّة، وببعض من يتولّى اليوم منصب القضاء وهم يسيئون لشرع الله من دون وزاع أو حدّ. إن إصلاح المحاكم الشرعيّة واجب قبل أن يأتي جيل مسلم يطالب بإقفالها.
– إنّنا نستنكر غياب رأس المرجعيّة الرسميّة عن التصدّي لخطاب التكفير والكراهية الذي ضجّت به منابرنا وصفحاتنا على مواقع التواصل، وهو الذي يرفع لواء مكافحة التكفير والتشدّد.
– إننا نلفت عناية مفتي الجمهوريّة والقيّمين على المرجعية الدينيّة الإسلامية السّنيّة في لبنان إلى أن استمرار إدارتهم هذه الشؤون وغيرها على هذا النحو سيؤدّي في وقت لا نحسبه بعيداً إلى صوت اعتراض علنيّ بين جيل من الشيوخ والدعاة وطلاب المعاهد الشرعيّة ضاقوا ذرعاً بما نعرفه جميعاً ولا نخوض في تفاصيله، وأن أبناء هذا الجيل من الشيوخ والدعاة وحتى القضاة، ليسوا بمنأى عن التغيير العام الذي شهده البلد في السنوات الماضية، ونحن الأولى بطلب الإصلاح في مؤسساتنا.
– ألا هل بلّغنا؟ اللهم اشهد.
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا