بعد انهيارها… الليرة اللبنانية تصبح “أكسسوار”
في عز انهيار الليرة مقابل الدولار، فطن بعض اللبنانيين إلى استخدامات جديدة ومستحدثة للقطع النقدية والعملة الوطنية، وها هن السيدات يتحركن ليحولنها من قطع معدنية صماء إلى أدوات نفيسة للأكسسوار والزينة. ومن ثم تأمين مصدر إضافي للدخل في ظل الاختناق الاقتصادي للأسرة اللبنانية التي تبحث عن قشة أمل للخروج من الهوة العظيمة.
المستقبل للأعمال الصغيرة
هناك شبه اتفاق في الأوساط الأكاديمية على أن المستقبل للأعمال الصغيرة وللإنتاج الذي يعتمد على الإبداع الفكري، وفي هذا الإطار تأتي المبادرات النسائية في لبنان لإنتاج قطع الأكسسوار من العملات النقدية والأحجار والأشغال الحرفية، وكذلك التسويق من خلال استخدام تكنولوجيا الاتصال الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي.
تروي إحدى المصممات أنها إبان حقبة كورونا وفترات الحجر المنزلي المتواصلة التي ترافقت مع ارتفاع الدولار، فطنت إلى أهمية العودة للأعمال المنزلية الحرفية البسيطة، لذا بدأت في مرحلة تجريبية مع عدد من السيدات بعملية إنتاج “أساور ليرتي”، وهي تحويل القطع النقدية إلى أدوات للزينة في اليد والرقبة.
بدأت ريما عرض تلك القطع على صفحة استحدثتها عبر “إنستغرام”، وكان التجاوب معها كبيراً، فقامت بزيادة أعداد المتعاقدات المنزليات وتولت تأمين مزيد من القطع النقدية من فئة 500 ليرة الفضية و250 النحاسية ومن ثم الليرة الكبيرة القديمة، إضافة إلى بكرات الخيوط التي تشكل نواة تلك القطع.
تشير المصممة إلى أنها بدأت تستعين بأشخاص من أجل البحث عن قطع نقدية قديمة من قبيل القرش المثقوب، وغيرها من العملات التي باتت تشكل جزءاً من التراث اللبناني، وهي تعثر على أغلبها في الأسواق الشعبية وتحديداً سوق الأحد، كما تشتريها من رفاق كانت لديهم هواية جمع العملات التي يعود تاريخ بعضها إلى 1920، و1936، مما يجعل من قطعة الأكسسوار شيئاً نادراً وذا قيمة عالية.
أقبل الزبائن في الداخل على هذه القطع التي تصفها ريما بـ “الـمهضومة والمرتبة”، كما أنها “رخيصة نسبياً مقارنة بالمجوهرات الثمينة”، وسرعان ما اتسع سوقها والطلب عليها من فئة الشباب وكذلك المغتربين في الخارج الذين باتوا يشكلون الشريحة الأكبر من الزبائن، فهم يرغبون في كل ما يذكرهم بلبنان الجميل.
الزمن كفيل بتطوير السلعة
خطوة بعد خطوة بدأت الأفكار تتطور وكذلك الإبداعات التي انتقلت من مرحلة الزينة بالقطع النقدية إلى “مشروع جاكيت الجينز بالتعاون مع طلاب الماسترز في الجامعة، إذ بدأوا بتصميم موديلات شبابية والرسم عليها من أجل تأمين مصاريفهم الدراسية، وعرضتها مولوي في المتجر الذي تعرض فيه الملابس منذ ثلاثة عقود.
بعد ذلك انتقلت إلى تشجيع النساء على تطريز “القفطان الرمضاني” من منازلهن، إضافة إلى التعامل مع مصانع الحرفيين لصناعة القطع المنزلية النحاسية الجميلة من أجل منزل عصري أنيق بصبغة تراثية، كما تطمح إلى تنفيذ “كولكشن” زينة منزلية كامل يحمل الهوية اللبنانية، وكذلك قطع الفرش بالهوية اللبنانية والرسوم الوطنية.
وتنوه المصممة إلى تعميم الفائدة من مشروع كهذا، فهو وأمثاله يشكلون دورة اقتصادية كاملة، وعليه لا يقتصر العائد المادي عليها كصاحبة مؤسسة أو حتى على السيدات اللواتي يصنعن القطع والأكسسوارات، وكذلك الورش الحرفية الصغيرة التي تعاقدت معها، وإنما يعود جزء من الدخل المادي لهذا المشروع إلى مؤسسات وجمعيات تقدم إليها التبرعات لمساعدة الفئات الضعيفة.
هوية عربية واحدة
يقبل كثير من العرب على القطع التي تحمل الهوية التراثية وكذلك شعار “العين الزرقاء والكف”، وربما يعود ذلك إلى أسباب ثقافية لذلك بدأت السيدة بتطوير فكرتها من خلال صك قطع معدنية تحمل أسماء بعض الجنسيات العربية، إذ يشعر حاملها بالفخر بهويته الوطنية والعربية مترافقة مع خريطة البلاد، وكذلك فناجين القهوة المزدانة بأعلام الدول العربية. وتؤكد ريما أن هذا المشروع يسلط الضوء على القطاع الحرفي في طرابلس، فهو يمتلك مهارات عالية وقدرة على تنفيذ أي تصميم بجهد يدوي وإبداع فكري، وفي سبيل الترويج للإنتاج الحرفي المحلي بدأت بتصوير فيديوهات توثيقية بالتعاون مع المصور عمر عمادي من أجل تسليط الضوء على أهمية التراث والحرف اليدوية اللبنانية.
المصدر :
News24l7