خطّة الحزب… الأحباش لرئاسة الحكومة؟!
على مسافة أيّام من الانتخابات النيابية، لا بدّ من استحضار جملة من الصور التي سعى حزب الله إلى تكريسها عن بيروت. بيروت التي كانت ذات يوم، وستبقى، روح الشرق، مدينة الأضواء، في هذه البقعة المظلمة من العالم. وبيروت التي تعاني من حقدين تاريخيَّيْن ظهرا منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، خلال اعتصام حزب الله الشهير في وسط العاصمة لإطفاء وهجها، وتعطيل الحياة فيها وإنهاء مقوّماتها، إلى الحقد العونيّ على وسط المدينة الذي تُرجم بتسليط احتلال العتمة لها ولشوارعها وزواريبها من أجل إضاءة البترون وغيرها.
تتعرّض بيروت لمشاريع مظلمة كثيرة، تجلّى أبرزها ليلة انتهاء الانتخابات النيابية في العام 2018، حين اجتاحها حزب الله بدرّاجاته الناريّة، مستهدفاً تمثال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، معتدياً على نُصبه، وعلى نُصب الشهداء، وعلى تمثال سمير قصير، ومحاصراً السراي مجدّداً.
لا بدّ لهذه المشاهد أن تحضر في أذهان أهل بيروت، الذين سلّموا واستسلموا من خلال انخفاض نسبة التصويت، وكان هذا الانخفاض يومذاك مبرَّراً، إذ كان احتجاجاً منهم على التسوية الرئاسية بين الرئيس سعد الحريري والتيار الوطني الحرّ، واحتجاجاً على قانون الانتخاب، واحتجاجاً على تقسيم العاصمة إلى دائرتين على أسس طائفية ومذهبية بما يخالف الدستور.
لكن هذه المرّة لا بدّ للاستنفار من أن يحلّ أوّلاً كي لا تتكرّر تلك المشاهد، خاصّة أنّ حزب الله يسعى إلى فرض ما يريده في بيروت من خلال تحقيق انتصار كاسح، وهو الذي يسعى إلى تحصيل الأكثرية النيابية، ليقول للّبنانيين وللمجتمع الدولي إنّه الممثّل الشرعي الوحيد للّبنانيين على الرغم من كلّ الضغوط وكلّ العقوبات، ويريد أيضاً استثمار غياب الحريري وتعليقه العمل السياسي لتحقيق مكاسب سياسية كبيرة تؤسّس لمرحلة جديدة من تاريخ لبنان وبيروت.
يخوض حزب الله معركة رمزيّة في بيروت، يسعى من خلالها إلى القضاء على إرثها، وهو يستفيد بذلك من حالة الشرذمة السنّيّة، مستغلّاً تحالفه مع “جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية – الأحباش”، التي تسعى إلى إيصال نائبين لها. ويسعى حزب الله مع حركة أمل إلى تحصيل نائبين شيعيّين، ونائب للتيار الوطني الحرّ.
ويستمرّ في خوض معركة الحاصل الرابع ضدّ المرشّح الدرزي، ليحقّق بذلك الأكثرية في بيروت. هكذا يستغلّ تشتّت الآخرين. وهو بالتأكيد يراهن على انخفاض نسبة التصويت والاقتراع لدى أبناء الطائفة السنّيّة. وهذا سيؤدّي إلى التأسيس لمرحلة معنوية ورمزية جديدة في العاصمة.
التأسيس لـ”بيروت جديدة”
يستمرّ حزب الله، مع حلفائه، في التأسيس لمرحلة سياسية إذ اتّفق مع جمعية المشاريع على خوض الانتخابات بلائحتين منفصلتين طمعاً بالحصول على أكبر عدد من الحواصل. وانخفاض نسبة التصويت سيمنح “الأحباش” مقعدين بالتأكيد، فيما سيحصلون على مقعد نيابي في طرابلس لطه ناجي.
هنا لا يمكن إغفال التحالف الاستراتيجي بين الأحباش والحزب. فهو تحالف لا يرتبط بالانتخابات فقط، إنّما يؤسّس لمرحلة لاحقة تتعلّق بـ”تصغير” السُنّة إلى فرق وكيانات، في إطار تحويلهم إلى أقلّيّة. ولا يمكن ذلك إلا من خلال توفير تمثيل ملائم لأصحاب طبائع غريبة ومختلفة عن بيئة بيروت المنفتحة والكوزموبوليتية. ومن أجل تحقيق ذلك سيسعى الحزب إلى تعزيز مواقع الأحباش في السلطة والدولة، إمّا عبر مقاعد وزارية، أو من خلال الإعداد لمرحلة تشكيل الحكومة واختيار الشخصية الملائمة بالنسبة إلى حزب الله لتكليفها رئاسة الحكومة.
“الأحباش” لرئاسة الحكومة؟
في حال حقّق حزب الله الأكثريّة، ونجح في تحقيق النتائج التي يريدها في العاصمة، ولا سيّما إيصال نائبين للأحباش، سيتّجه إلى تشكيل حكومة تواليه، وسيضع كلّ القواعد اللازمة لتشكيلها. هنا قد يكون البيارتة أمام مفارقة ومفاجأة لا يتوقّعونها. إذ لطالما عمل حزب الله على إطلاق إشارات إلى أنّ النائب فيصل كرامي هو أحد خياراته لرئاسة الحكومة.
المفاجأة ستكون إقدام حزب الله على دفع “الأحباش” إلى تولّي رئاسة الحكومة، سواء باختيار النائب عدنان طرابلسي أو مَن تسمّيه “الجمعية” لرئاسة الحكومة. خاصة إذا ما كان الحزب حريصاً على تمثيل بيروت. وخيار “الأحباش” هو من أفضل الخيارات بالنسبة إلى رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل. خصوصاً أنّه زار قبل فترة مركز الجمعية والتقى رئيسها حسام قراقيرة بعيداً من الإعلام. وهو ما يشير إلى عمق العلاقة التي تربط الطرفين بعضهما ببعض.
المصدر :
أساس ميديا.