تابعوا قناتنا على التلغرام
اخبار لبنانمحليات

مقاطعة الحريري والدور السُنّي في صناعة القرار

لا شكّ أن إعلان الرئيس سعد الحريري، تعليق العمل السياسي وعدم خوض الإنتخابات النيابية ترك فراغاً كبيراً على الساحة السنّية التي لطالما كان تيّار “المستقبل”، اللاعب الأكبر فيها والمُستحوذ على حصة الأسد في شارعها، من العاصمة بيروت الى صيدا والإقليم وطرابلس وعكار والبقاع الغربي، إذ كان يُشكّل نقطة الجذب الاكبر للسُنّة، حتّى أن سُنّة المناطق ذات الأغلبية الشيعية أو المسيحية، كانوا يرون في تيّار “المستقبل” ممثلاً لهم. ويمكن القول أن ما قدّمته هذه الطائفة للحريري الإبن في انتخابات 2005 و2009، لم تُقدمه لأي زعيم من قبل.

ومع غياب التيّار عن المشهد الإنتخابي ترشيحاً واقتراعاً، في ظلّ توجه مناصري التيّار الأزرق لتبنّي خيار المقاطعة، إلاّ في حال إعطاء إشارات أخرى من قبل الرئيس الحريري، فمن المؤكد أن أي قوة سنّية أخرى لن تتمكّن من ملء هذا الفراغ بمفردها، وهذا ما تُبيّنه اللوائح التي تغيب عنها أي ترشيحات سنّية على مستوى جميع الدوائر ذات الثقل السنّي، حتّى أن دعم رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة لبعض المرشحين اقتصر على دوائر مُحددة ولم يصل الى مستوى لوائح على صعيد لبنان. لذا فإن السيناريو الأرجح، سيكون تقاسم تركة الحريري من قبل مجموعة من الزعامات المحلية، والعائلات التاريخية، والشخصيات الدائرة في فلك تيّار “المُستقبل”، ونوابه الحاليين الذين خالفوا قراره بإعادة الترشح، ومُرشّحين جدُد يدورون في فلك ثورة 17 تشرين.

هذه الوراثة النيابية لتيّار “المُستقبل” من شأنها أن تُقابل “ببلوكات” طائفية متينة لدى جميع الطوائف داخل مجلس النواب، فالشارع الشيعي سيبقى بيد ثنائي “حزب الله – أمل”، وكذلك الكُتل المسيحية والدرزية، وإن سُجل تقدمٌ ما لنواب من طوائف مختلفة يملكون حيثيات مناطقية. هكذا يصبح خروج تيّار “المستقبل” من الساحة السياسية أبعد من مجرد اعكتاف، ليؤثر بدوره على الدور السُنّي التاريخي في صناعة تاريخ لبنان، وخصوصاً اذا ما تمّت مقاربته من ناحية الإستحقاقات التي تنتظر لبنان بعد الإنتخابات النيابية ولا سيّما الجانب الإقتصادي الذي سيُرسم بناءً على المفاوضات القائمة مع صندوق النقد الدولي.

في لبنان، جُرّب خيار المقاطعة في انتخابات عام 1992، وهدف في ذلك الوقت لنزع الشرعية عن الإنتخابات المفصّلة على قياس حلفاء سوريا، ورغم الإختلاف على تقييم هذه التجربة، إلاّ أنها ساهمت بشكلٍ أو بآخر، في خروج المسيحيين من دائرة المشاركة في صناعة القرار. وفي حال اتخاذ الأغلبية السُنّية لهذا الخيار، فإن مصير الدور السُنّي يصبح بخطرٍ أكبر من ذلك الذي تعرّض له الدور المسيحي، اذ لن يقتصر على التراجع في المشاركة بصناعة القرار فحسب، بل قد يصل الى درجة يصعب فيها استعادة هذا الدور، خصوصاً اذا ما أقرّينا بأن النظام الطائفي اللبناني قادر على استثناء أي طائفة اختارت الخروج منه بطريقة أو أخرى.

المصدر :

ليبانون ديبايت.

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى