تابعوا قناتنا على التلغرام
اخبار لبنانسياسة

مصطفى علوش: المرشحون السياديون في لبنان عرضة للإغتيال !

في عيادته داخل مستشفى النيني بطرابلس، يستمر مصطفى علوش في ممارسة نمط حياته المعتاد… يرتدي الروب الأبيض، ويستقبل المرضى، ويُجري العمليات. لن ينتظر الزائر طويلاً قبل الخروج بانطباع آخر عن الطبيب، فهو شخصية مُسيّسة، يختلس ما أمكن من الوقت لإشباع ميوله الثقافية والفكرية، يقرأ، ويكتب، ويناقش رُؤاه الخاصة بلبنان، التي تجسدها صورة أيقونية للرئيس رفيق الحريري، ومجموع رموز “14 آذار” التي تحتل حنايا المكتب. تشي هذه الصورة بـ”موقف جذري” يعتنقه الرجل، ويشكل الحفاظ عليه “هاجساً” بعد سلسلة الانتكاسات التي تعرّض لها “الخط السيادي في لبنان”.

علوش في الواجهة

بعد أن اتخذ علوش موقف المساند في 2018 للوائح “المستقبل”، تقدم اليوم إلى الصفوف الأمامية على أثر تقديمه الاستقالة من موقعه السابق نائباً لرئيس تيار المستقبل، ليشكل، مع مجموعة من الرافضين انسحاب الرئيس سعد الحريري من المواجهة الانتخابية، لائحة “لبنان لنا”، المؤلفة من 11 مرشحاً، والتي تدخل المعركة “مقلمة الأظافر” بسبب غياب الدعم المادي والعصب السياسي، في مواجهة 10 لوائح متعددة الأهواء والانتماءات بدائرة الشمال الثانية، التي تضم طرابلس المنية والضنية.

علامات استفهام كثيرة تحفل بها نقاشات الرأي العام عن الطبخة الانتخابية، حملتها “اندبندنت عربية” إلى المرشح مصطفى علوش، الذي يحاول تكراراً نزع الطابع الشخصي عن معركته لصالح المشروع ومقاومة للفناء، واضعاً المواطن اللبناني أمام مسؤوليته في الاختيار بين مشروعين، إما النمو والازدهار الاقتصادي، من خلال العودة إلى الحضن العربي والخليجي، وإما استمرار الانهيار. ويجزم بأن “مصلحة اللبنانيين الدائمة هي مع الدول العربية والخليجية، حيث يعيش ويعمل مئات الآلاف من اللبنانيين، ويحولون 3,5 مليار دولار سنوياً، الأمر الذي يخفف من وطأة الانهيار، ناهيك بالمساعدات، والقروض، والودائع التي حافظت على توزان الاقتصاد، فمنذ أن انقطعت تسارع الانهيار”.

اللائحة متماسكة

يتحدث علوش عن لائحة “يشعر أعضاؤها بالمسؤولية تجاه التحديات المطروحة اليوم”، مشيراً إلى أن “الخيارات المتعددة” وكثرة المرشحين شكلت عائقاً أمام سرعة إنجازها، وقد “تم الخيار من خلال الموازنة على المستوى السياسي والحركة الشعبية”.

في أوساط العامة تعرف بلائحة “المستقيلين من التيار” في أعقاب قرار الرئيس سعد الحريري الانسحاب من المشهد الانتخابي، 15 مايو (أيار)، والذي طلب من المحازبين الراغبين بالترشح الاستقالة.

يكرر مصطفى علوش، “ما زال هوانا تيار المستقبل”، مذكراً، “أنا شخص مؤسس للتيار منذ عام 1998، وخُضت إلى جانب الرئيس رفيق الحريري جميع المواجهات، وكذلك فإن اللائحة مكونة من شخصيات مستقبلية، ومستقلين سياديين هواهم على نهج رفيق الحريري”.

يوضح علوش، “نحاول الاستفادة من التجارب السابقة والإخفاقات في السياسة، والاقتصاد، والإنماء، وكذلك التسويات من أجل الخروج برؤية مشتركة، تحمي المجتمع من أن يكون ضحية من ضحايا الممانعة، وإعادة الشمال (طرابلس والمنية الضنية) إلى حضن الدولة وداخل دورتها الاقتصادية”، مشيراً إلى أن “الاستقرار ضروري، لكنه غير ممكن التحقق في ظل وجود سلاح غير شرعي، يخرب متى يشاء علاقة لبنان بأشقائه العرب”.

يقول علوش إنه “بعيداً من الاتهامات، إذا راقبنا ما جرى في لبنان خلال الـ30 سنة الماضية، سنجد أن المغامرات العسكرية التابعة للحرس الثوري في لبنان والخارج، أدت إلى ضرب العملة، وتدهور الاقتصاد بشكل سريع، ومنع الإصلاحات البنيوية للبلد، إضافة إلى الفساد المستمر منذ إنشاء الدولة اللبنانية”.

خطاب سياسي أم كبح الانهيار؟

يلاحظ المتابع للحملات الانتخابية والسياسية، تعاظم الخطاب الاتهامي العاطفي، وغياب المشروع الرُّؤيوي التقني والاقتصادي لوقف الانهيار المالي، والخروج من حالة الانكماش الاقتصادي الحالية. يجيب علوش عن هذه الإشكالية التي تترافق مباشرة مع تحميل الحريرية السياسية مسؤولية ما يحصل في لبنان، منطلقاً من مهنته كطبيب، فنقطة البدء هي توصيف المرض (التشخيص)، وهو يعتقد أن “سياسة الأحزاب العسكرية تقوم على الفوضى من أجل تعزيز سلطتها، لذلك كلما ازداد الانهيار، زادت قدرتها على الإمساك بها في لبنان”، مضيفاً أنه “منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كان هدف (حزب الله) الدفع نحو الانهيار، من خلال الاغتيالات المستمرة، وضرب المؤسسات، وإقفال مجلس النواب، واحتلال الوسط التجاري، وتعطيل الدولة، وتشكيل الحكومة من أجل تعيين فلان وزيراً، أو فرض انتخاب ميشال عون”. وهذا التشخيص، يبدأ من عتبة الإصلاح، بأن “يكون لبنان، وفق طرح البطريرك الماروني، بلداً حيادياً، ليس على مستوى الصراع مع العدو الإسرائيلي، وإنما في استخدامه أداة لتنفيذ أجندات الحرس الثوري، أو غيره”.

يشير علوش إلى “حالة انهيار شامل مرتبطة بعزل لبنان عن العالم”، مؤكداً أن “الاستفادة من مشروع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مرتبطة مباشرةً بإعادة علاقات لبنان مع شركائه وأصدقائه”.

خصمنا لن يتنازل

إذا ما أردنا تعميق الفكرة، فإن إعادة علاقات لبنان بشركائه التقليديين، تتطلب تقديم تنازل ما، والقبول بالحياد من الطرف الأقوى تنظيمياً وعقائدياً في لبنان، وهذا غير ممكن في الظروف الحالية بسبب تفوقه على مجموعات متشرذمة. يجيب علوش عن هذا الطرح بالقول: “نحن ندرك أن الحزب لن يتنازل لنا، لكنّ هناك فرقاً بين أن أقول إني معه في المنظومة، وأوافق على ما يقوم به، أو أتخذ موقف الاعتزال في بيتي مستقيلاً من مسؤولياتي، وأفتح الباب أمام العالم للتعامل مع لبنان كبلد مارق، ينتمي إلى منظومة الممانعة، ما نحاول القيام به، هو رفع صوتنا والتأكيد أن هناك مقاومة حقيقية لمحاولة استتباع لبنان، وهذه المقاومة ليست مقاومة سلاح، وإنما تعبير بالرفض من خلال صندوق الاقتراع”.

يدرك علوش أنه يخوض “مغامرة خطرة للغاية”، ذلك أن “الذاكرة تزخر بسلسلة الشهداء الذين سقطوا على مدى سنوات طويلة”، وحول إذا ما كنا أمام “فرضية التعرض للاغتيالات”، يقول: “تاريخ منظومة الممانعة السورية – الإيرانية معروف، فهي التي ارتكبت الاغتيالات والتفجيرات، وأثبتت المحكمة الدولية في جريمة 2005 أن 3 قياديين من (حزب الله) شاركوا في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتم تصنيفهم من قبله بالقديسين”، مذكراً بأن “المنظومة السورية ارتكبت جريمة تفجير مسجدي السلام والتقوى في طرابلس”.

يستغرب علوش “وجود لائحة تتظلّل بحماية ودعم المنظومة التي قتلت وجرحت المئات من الطرابلسيين في تفجيري السلام والتقوى، ونكّلت بالمدينة أثناء حقبة الاحتلال السوري، وكان الطرابلسي عاجزاً عن تعيين ناطور للبناية التي يقطنها دون موافقة الاستخبارات السورية”، مضيفاً: “دخلنا هذه المغامرة لنقول إن طرابلس والمنية الضنية لن تكون تحت ظل من قتل ونكّل بها، وضرب اقتصادها من خلال عزلها عن باقي المناطق اللبنانية، بسبب اعتبارها امتداداً للنظام السوري، ومنطقة لنشر الفوضى من مجموعة الضنية عام 2000، وصولاً إلى إنشاء تنظيم (فتح الإسلام) وتجنيد المقاتلين لإرسالهم إلى العراق”.

الأنا والآخر

هذا التشخيص يدفع إلى تخيير المواطن بين نموذجين ونمطَي حياة مختلفَين، فبحسب علوش، يجب الاختيار بين نموذج الفقر والموت والانهيار في سوريا، واليمن، وفنزويلا، وإيران، ونموذج النماء في العالم العربي وبلدان الخليج، لذلك “على اللبناني الاختيار بين أتباع النظام السوري و(حزب الله) في الشمال ولبنان، وبين النموذج المقاوم لهم الذي يُعطي أملاً للبلاد”.

العرض الذي يقدمه مصطفى علوش عن تكافؤ فرص المواجهة بين لائحة موحدة تمتلك وحدات انتخابية متماسكة، وبين لوائح “المتمردين” و”المشتتين” على لوائح ثلاث متعددة، والتي تظهر في رفض التحالف مع أشرف ريفي و”القوات اللبنانية”، ينطلق من طبيعة النظام الانتخابي. يقول، “لو كنا في نظام أكثري، كان من الضروري اجتماع هذه المكونات في لائحة واحدة تربح كلها، أو تخسر بالكامل من حيث المبدأ، لكننا أمام نظام نسبي يخضع لحساب الحواصل وأجزائها، التي تعطي زيادة في الحصة النيابية”، مشيراً إلى أن “الأفضل أن تحصل كل لائحة على حواصلها الكافية وتتمكن من تمثيل الشريحة الشعبية”.

يعلق علوش على حظوظ اللائحة التي يصفها من وجهة نظره الخاصة بـ”تابعة لـ(حزب الله) والنظام السوري داخل المدينة”، بأن “لها وجوداً وحظوظاً ترتفع في حال استنكاف المواطنين عن خوض المعركة والمشاركة لتخفيض حظوظ هذه اللائحة إلى حجمها الحقيقي، الذي يجب ألا يتعدى الحاصلين”. وعن وجود شخصيات مستقلة من خارج اصطفاف (8 آذار) ضمن لائحة الإرادة الشعبية (تحالف جهاد الصمد، فيصل كرامي، جمعية المشاريع، والمردة) يجيب علوش، “من لديه موقف سياسي حقيقي عليه أن يتخذ الخيار الذي يتوافق مع موقفه، أما من يبحث عن موقع في لائحة فهو لا يعول عليه في المواجهة”.

وحول عدم مثالية طروحه في ظل تغير ما في المزاج الشعبي، إذ بدأ كثير من المناطق السنية في الشمال، والمحسوبة على تيار المستقبل، يستقبل وفود “حزب الله” من أجل تقديمات عينية ومساعدات. يرى علوش أن “البلد مفتوح أمام الجميع في السياسة، ولا توجد مناطق مغلقة”، لكن “هذه الجولات العلنية يجب أن تستفز بدايةً الناس الذين يستقبلونهم، ويقبلون المساعدات، إما بسبب الحاجة أو الطمع”، لأن “القاتل يأتي ليرعى الضحية، فمن قتل اقتصاد البلد، ومقوماته، وقدراته، وشهداءه، يستغل الحالة التي أوصل الناس إليها من أجل تقديم المساعدات”.

سقوط التحالف مع “القوات”

يتحدث علوش عن “خلاف حقيقي بين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية، وهو ما تؤكده الوقائع، لكن هناك قواسم على المستوى الوطني في إطار المواجهة السيادية المقبلة، وعدم التحالف سببه فهم واقع الشارع الطرابلسي وتيار المستقبل”. ويتمنى علوش “دعماً عربياً وخليجياً لمواقف التيار السيادي من أجل المواجهة، لأن الفريق الآخر يحظى بدعم أمني واستخباراتي”.

يؤكد علوش أن طرابلس والمنية الضنية قادرة على تحقيق النمو والازدهار والتحول إلى “مركز ثقل حقيقي للاقتصاد اللبناني”، مشدداً على “حاجتها للدولة وخطط الإنماء كسائر المناطق اللبنانية، ولا بد من إعادتها إلى الدورة الاقتصادية الوطنية، وخلق مشاريع حقيقية، والاستفادة من مقوماتها ومرافقها”، داعياً إلى “تغيير نمط الارتزاق التقليدي في المدينة، الذي فرضته السياسة التقليدية والقعود في انتظار المساعدات، بالتالي الانتقال إلى اقتصاد العمل الجدي، المبني على الربح والاستثمار، وانفتاح المدينة أمام الأفكار الإبداعية والاقتصاد الإقليمي، وعدم انتظار الميليارديرية الذين حجبوا أموالهم عن طرابلس”.

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى