تابعوا قناتنا على التلغرام
حرب اوكرانيا

زيلينسكي في بوتشا: تقطيع أطراف… اغتصاب وقتل

لم تمرّ مشاهد جثث المدنيين الممدّدة على الطرق والمكدّسة في مقابر جماعيّة قرب الكنائس والمنازل في ضواحي كييف، خصوصاً في بوتشا، بعد انسحاب القوات الروسية منها، مرور الكرام أمام المجتمع الدولي عموماً والغرب خصوصاً، إذ بدأت تلوح في الأفق بوادر تشدّد حقوقي وديبلوماسي وسياسي واقتصادي ومالي أميركي – أوروبي تجاه موسكو، التي تدفن رأسها في “الرمال الأوكرانية المتحرّكة” متهرّبةً من مسؤوليّتها عن مجازر قوّاتها الفظيعة، لتُركّز جهودها على القصف والقتل والتدمير، ولتُعيد تنظيم صفوفها لإطلاق العنان لغضبها في شرق أوكرانيا، علّها تجد ما قد يشفي غليل “القيصر” بعد تعثّر خططه وأهدافه المرسومة واصطدامها بـ”سدّ المقاومة” الأوكرانية التي أثبتت تفوّقها في الميدان ضاربةً استراتيجيّة الكرملين وصورته عرض الحائط.

وعلى الرغم من المخاطر التي تُهدّد حياته، كان لافتاً بالأمس توجّه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى بوتشا، التي باتت بمثابة “أيقونة الشهادة” على مذبح مصالح موسكو الجيوسياسية، حيث اتهم الجيش الروسي بارتكاب “جرائم حرب” سيُعترف بها على أنها “إبادة جماعية”. وقال زيلينسكي مرتدياً سترة واقية من الرصاص ويُرافقه عسكريون، متحدّثاً إلى صحافيين من وسائل إعلام عدّة بينها وكالة “فرانس برس” في أحد شوارع بوتشا المدمّرة جرّاء المعارك الطاحنة: “كلّ يوم حين يدخل مقاتلونا ويستعيدون مناطق، ترون ما يجري”. وأشار إلى أن آلاف الأشخاص تعرّضوا للتعذيب والقتل على أيدي الروس، لافتاً إلى “تقطيع الأطراف واغتصاب النساء وقتل الأطفال”.

وعلى خطّ ردود الفعل الغربية الغاضبة التي توالت شاجبةً هول المجزرة، دعا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى “محاكمة في جرائم حرب”. وكشف بايدن للصحافيين الذين كانوا ينتظرون عودته إلى واشنطن بعد عطلة نهاية الأسبوع في منزل عائلته في ديلاوير أنه يُريد فرض “عقوبات إضافية” على روسيا، مجدّداً التأكيد أنه يعتبر نظيره الروسي فلاديمير بوتين “مجرم حرب”، واصفاً إيّاه بأنه “وحشي”، واعتبر أن “عليه أن يُحاسب”، بينما نفت موسكو أن تكون قد قتلت مدنيين في بوتشا، معلنةً أنها ستُجري تحقيقاً في “استفزازات حاقدة” ترمي برأيها إلى “ضرب صدقية” القوات الروسية في أوكرانيا.

وفيما حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن “الوضع والفبركة في مدينة بوتشا هو استفزاز ويُمثل تهديداً للسلم والأمن الدوليَّيْن”، كشفت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد أن بلادها ستسعى إلى تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان، ردّاً “على الصور الواردة من بوتشا”، معتبرةً أنّه “لا يُمكن أن ندع دولة عضو تُقوّض كلّ المبادئ التي نؤمن بها، تُشارك في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة”، في حين ندّدت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه بـ”المشاهد المروّعة”، واعتبرت أن المعلومات الواردة “تُثير تساؤلات خطرة ومقلقة حول احتمال وقوع جرائم حرب وانتهاكات خطرة للقانون الإنساني الدولي”، داعيةً إلى “الحفاظ على كلّ الأدلّة”.

وبحث الاتحاد الأوروبي أمس في فرض عقوبات إضافية على روسيا، وهو ما تُطالب به خصوصاً فرنسا وألمانيا. وأعلن الاتحاد تشكيل “فريق تحقيق مشترك مع أوكرانيا لجمع الأدلّة والتحقيق في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية”. وأوضحت رئيسة المفوضية الأوروبّية أورسولا فون دير لايين بعد مكالمة هاتفية مع زيلينسكي أنّه “يجب ألّا يفلت مرتكبو هذه الجرائم الفظيعة من العقاب”، بينما تحدّث رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن “إبادة جماعية” محتملة في أوكرانيا، وقال: “سنقوم بكلّ ما في وسعنا كي لا يبقى أولئك الذين يرتكبون جرائم الحرب هذه من دون عقاب ويتمكّنوا من المثول أمام المحاكم، وفي هذه القضية المحدّدة أمام “المحكمة الجنائية الدولية” على خلفية حالات مزعومة تشمل “جرائم ضدّ الإنسانية” و”جرائم حرب”، ولمَ لا نقولها أيضاً، إبادة جماعية”.

كذلك، دعا رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية في شأن جريمة “الإبادة الجماعية” التي ارتكبها الجيش الروسي في مدن أوكرانية، بينها بوتشا. وتوجّه إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قائلاً: “كم مرّة تفاوضت مع بوتين؟ ما الذي حصلت عليه؟ لا نُناقش، لا نُفاوض مع مجرمين، المجرمون يجب محاربتهم!”، بينما أبدى ماكرون تأييده فرض عقوبات أوروبّية جديدة على موسكو، قد تشمل النفط والفحم.

وفي الأثناء، لم تتوانَ دول أوروبّية عدّة عن طرد ديبلوماسيين روس، إذ كشفت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن بلادها قرّرت طرد “عدد كبير” من الديبلوماسيين الروس، في حين أفادت معلومات تلقتها وكالة “فرانس برس” بأن عددهم يصل إلى 40. كما ستطرد فرنسا 35 ديبلوماسياً روسياً “تتعارض نشاطاتهم مع مصالحها”، وفق ما أفاد مصدر في وزارة الخارجية الفرنسية، في وقت طردت فيه ليتوانيا السفير الروسي في فيلنيوس، بينما حذّرت موسكو من تدهور العلاقات مع أوروبا، مهدّدة بإجراءات إنتقامية.

ميدانيّاً، تستعدّ القوات الروسية “لشنّ هجوم ضخم” على القوات الأوكرانية في منطقة لوغانسك في شرق أوكرانيا، وفق ما أعلن حاكمها سيرغي غاداي، فيما كشف رئيس بلدية ماريوبول المحاصرة في جنوب شرق البلاد فاديم بويتشينكو أن المدينة دُمّرت بنسبة 90 في المئة، لافتاً إلى أن 40 في المئة من بنيتها التحتية غير قابلة للإصلاح. وقال: “الجيش الروسي يُدمّر ماريوبول بوحشية… القصف لا يتوقف”، لا سيّما “قاذفات الصواريخ المتعددة”، مشيراً إلى أن “نحو 130 ألف نسمة” لا يزالون محاصرين فيها. كما قُتِلَ 10 مدنيين وأُصيب 46 آخرون في عمليات قصف استهدفت ميكولاييف الواقعة في جنوب أوكرانيا.

وفي موسكو، ذكر وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال مؤتمر صحافي أن الدول العربية عرضت الوساطة في حلّ الأزمة الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، موضحاً أن مجموعة الاتصال العربية في شأن أوكرانيا شدّدت خلال محادثاتها في روسيا على أهمّية تسهيل خروج الجاليات العربية في مناطق الصراع وضمان عدم تأثير النزاع على الدول الأخرى. ودعا إلى “وقف الحرب واللجوء إلى الحلول السلمية في الأزمة الأوكرانية”.

Journalist
Author: Journalist

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى