نائب لبناني سابق: الانتخابات محطة في مواجهة “الاحتلال الإيراني”
سرعان ما يخرج النقاش مع السياسي أحمد فتفت عن الخطوط المرسومة له مسبقاً إلى إشكالات الفكر السياسي اللبناني، فالفوز بالانتخابات ليس هدفاً بحد ذاته، وإنما هو محطة من محطات المواجهة مع “حلف الممانعة”، بحسب السياسي اللبناني المخضرم الذي يترأس “المجلس الوطني لمقاومة الاحتلال الإيراني”، داعياً المواطنين إلى “الابتعاد من خطاب الكراهية وعدم التقاتل بسبب السياسيين لأنهم لا يستحقون ذلك”.
مجلس إزالة الاحتلال الإيراني
بعد مسيرة سياسية طويلة انحاز أحمد فتفت إلى ضفة السياسة الوطنية المبدئية على حساب الانتخابات التي يهتم بها بصورة ظرفية لمساعدة نجله سامي، لافتاً إلى أنه “لن يكون مرشحاً للانتخابات بعد اليوم مهما تكن الظروف، حتى لو امتنع ابنه سامي من الترشح”. وينشط فتفت حالياً في المجلس الوطني لمقاومة الاحتلال الإيراني، الذي يتألف من قرابة 200 لبناني منتشرين بين أميركا الشمالية عبر الدكتور نزيه خياط، وفي فرنسا مع مجموعة كبيرة يتقدمها السيد نعمة لبس، إلى جانب مجموعة متنوعة طائفياً وفكرياً في لبنان.
يشير فتفت إلى أن الجهد ينصب على “استمرارية حياة مشروع مقاومة الاحتلال في لبنان”، ويراهن على بقاء القضية حية ولو على مستوى الوجدان الشعبي، “لأننا لسنا موهومين بقدرة إزالته بالقوة”. يتحدث عن نجاح على المستوى المفاهيمي في الأقل، إذ بدأ المصطلح يتردد في كافة المجالات، كما أن المجموعة بدأت بشبك علاقات مع الجامعة العربية والأمم المتحدة من خلال إرسال رسائل. ويضيف، “ندرك أن مصالح الدول أكبر من مصالحنا، لكن علينا إبقاء قضيتنا حية استراتيجياً إلى حين قدوم اللحظة التاريخية، التي سبق لمثلها إخراج السوري من لبنان”.
المسيرة استمرار
في العام 1996 فاز الطبيب أحمد شوقي فتفت (نسبة للشاعر العربي الكبير) بالمقعد النيابي عن منطقة الضنية في شمال لبنان، واستند إلى عمله في المجتمع المدني وإلى إرث والده السياسي محمد خضر فتفت، الذي انتخب نائباً للمرة الأولى عام 1960، وعمه مدحت فتفت الذي حصل على دكتوراه الفلسفة من الأزهر في أربعينيات القرن الماضي، وأصبح لاحقاً أحد أبرز الشخصيات الناصرية. يتحدث فتفت الذي انتسب في بداية التسعينيات إلى ندوة العمل الوطني التي يترأسها رئيس الوزراء الأسبق سليم الحص عن “رفضه التزلف لدى الضابط السوري، وهذا ما كان يتسبب له ببعض المشكلات”، وبعد انتخابه نائباً تعرّف إلى رفيق الحريري وكانت “العلاقة حذرة” إلى حين الانقلاب على الحريري بعد انتخاب العماد إميل لحود رئيساً، آنذاك قررت مجموعة مؤلفة من سمير الجسر، مصطفى هاشم، وأحمد فتفت، ولاحقاً مجموعة من الشباب المثقف من بينهم مصطفى علوش، “تأسيس مكاتب للرئيس رفيق الحريري في المناطق”، علماً أنه كان يتحفظ على ذلك لأنه “سيتسبب بوجع رأس مع السوريين”، وتم افتتاح أول مكتب في الضنية في يوليو (تموز) 1999، وبعدها أصبحت أربعة بعد افتتاح مكاتب المنية وعكار وطرابلس خلال الأسابيع التي تلت.
خديعة التمديد للعماد لحود
بعد اللقاء مع أحمد فتفت يخرج المحاور بكمية كبيرة من الشهادات عن حقبة من تاريخ لبنان، إذ شكل رفيق الحريري “شخصية ملهمة” للمؤمنين بمشروع “إعادة الإعمار” في الفترة التي أعقبت الحرب الأهلية اللبنانية، بدءاً من اتفاق الطائف عام 1989 وما رافقه من مد وجذر في العلاقة مع السوريين.
ومن وجهة نظر فتفت، “كنا مغشوشين عندما انتخبنا إميل لحود في 1998 رئيساً، اعتقدنا أنه مقبل لتطوير البلاد، لذلك تحمسنا له ووقفنا مصفقين لشبه الإجماع حول شخصه، وسرعان ما اكتشفنا عكس ذلك وانضممنا إلى المعارضة بجانب رفيق الحريري”. مستذكراً، “رفض لحود لمدة ثلاث سنوات إعطائي موعداً لأحد ممثلي الشعب، كنت أصر على تكرار الطلب لإظهار العقل التدميري أمام الرأي العام”، هذا الموقف تمظهر في رفض التمديد للحود. يكشف فتفت، “رفض التصويت للتمديد لم يكن خلافاً لرأي رفيق الحريري، وهناك جلسة يشهد عليها الرئيس والنائب السابق فريد المكاري، إذ أبدى رفضه التصويت وفق إرادة السوريين قبل نصف ساعة من جلسة التمديد التي جاءت بعد زيارة رفيق الحريري إلى الشام وتعرضه للتهديد”، نافياً “كسر يد رفيق الحريري في الشام”، لأن “الحادثة وقعت خلال إجازة في سردينيا”. وينقل فتفت عن الحريري “يا ليتني كنت مكانك” تعبيراً عن رفضه التمديد.
يعتقد فتفت أن انتخابات العام 2000 كانت “مفصلية في مسيرته السياسية”، لأن “السوري ضغط على الرئيس الحريري وأبلغه أنه ممنوع عليه ترشيح أشخاص في الشمال، عندها انسحب سمير الجسر ومصطفى هاشم من المعركة”، وأصر فتفت على الاستمرار في الانتخابات وترشح منفرداً باسم تيار المستقبل، وفاز “لأن التصويت كان لمصلحة رفيق الحريري”.
“جلسة غنية” بالأحداث
يتحدث فتفت عن محطات مفصلية في المواجهة الناعمة مع الوجود السوري، وكانت سلسلة لقاءات البريستول مؤشراً إلى اتساع الهوة بين الحريري والسوريين. يسرد فتفت، “حضرت البريستول 1 كمشاهد، لكن في لقاء البريستول 2 كان حضوري شخصياً ولكن بعلم رفيق الحريري، إذ حضر إلى جانب مصباح الأحدب، نسيب لحود، فارس سعيد، سمير فرنجية، غطاس خوري (باسمه الشخصي)، نائلة معوض، جواد بولس، بيار الجميل، وليد جنبلاط على رأس الكتلة، حبيب صادق صاحب الرمزية الكبيرة في المقاومة الوطنية، وممثلين عن الأحزاب المسيحية من الكتائب، القوات اللبنانية، الكتلة الوطنية، والتيار العوني، واليسار الديمقراطي”.
ويصف فتفت تأثير اللقاء على العلاقة بين الرئيس الحريري والسوريين، “ساءت كثيراً بينهم الأمر الذي استبعد خمسة نواب كانوا يعتبرون ودائع سورية في كتلته”، وكان ذلك إيذاناً بدخول أحمد فتفت إلى كتلة الرئيس الحريري الذي كان يتعامل معه في السابق كمستقل، منعاً من التصادم المباشر مع السوريين
جاء “البريستول3” ليقطع الشك باليقين لناحية تحديد موقع الحريري من الوجود السوري في لبنان، فقصد حضور الوزير السابق، باسل فليحان مستشاره المقرب، ليصبح ثلاثة من المقربين إليه موجودين في اللقاء “فليحان، خوري، وفتفت”، لتأتي عملية الاغتيال في 14 فبراير (شباط) 2005.
يستشهد فتفت بحيثيات قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تؤكد أن “القرار النهائي باغتيال رفيق الحريري اتخذ عند انضمامه إلى البريستول، بعد أشهر من مراقبة تحركاته بواسطة مجموعة لبنانية من حزب الله”، ويعتقد أن “القرار اتخذ بين الإيرانيين والسوريين وطلبوا من مجموعة حزب الله التنفيذ”، يؤكد “أنه قرار محوري لأن رفيق الحريري كان برأيهم شخصية هائلة يمكن أن تعطل كافة مشاريعهم في المنطقة”. وعن دور أمين حزب الله في القرار يعبر فتفت عن موقف يحتمل التأويل، “لا أعلم إذا ما كان على معرفة بالقرار أم لا، لكن هناك إدانة لثلاثة من قادة الحزب ويرفض تسليمهم للعدالة”.
14 آذار في المواجهة
بعد اغتيال الحريري شهد لبنان انقلاباً شعبياً عظيماً بوجه الوجود السوري، يروي فتفت كيف أن التحركات الشعبية فرضت نفسها على أولويات الأجندة الدولية. ففي 27 فبراير 2005، نظمت السيدة نائلة معوض عشاء دعت إليه مجموعة من الشخصيات بحضور دايفيد ساترفيلد نائب وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط آنذاك، والذي أبلغنا “أنتم ولبنان لستم على الأجندة، تفاهموا مع حكومة عمر كرامي والسوريين”.
ويكمل فتفت، “عندها انسحبت من الجلسة وخرجت وتوجهنا إلى ساحة الشهداء للمبيت في الخيام، وفي اليوم التالي أعلن الرئيس عمر كرامي استقالته الشهيرة، ومساء ذلك اليوم أعلن دايفيد ساترفيلد موقفاً مغايراً لما أبداه في اليوم السابق، إنهم انتهازيون يصطادون الفرص، مصالحنا نحن من نحميها وندافع عنها، وكان تاريخ 14 مارس (آذار) الشهير”.
ويعتقد فتفت أن أكبر خطأ ارتكبته تلك القوى كان “الاتفاق الرباعي” عشية انتخابات 2005، لأنه “لم يهمّش المسيحيين، وإنما أولاً الوطنيين اللبنانيين الشيعة، فضلاً عن القبول بشروط حزب الله، الذي جاء باقتراح من وليد جنبلاط بضرورة التعايش مع الحزب لأنه لبناني، وأقنع بالفكرة سعد الحريري ونواب البريستول المسيحيين.
حكومة السنيورة الأولى بعد الاغتيال
يقدم أحمد فتفت شهادته حول عمل حكومة فؤاد السنيورة الأولى، ولاحقاً جلسات الحوار الوطني وحرب يوليو (تموز) 2006 التي صدمت الجميع. شغل فتفت آنذاك موقع وزير الشباب والرياضة ووزير داخلية بالوكالة، من فبراير إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2006، آنذاك زار الرئيس فؤاد السنيورة دمشق، والتقى الرئيس بشار الأسد من أجل “إقامة علاقة ندية مع سوريا، ومنع الحصار البري عن لبنان وخنق الاقتصاد”، لكنه لم يتوصل إلى تفاهم معهم، وتذرع السوريون بهجوم الإعلام اللبناني على سوريا، وكان رد السنيورة واضحاً بأن الصحون اللاقطة تملأ أسطح المنازل في سوريا، ولا يمكن منع الإعلام عن الناس”.
يلفت فتفت إلى أن حكومة فؤاد السنيورة عملت بانتظام طوال أشهر من يوليو ولغاية اغتيال جبران التويني، 12 ديسمبر (كانون الأول) 2005، وعندها قررت الحكومة إحالة القضية إلى المحكمة الدولية التي تنظر قضايا الاغتيالات، وقرر الوزراء الشيعة الاعتكاف دون الاستقالة. لتبدأ جلسات الحوار الوطني في مارس 2006 بمساع من الرئيس نبيه بري، يقول فتفت، الذي كان مرافقاً للرئيس فؤاد السنيورة، إنه في جلسة 28 يونيو قال السيد حسن نصر الله، “ما تعتلوا هم الصيفية، روحوا صيفوا، أنا بتعهد لكم أن حزب الله لن يخرق الخط الأزرق، وإذا تطلب الأمر نقوم بالعمليات التذكيرية لجهة مزارع شبعا فقط حيث لا خط أزرق”.
خرج الحاضرون بارتياح من الجلسات، لكن “صُدمنا الصدمة الكبرى عندما خرق حزب الله في 12 يوليو الخط الأزرق، على الرغم من تعهده العلني ومن فم أمينه العام، مما أدى إلى نشوب العدوان الإسرائيلي الكبير على لبنان، وتدمير البلاد في صيف 2006″، بحسب فتفت، الذي يعتبرها “نقطة تاريخية”، ويضيف، “لم يعد بإمكاني تصديق ما يقوله السيد نصر الله، لأنه تعهد أمامي بشيء، لم يلتزم به”، مؤكداً، “الجلسات مسجلة، والتسجيلات لدى الرئيس نبيه بري في مجلس النواب، والحاضرون كانوا يكتبون ويسلمون المحاضر إلى رؤوسائهم”.
ويشير فتفت إلى أنه ” كان من المتحمسين داخل التيار للسيد نصر الله “، لأنه “حمل السلاح إلى جانب المقاومة الفلسطينية، وهو على عداء عقائدي مع الإسرائيلي”، لكن “حرب 2006 وما تلاها بدّلت وجهة النظر من الحزب”.
ويفند فتفت بعض الوقائع التي روّجت ضده في حرب تموز وتحديداً حادثة ثكنة مرجعيون، “بعد التحرير في عام 2000 اشترط حزب الله عدم العودة الكاملة للجيش اللبناني للجنوب، واتفق على تشكيل قوة من 800 عنصر، نصفها من الجيش والآخر من الأمن الداخلي، بسلاح فردي خفيف، تحولوا فعلياً قوات دفاع مدني”، ومع اندلاع حرب يوليو تم سحب الجنود اللبنانيين من مناطق الجنوب والغرب، فيما بقيت العناصر في ثكنة مرجعيون لمساعدة الناس وإعادة بناء الجسور، ومع تقدم القوات المعتدية ووصولها إلى مرجعيون، تقرر سحب القوة بإشراف (اليونيفيل)، وعند الخامسة عصراً من يوم 8 أغسطس (آب) دخلت القوة الإسرائيلية. وأثناء تواجد القوات الدوليّة صباح اليوم التالي، طالب ضابط (اليونيفيل) من أحد العناصر صنع الشاي، وليست هناك أية علاقة لوزير الداخلية أو أي مسؤول لبناني، وتقصّد الإسرائيلي تصوير العنصر اللبناني من أجل استخدام الصورة دعائياً ضد لبنان”، لافتاً إلى أنه فور انتهاء الحرب، فتح تحقيق بالحادثة وتم توقيف الضابط مؤقتاً، ليتضح أنه أخرج موكب الـ 10 آلاف مدني، وأنقذ العسكر دون أن يكون معه سلاح دفاعي. ويذكّر فتفت بأنه طالب بلجنة تحقيق برلمانية في الحادث، لكن نواب حزب الله وحركة أمل رفضوا ذلك لاستغلاله في السياسة.
فتفت وزيراً للداخلية
في فبراير2006، استقال وزير الداخلية، حسن السبع، عقب أحداث التباريز الأشرفية، آنذاك أصبحت الداخلية في عهدة الوزير المكلف، أحمد فتفت. الذي يعبر عن فخره بما قام به في منصبه، لأنه طبّق قناعاته الديمقراطية، فهو من منح الترخيص للتيار الوطني الحر، وتيار المردة، وتيار التوحيد العربي، وحزب التحرير الإسلامي، تطبيقاً لقانون 1909 الذي يشترط إعلان الجمعية من أجل الترخيص بها، وهذا ما أحرج ميشال عون عندما كان يقول إنه “وزير غير شرعي”.
في نهاية جلسة ماراثونية، 5 مايو (أيار)، دامت من الخامسة مساء إلى الخامسة فجراً، طرح ممثلو وليد جنبلاط مسألتي الكاميرات التي ركبها مدير أمن المطار آنذاك في منطقة الشخصيات الرسمية، وتمديد الحزب شبكة اتصالات في كافة المناطق اللبنانية ووصولها مناطق جبل لبنان، وهي “شبكة منتشرة حالياً في كافة المناطق اللبنانية، وقد استخدموا في بعض المناطق الحفريات التي أجراها أوجيرو”.
في تلك الجلسة عارض الرئيس فؤاد السنيورة قرارين اتخاذ إجراء مسلكي بحق وفيق شقير، ومناقشة خطوط الاتصالات مع الحزب أو العكس، لكن جنبلاط أصرّ على القرارين، وهدد الوزير غازي العريضي بالاستقالة، واتخذ القرار بعد التواصل مع سعد الحريري. ثم جاءت أحداث 7 مايو، يقـول فتفت، “كان هناك تعهد من قيادة الجيش بحماية بيوت الشخصيات الرسميّة ضمن بيروت، لكن للأسف انسحب الجيش قبل ليلة 6 مايو، هذا الأمر كان أحد أسباب عدم انتخابي العماد ميشال سليمان للرئاسة، لأنه لم يحمِ المراكز في بيروت، ومن بينها قصر قريطم، ومكتبي في البربير، كان هناك إطلاق دائم لقذائف (آر بي جي) في الهواء فوق السرايا الحكومي”.
ويضيف فتفت، “في إحدى الليالي التالية للأحداث، نزلت من غرفتي في السرايا التي تحولت مكان إقامة لأعضاء الحكومة طوال سنة ونصف السنة، فوجدت مكتب فؤاد السنيورة مضاء، صعدت إلى المكتب، فرأيت أكداساً من الملفات على مكتب رئيس الحكومة، الذي كان يسحب كل ملف على حدة، ويقوم باحتسابها على آلة حاسبة ويوقعها، وعند سؤاله عمّا يفعل، أجاب بأنه يوقع ملفات تعويضات الضاحية في حرب 2006، وقال (شغلتهم ضرب القذائف، وشغلتي رئيس حكومة)”.
بعدها توجه الساسة إلى الدوحة، يقول فتفت، “كان السنيورة رافضاً الذهاب، وأقنعه أمين عام مجلس الوزراء، المرحوم سهيل بوجي، بأن وجوده ضروري لتخفيف الخسائر”، ويصف فتفت “اتفاق الدوحة بكسر التوازنات وفرض الهيمنة على البلد من خلال الثلث المعطّل”. بعد هذا الاتفاق، حققت قوى 14 آذار انتصاراً في الانتخابات، لكن تم ارتكاب خطأ عندما أعلن الرئيس سعد الحريري، “السما الزرقا بتساع كل الناس”، فيما كان نصر الله أعلن قبل الانتخابات، “فليحكم من يربح”.
يشير فتفت إلى أن الانهيار الإقتصادي بدأ في 2011، عند إزاحة “السياسة الحريرية التي أجادت التعامل مع العالم الخارجي وتحقيق النمو، واستبدالها بسياسة القمصان السود التي بدأ معها الانحدار الاقتصادي والانتقال إلى النمو السلبي”. وجاءت انتخابات 2018، لتكرّس سلسلة الأخطاء، من التسوية الرئاسية التي جاءت بـميشال عون رئيساً للجمهورية، إلى القانون الانتخابي السيئ.
ويتطرق فتفت إلى التباين في الرؤية مع سعد الحريري، الذي كان لديه هاجس انتقال الحرب السورية إلى لبنان، فيما كان فتفت آنذاك من أنصار المعارضة، وتركهم يحكمون، واصفاً ثنائي باسيل وعون بـ”كومبارس لدى حزب الله، الذي يمتلك القرار”.
سامي للنيابة
ينطلق فتفت في حديثه الانتخابي من المشاركة “متأخراً” في وضع الملاحظات التقنية على قانون الانتخابات النسبي، وفيما يتعلق بدائرة الشمال الثانية التي تضم طرابلس والمنية والضنية، يقول، “استحدثت مع النائب كاظم الخير إجراء لضمان مقعد المنية، برعاية الرئيس سعد الحريري. وتمت قسمة قضاء المنية والضنية إلى قطعتين، نائب واحد دائم للمنية، واثنان للضنية لعدم غلبة الأكثرية العددية”، رافضاً اتهامه بأنه “وال على المنية”، لأن “الوالي عليها هو أصوات أهلها وأهلها فقط”. ويصف القانون بالـ “مليء بالشواذات، إذ لا توجد فيه وحدة معايير، وتم رسمه لتحقيق انتصارات لفئات محددة، وحاولنا وضع إصلاحات تقنية قدر الإمكان”.
وفي العام 2018 خرج فتفت من باب البرلمان ليخوض التجربة السياسية بالمعنى العميق. في تلك المرحلة، حلّ نجله سامي في تمثيل منطقة الضنية على لوائح المستقبل. ولدى مواجهته بقضية “الوراثة السياسية”، يرفض فتفت ذلك، لأن “الرئيس سعد الحريري هو من اختار سامي، ولست من فرضه، وكان الرئيس يريد تحضيره لدورة ثانية، لكن فوزه شكّل مفاجأة، وعند فوزه نصحته باستراتيجية التواضع، وقد فاز دون أي دعم مادي من أحد، واضطررنا لبيع بيتنا في بيروت من أجل تغطية مصاريف الحملة الانتخابية”، ويضيف فتفت جازماً، “لم أتدخل بعمل سامي أبداً، وأرفض المشاركة في اجتماعاته، لأنني قررت الانتقال للعمل السياسي الوطني”.
طبخة اللوائح مع السنيورة
ينفي فتفت نفياً قاطعاً اتصاله بأي مرشح من المنية، مؤكداً “قامت بعض وفود العائلات من المنية بزيارتي بفعل موقعي السياسي في الدائرة، وصداقتي مع مصطفى علوش. وكنت مستمعاً في أكثر المرات لجميع المرشحين”، يفتخر فتفت بأنه من البيت الذي استمر بتمثيل الضنية طوال 25 عاما، وأثمر ربط أجزاء الضنية المتباعدة من خلال جسر بقرصونا– نمرين، معبّراً عن ترحيبه بعلاقة المودة التي تجمع ابنه سامي بالنائب جهاد الصمد في كثير من المناسبات.
وفي موضوع تكوين اللائحة كان هناك خيار بين عبد العزيز الصمد وعلي عبد العزيز، لكن تم ترجيح الأول لأنه يرتبط بعلاقة جيدة مع سامي، وعلاقة وطيدة مع العائلة، مكرراً أنه لم يرشح أي شخص في طرابلس ممن كان يتواصل معهم مصطفى علوش، “بعيداً عن تركيب البعض للأفلام” على حد قوله. ويعلق على تصنيفه بقائمة الصقور مع مصطفى علوش، وأشرف ريفي، بأن “هناك مشكلة على الصعيد الشخصي مع أشرف ريفي، ونترك له وللزمن إزالتها”، مبدياً تحفظه عن التحالف مع القوات اللبنانية “الذي خاض معركة سمير جعجع للرئاسة”، لكنه “اختلف معه على الخيارات، بسبب بحث جعجع عن زيادة المقاعد على حساب منح الأكثرية لحزب الله”، بالإضافة إلى “منح جعجع الأصوات للائحة نجيب ميقاتي في 2018، ناهيك عن عدم إحراج جمهور الرئيس سعد الحريري المستنفر من القوات”.
المصدر :
اندبندنت عربية.