طارت الإنتخابات فأين نغطّ؟
الخاسِر السيّء عبارَة تُطلَقُ على مَن يكرَه الخسارَة ويخلطُ بين مبادئ اللعبَة وبين نزواتِه في الإنتشاء بمتعَةِ الغَلَبَة. بعضُ هؤلاء ظرفاء. تتمتَّع برؤيَتِهِم يستَشيطونَ غَيظًا على دَقّ طاولِة مع حرِصِكَ الدّائِم على سلامَة أصابِعِك مَخافَةَ أن تُطبِق عليك بشِدَّة بعد قرار خصمِكَ أنَّ الزّهرَ غدّار وأشبَه بِعَظْمَة كَلب كما يحلو للبعضِ توصيفُه.
في الإنتخابات النيابيَّة المرتَقَبَة هناكَ أيضًا خاسرون سيئون. مستعدّون لتطيير الإنتخابات عندَ قراءَة ورقَة نعيّ البوانتاج. بعض هؤلاء حتّى لا نعمِّم صِبيَة سفارات ليسَ إلا. موظّفون براتب عملاء. ما أشرَف الخسارة المشرِّفَة أمام تَطيير اللعبة الديمقراطيَّة. بالطّبع البعض يخشَى التصريح العلني بالرغبة الدفينة. يهربون إلى الأمام بإتهام الخصوم بالموبِقَة. تحت الطاولة يلعبون اللعبة الديماغوجيَّة بالتّمام والكمال.
أغلب الظنّ أنَّ الإستحقاق صار في خبر ليتَ ولعلّ. الدولار بلا عِقال. الحديث عن نيو ثورة ( هذه النقلَة ستكون ثورَة أوادِم على اعتبار أنَّ نقلَة 2019 كانت ثورَة زعران؟ ) على قدمٍ وساق وربّما يكون في طليعتها آلاف المرشّحين ” السياديين ” ومشغّليهم. السفارات جاهزة لفوضى كرمى لعيون قانا وكاريش وهوكشتاين صاحب براءَة إختراع الخطّ المتعرِّج.
حزب الله صرَّحَ مرارًا وتكرارًا أن لا قدرَة لأي أكثريَّة على حكم لبنان. لا أكثريات بالمعنى الديمقراطي الغربي في لبنان. ديمقراطيّتنا توافقيَّة بالمعنى التّعطيلي حصرًا. الخاسر ربحان والرابِح ربحان. لعبة الموالاة والمعارضَة مفهوم هجين في لبنان. ليس في القاموس السياسي اللبناني سوى التسوية والوفاق والحوار والتنازلات المشتركة.
من هنا يبدو إهتمام السياديين الجدد بكرامة لبنان وحصر السلاح بيد الدولة خديعَة وقحة. أن تبحث عن إستراتيجيَّة دفاع تحمي لبنان من الكيان المؤقت والإرهاب التكفري شيء وأن تنزع سلاح المقاومة لغاية في نفس اليعاقبة شيء آخَر. عندما يراد للدولة أن تُخطَف من بينيت فكأنك تشنّ عدوان عناقيد غضب وعدوان تموز إنما بالتّمويه. إسرائيل حاضرة بقوة في إنتخابات لبنان. تجنّد العملاء وتستفيد من الحصار لتؤلّب البيئة الحاضنة. شعارات معظم المعارضة تركب الموجة إما ببراءَة وإما عن سابق ترصّد وعمالَة. سنكون أمام أكثريَّة لحزب الله وحلفائه لذلك إحتمال تطيير الإنتخابات يجب أن يُحمَل على محمل الجدّ.
تفخيخ الإنتخابات سيكون إقتصاديًا نقديًّا أغلب الظنّ. سيكون مصرف لبنان لاعبًا كبيرًا. يكفي أن نتخيّل كيف أنَ الكشف عن أسماء وازنة في المعارضَة استفادت من مكرمات وهدايا وبونزي سكيم وتهريب أموال حتّى يصبح من البديهي استقراء مرحلة التطيير التي بدأت تلوح في الأفق. تفجير الإنتخابات يستُر عن جرائم إختلاس لا تتسِّع سجون لبنان لسجن مرتكبيها.
لم يتّعظ هؤلاء من التأكيدات التي قطعها حزب الله مرارًا وتكرارًا من انَّ لا علاقة مباشَرَة بالإتفاق النووي بالشأن اللبناني. إيران تفكّ الحصار وتستعيد أصولها وأموالها من بنوك العالم وتستعيد سيادتها على قدرتها النووية السلميَّة وليس في أجندتها حكم لبنان ولا تعير أكثرية لبنان أهميَّة إلا بالمعنى الإستراتيجي. الحقيقة الوحيدة أنَّ لبنان ما زال صامدًا في عقيدَة مقاومة إسرائيل والتطبيع وما زال متمسّكًا بحق العودة وبحدوده البحريَّة وهذا ما تعرفه المعارضَة.
بعض السفارات تدخل بقوة على خط التطيير. الأرجَح أنَّ المجلس النيابي سيكون أمام استحقاق هو الأخطر. التمديد لنفسه وربما إنتظار مرحلة فراغ رئاسي في ظلّ قرار رئيس الجمهوريَّة عدم التمديد لولايته. بعد 15 أيار سيكون لنا لبنان لم نعرفه من قبل. دولار محلّق ومواطن هابِط ومعارضَة تلعب في مستشفى عصفوريَّة.
الفرق الوحيد هو انَّ مصير لبنان لا يشبه مصير دَقّ طاولة. الطاولة في الحقيقة ستُطبِق على أصابع الجميع من دون إستثناء. لسنا أمام نرد يشبه عَظمَة كَلب. نحن أمام كلاب بوليسيَّة يحرّكها مدرّب إسرائيلي يدرّبها بإتقان اشتمام رائِحَة الفتنة لا أكثر ولا أقل. من الكلاب المدرّبَة حمى الله لبنان.
المصدر :
ليبانون ديبايت.