بوتن يزف خبر اطلاق “الصاروخ الفريد”.. وكلمة السر توازن الرعب
في تطور عسكري لافت على وقع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي باتت على أبواب شهرها الثالث، أعلن الجيش الروسي، الأربعاء، أنه أجرى أول تجربة ناجحة على صاروخ باليستي عابر للقارات من طراز سارمات، وهو سلاح من جيل جديد ومداه بعيد جدا، ووصفه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، بأنه “لا مثيل له”.
وقال بوتن في كلمة بثت عبر التلفزيون: “هذا حقا سلاح فريد سيعزز القدرة العسكرية لقواتنا المسلحة، وسيضمن أمن روسيا في مواجهة التهديدات الخارجية، وسيدفع أولئك الذين يحاولون تهديد بلدنا بخطاب متفلت وعدواني إلى التفكير مرتين”.
فيما قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الولايات المتحدة لا ترى في التجربة الصاروخية الروسية أي تهديد لها أو لحلفائها.
وذكر متحدث باسم البنتاغون:” أن روسيا أبلغت الولايات المتحدة بشكل مسبق نيتها إجراء تجربة لصاروخ عابر للقارات وفقا لاتفاقية ستارت”.
ويرى مراقبون وخبراء عسكريون أن إطلاق هذا الصاروخ الروسي يندرج كحلقة أخرى في سياق أجواء سباقات التسلح واستعراضات القوة، التي زادتها الحرب الروسية الأوكرانية سخونة وحدة.
لكن ردة الفعل الأميركية، وفقهم، وإخطار واشنطن مسبقا بالتجربة الصاروخية من قبل موسكو، يثبت مرة أخرى أن التصعيد بين العاصمتين يبقى في النهاية مضبوط الايقاع أقله حتى إشعار آخر .
وتعليقا على ذلك، يقول حسن المومني، الأكاديمي والخبير الأمني والعسكري، في حوار مع سكاي نيوز عربية :”لا شك أن روسيا كما غيرها من الدول الكبرى تملك قدرات تكنولوجية عسكرية وصاروخية متقدمة جدا، لكن كل دولة من تلك الدول تحاول طبعا أن تتميز عن غيرها من قوى منافسة نسبيا سواء في السياق النووي أو الصاروخي وهكذا، ويبدو أن روسيا بعد تعثر عمليتها العسكرية بأوكرانيا وعدم قدرتها على حسم الأمور هناك بسرعة، وفي ظل الدعم الغربي لكييف بأسلحة نوعية، فإن موسكو بحاجة لتظهر نفسها وأنها هي الأخرى تملك تكنولوجيا وتقنيات عسكرية متفوقة ورادعة”.
ففي المجال العسكري، يضيف المومني:” دوما ثمة الكثير من المعلومات تكون سرية أو لا يتم كشفها كلية، بمعنى عدم اظهار كل ما تمتلكه هذه الدولة أو تلك من تقنيات ومنظومات صاروخية ومن غيرها من ترسانات وأسرار عسكرية، ولهذا فبحكم أن هذا الصاروخ لم يختبر بعد قتاليا فقد تمتلك قوى غربية أنظمة مضادة لمثل هذا الصاروخ الروسي الذي أميط عنه اللثام”.
المنظومة الصاروخية الروسية متطورة للغاية حتى قبل إطلاق صاروخ سارمات الجديد، كما يشرح الخبير العسكري، مضيفا:” لكن ربما تهدف موسكو من وراء إجراء هذا الاختبار والحديث عن كونه صاروخا خارقا لكافة المنظومات الدفاعية حول العالم، لممارسة نوع من الدعاية وبث الرعب في الجهة الأطلسية المقابلة عبر استعراض القوة، ومن جانب آخر بث الطمأنينة في صفوف المواطنين الروس والقوات المسلحة الروسية”.
مستدركا:” رغم أنه قد يكون هناك نوع من المبالغة في القول أن لا مثيل لهذا الصاروخ الباليستي العابر للقارات، والقادر على حمل رؤوس نووية في العالم، خاصة وأنه لم يختبر بعد في سياق حرب أو مواجهة مع دول قوية عسكريا كالولايات المتحدة مثلا، حتى نعلم ما إذا كان بالفعل ثمة مضادات له أم لا”.
بدوره يقول رائد العزاوي، رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، في حديث لسكاي نيوز عربية:” هذا النوع من الصواريخ متطور جدا ورغم أن منظومته الدفاعية قديمة لكنها تتجدد باستمرار، وسارمات كصاروخ يعود في بدايته لزمن الاتحاد السوفييتي السابق، لكن روسيا خلال العقدين الماضيين أدخلت تحديثات وتغييرات كبيرة عليه، بحيث باتت هذه المنظومة تتمتع بقدرات مهولة قادرة على اختراق منظومات الدفاع كباتريوت والقبة الحديدية الأميركية”.
ويسترسل الخبير الاستراتيجي في شرح خصائص صاروخ سارمات، بالقول:” هذا الصاروخ المتطور لديه قدرة تجاوز سرعة الصوت 3 مرات، ولديه القدرة على تفادي وتجاوز مجموعة كبيرة من المنظومات الدفاعية وتخطي خطوط المنظومات الصاروخية المشابهة له، وهو بذلك بات ندا لصواريخ حلف الناتو بل ويتفوق عليها”.
لكن لماذا يعلن عن هذه التجربة اليوم، يجيب العزاوي:” بعد تأخر موسكو في تحقيق أهدافها الأوكرانية، فإن هذا الاعلان الروسي قد ينظر له كنوع من أنواع الدعاية العسكرية، ولكنه ليس دعاية بقدر ما هو فعل، حيث هو إعلان عن نوع جديد بالغ التطور ولم تشهده منظومات الدفاع العسكري في كل أنحاء العالم، وهو للقول أن روسيا لديها القدرات العالية الكافية لمواجهة التهديدات الأطلسية”.
من جانبه، يقول الكاتب والباحث في الشؤون الدولية، طارق سارممي، في لقاء مع سكاي نيوز عربية:” لا نعلم مدى دقة كونه صاروخا لا يجارى، لكن علينا أن لا ننسى أن موسكو متفوقة بالفعل على واشنطن في مضمار الصواريخ فرط الصوتية مثلا وكانت سباقة في تطويرها، ثم أن سارمات الجديد تم الكشف عنه للتو، وبغض النظر عن خصائصه وقدراته الخارقة، فهو يندرج ولا ريب في سياق التصعيد المتبادل بين المحورين الروسي والأطلسي، حيث يعيش العالم الآن على وقع حرب أوكرانيا أكبر أزمة دولية منذ الحرب العالمية الثانية”.
ويضيف:” ثمة توازن رعب عسكري ونووي بين موسكو وواشنطن، ومثل هذه الاستعراضات والتجارب الباليستية والعابرة للقارات ومن الجانبين، هي مجرد تذكير بذلك التوازن وتلويح به، ولهذا فهي تحصيل حاصل لكنها مع ذلك تبقى مدعاة لتوتير المناخ الدولي أكثر وإن كان متوقعا تصاعدها في ظل الاستقطابان الدولية حول الأزمة الأوكرانية”.
ويندرج هذا السلاح في إطار سلسلة صواريخ أخرى قدمها فلاديمير بوتن عام 2018 على أنها “غير مرئية”، وتشمل هذه الصواريخ كينجال وأفانغارد الفرط صوتية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بوتن قوله “أؤكد أنه تم استخدام مكونات وأجزاء من الصناعة الوطنية حصرياً لإنتاج سارمات”.
ووفقا للرئيس الروسي، فإن الجيل الخامس من الصاروخ البالستي الثقيل العابر للقارات “سارمات” قادر على “التفوّق على جميع الأنظمة الحديثة المضادّة للطائرات”.
هذا ومن المفترض أن يتفوق صاروخ سارمات الذي يزيد وزنه عن 200 طن، على صاروخ فويفودا الذي يبلغ مداه 11000 كيلومتر.
وفي عام 2019، قال الرئيس الروسي،بوتن، إن الصاروخ سارمات :”ليست له حدود عندما يتعلّق الأمر بالمدى” وأن بإمكانه :”إصابة أهداف من خلال عبور القطب الشمالي وكذلك القطب الجنوبي”.
والصاروخ ضمن منظومة الصواريخ الاستراتيجية سارمات الروسية يتميز بأنه صاروخ ثقيل عابر للقارات وبمجموعة واسعة من الذخيرة النووية،
مع فترة طيران قياسية قصيرة، حيث يخترق منظومات الدفاع الصاروخية والجوية وهو غير محدود المدى.
المصدر :
سكاي نيوز عربية.