إنتخابات لبنان… مخالفات “فاضحة” وفوضى “إستطلاعات الرأي”
مع إقتراب موعد الإستحقاق النيابي، حيث لم يَعد يفصلنا عنه سوى 25 يوماً تزداد الحماوة الإنتخابية وتزداد معها نسبة المخالفات والرشاوى التي تطبع بالعادة كل إستحقاق إنتخابي في لبنان، فمن هي الجهة المولجة مراقبة المخالفات والتجاوزات ولجمها؟ وفق القانون هي هيئة الإشراف على الإنتخابات التي يرأسها القاضي نديم عبد الملك، والتي مِن مهامها حسب ما يشرح في حديثٍ لـ “ليبانون ديبايت”، “مراقبة الإعلام والإعلان الإنتخابيَّين والتمويل والإنفاق الإنتخابيّين، بالإضافة إلى صلاحيات أخرى نصّ عليها قانون إنتخاب أعضاء مجلس النوّاب، لا سيّما المادة 19 منه”.
ويلفت القاضي عبد الملك، إلى أنّه “بتاريخ 10-1-2022 عندما أصدر وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي تعميماً يتضمَّن تصريحاً بفتح باب الترشّح أيّ الإعلان ببدء العملية الإنتخابية، أصدرت حينها الهيئة العديد من القرارات التنظيميّة والبيانات والإعلانات ونشرتها على “صفحتها الإلكترونية”، يُمكن لكل مَن هو مُهتم بالشؤون الإنتخابية أن يُراجعها، ولا زلنا نصدر حتى الآن بيانات وإعلانات”.
ويُضيف، “الهيئة لديها جهاز مُراقبة للإعلام والإعلان مُؤلف من حوالي 31 مراقباً ومراقبة، تمّ إختيارهم من بيْن المُراقبين الذين عملوا مع هيئة سابقة في إنتخابات 2009 و/2018 بالإضافة إلى مراقبين من أصحاب الكفاءة، وهم خضعوا لدورة تدريبيّة وفقاً لبرنامج “عالي الدقة” إستُعمل بالإنتخابات في تونس، على يد أخصائيين من الخارج، إستَعان بهم برنامج الأمم المتحدة للإنماء undp ودرّبوهم تقريباً لمدة أسبوع، ولا يزالون يتواصلون معهم ويعطوهم التعليمات”.
ويُعلن، بأنّ “الهيئة لا تملك العدد الكافي من الجهاز البشري من الموظفين”، لافتًا إلى أنّه “لديها 3 موظفين إداريين فقط، إلّا أنّها بحاجة إلى عدد أكبر، كما أنّه ليس لديها جهاز بشري تابع لها لتنفيذ قراراتها على الأرض، ولا حتى موازنة خاصّة بها، بل أن موازنتها مع موازنة وزارة الداخلية والبلديات، وكذلك ليس لديها “شخصيّة معنوية”، ويُضيف هذه هي “مطالبنا بنهاية توصياتنا بالتقرير النهائي عام 2018 حيث طالبنا أن يكون لدينا إستقلال مالي وإداري كاملين، وموازنة مُنفصلة عن موازنة وزارة الداخلية والبلديات، أيّ أنْ يكون لدينا شخصية معنوية، وجهاز تابع لنا يأتمر بأوامرنا، أي أنه يُنفّذ قراراتنا على الأرض لأنه ما نفُع القرار إذا صدر ولم يُنفّذ”.
أمّا عن المخالفات التي رُصدت، يكشف القاضي عبد الملك، بأنّ “الهيئة، وبواسطة مُراقبي الإعلام رصدت عدد كبير من المخالفات، منها ما استدعى إرسال تنبيهات بخصوصها للمُخالفين من وسائل إعلام وغيرهم، وهم متعلقين بإعلام غير مُصرّح أنّه مدفوع الأجر، ومَن هي الجهة التي طلبته، أو كوْن الإعلان يتضمّن دعاية إنتخابية “مستترة”، أو مؤسّسات إستطلاع الرأي التي تقوم بعملها دون أخذ الإذن من الهيئة كما ينصّ القانون، لأنّ أي مؤسسة إستطلاع رأي ستقوم بعملها يجب أن تحصل على إجازة من الهيئة للقيام بعملها، وهذا بكل أسف لم يقدّمه الجميع، وكما نرى هناك فوضى في إستطلاعات الرأي، بـ “تنجّح مرشّح وبتسقّط مرشّح”.
أما باقي المخالفات التي رصدتها الهيئة، يُشير عبد الملك، إلى أنّه “يتمّ درسها من أجل إحالتها الى محكمة المطبوعات، لا سيما تلك المنصوص عليها في المادة 74 من القانون رقم 44 – 2017، وهو قانون إنتخاب أعضاء مجلس النواب، وهذه المادة تتعلّق بما يسمى بـ “خطاب الكراهية، تشهير وقدح وذم وإثارة النعرات الطائفية وأعمال إرهابية وأخبار كاذبة وغيرها”.
وبالنسبة لـ “الرشوة”، يُشدّد على أنّ “الرشوة بالأساس جريمة بين شخصَين، بين راشي ومرتشي، من الصعب جدّاً أن تُكشف إلّا إذا قام أحد الفريقين وباح بها، وهذه عادة لا تحصل”، بالمبدأ الرشوة مُمكن أن تُضبط بالجرم المشهود، وإذا ضُبطت بالجرم المشهود حينها نقوم بالتحقيق بها، ونحيلها إلى النيابة العامة المُختصة حتى يحصل ادعاء أمام المحاكم الجزائية”.
ويضيف “لدينا المادة 62 من قانون إنتخاب أعضاء مجلس النواب رقم 44 – 2017 الفقرة الأولى منها، تُعتبر محظورة أثناء الحملة الإنتخابية الإلتزامات والنفقات التي تتضمّن تقديم خدمات أو دفع مبالغ للناخبين، كالتقديمات والمساعدات العينية للأفراد والجمعيات الخيرية والإجتماعية والثقافية والدينية والعائلية والنوادي الرياضية، وبموجب المادة 65 من القانون عينه هذه، تعتبر النفقات بمثابة جرم الرشوة المنصوص عليه بقانون العقوبات، وبهذه الحالة إذا أتانا شكوى وتحقّقنا منها، حينها نحيل المخالف على النيابة العامة المختصة كي يتم الإدعاء عليه بالجرم”.
وفق ما يُشير عبد الملك، فإنّ “الهيئة ذكرت بأكثر الإعلانات والبيانات التي أصدرتها الطلب من المواطنين والمرشحين وأي شخص علم برشوة أن يتقدّم بشكوى لديها”، ولهذه الغاية كانت “صفحتنا الإلكترونية” أو التقدّم إلى مكتب الهيئة الكائن في سنتر “أريسكو” في الصنائع الطابق الثاني، إلّا أنّه حتى اليوم لم يصلنا أي شكاوى، رغم أننا نقول قدموا شكاوى بما يتعلق بالرشوة”.
وفيما يتعلّق بالمراقبين الدوليين والمحليين، يقول: “وضعنا نظاماً للمراقبين المحليين والدوليين مع ميثاق شرف عليهم أن يتقيدوا بالتطبيق وهم يتقدّمون بطلباتهم إلى الهيئة، وفي حال توفّر الشروط حسب القانون والنظام الذي وضعناه، تمنحهم الهيئة إجازة بمراقبة عمليات الإقتراع والفرز، التي هي accreditation card يحملونها معهم حتى يمكنهم التجوّل في أقلام الإقتراع ويراقبون عملية الإقتراع والفرز”.
وبالنسبة لمراقبي الإتحاد الأوروبي، يُعلن بأن “الهيئة وقّعت مع الإتحاد الأوروبي ووزارة الداخلية والبلديات إتفاقية إدارية “بشأن عمل المراقبين الدوليين من الإتحاد الأوروبي”، والآن هناك وفد من الخبراء والمحلّلين موجودين وسيأتي في الإنتخابات من 250 إلى 300 مراقب منهم خبراء ومراقبين ومحلّلين لمراقبة الإنتخابات، والتأكد من نزاهتها وشفافيتها وحياديتها إستناداً إلى مبادئ الديمقراطية، مع العلم أن المراقبين المحليين من المجتمع المدني يعملون تحت إشراف الهيئة حسب القانون، وإعطاء الإذن من الهيئة لجميع المراقبين المحليين والدوليين كلهم يخوّلهم مراقبة عملية الإقتراع والفرز بكافة الأقلام، إلّا أنّهم ليسهم الوحيدين الذين سيكونون، بل هناك مراقبين آخرين سيأتون من دول الخارج يودّون المراقبة أيضاً، حيث قدموا طلباتهم لنا ليُراقبوا، وكذلك أبلغنا وسائل الإعلام التي تودّ مراقبة عملية الإقتراع والفرز أن يتقدّموا بطلبات ولدينا سيرة ذاتية وصورة شخصية لدرسها وإعطاء الموافقة على أساسها”.
وختم القاضي عبد الملك، “وفق الصلاحيات المعطاة لنا وبالوسائل المتاحة بين أيدينا من عدّة العمل نعمل”، “أي لا يمكن أن يطلب أحد منا إذا لم تتوافر عدّة العمل بين أيدينا أن نقوم بالعمل أكثر مما نقوم به، كما يزرع الإنسان يحصد”.
المصدر :
ليبانون ديبايت.