تابعوا قناتنا على التلغرام
نشاطات وثقافة

التأتأة : لماذا يتأتئ الصبيان أكثر من الفتيات؟

التأتأة:
يتأتىء الصبية والرجال أكثر من الفتيات والنساء ـ يبلغ عدد الرجال الذين يتأتئون أربعة أضعاف عدد النساء المتأتئات. قد يبدو ذلك غريباً، نسبة إلى أن الكلام والنطق لا يخصّان جنساً معيّناً ـ مع أن البعض قد يقولون إنّه في ما يتعلّق بعدد الكلمات المنطوق بها، تفوز النساء بلا منازع. هنالك مجموعة من الأدلّة تشير إلى أن التأتأة وراثية، فحوالى 60% من الناس الذين يتأتئون لديهم قريب واحد على الأقل يتأتىء أيضاً، لكنّ هذا لا يفسّر الـ40% الباقين.

ماذا تقول الأبحاث؟

وتشير البراهين العلمية إلى أن الجزء الأيسر من الدماغ عند الأشخاص الذين يتأتئون لا يكون مسيطراً في العمل اللغوي مثلما ينبغي له أن يكون وأن هنالك أيضاً مشاكل في السمع أو توقيتاً خاطئاً في حركة عضلات الوجه.

لدينا جميعاً، بدرجة معيّنة، عوائق في طلاقة الكلام وتدفّقه. نستخدم الكثير من الـ«مم» والـ«آه» في كلامنا من دون أن يتسبّب ذلك بأي قلق. ولكن، عند الشخص الذي يتأتىء، تصبح هذه الإعاقات في طلاقة الكلام أكثر وضوحاً وبروزاً وقد تتطوّر إلى حركات لا إرادية tics وفترات طويلة من الصمت ومطّ في الأصوات وعدم قدرة على نطق الكلمات بالكامل.

الشخصيات المشهورة والتأتأة

يزخر التاريخ بالشخصيّات المشهورة التي عانت من التأتأة: ونستون تشرشل؛ الممثّل جيرار دوبارديو؛ الكاتب لويس كارول؛ الممثّلة ماريلين مونرو؛ المغنّية كارلي سايمون؛ الملك جورج وغيرهم كثيرون. من الأسباب الانفعالية الكامنة وراء التأتأة هو أنّ الأشخاص الذين يتأتئون نادراً ما يفعلون ذلك عندما يمثّلون على المسرح ويلعبون دوراً مغايراً عن شخصيّتهم. تشير هذه المعلومة إلى أنهم يجدون صعوبة في نقل شخصهم وطبيعتهم إلى الآخرين أو أنهم غير واثقين من هذا الشخص وهذه الطبيعة.

تبيّن أن الأشخاص الذين يتأتئون هم أكثر حساسية وتأثّراً من غيرهم، ما يجعلهم أكثر حَدْساً وقدرة على استشعار انفعالات الآخرين التي لا يلاحظها معظم الناس. إن هذه الحساسية الزائدة تجعلهم أيضاً يشعرون بأنهم أكثر ضعفاً وأكثر قابلية للانجراح من غيرهم، كما أنّها تضعهم تحت قدر أكبر من الضغط لإرضاء الآخرين، لأنهم يخشون أن يجرحوا أو يضايقوا الآخرين أكثر من غيرهم.

وجه آخر للتأتأة

هنالك أيضاً وجه جنسي للتأتأة. نحاول أن نكون على الصورة التي نشعر بأن الآخرين يريدوننا بها، لكي نرضيهم، وفي ذلك نكبت قسماً كبيراً من سلوكنا الغريزي الطبيعي. الفتيان المراهقون الصغار معرَّضون بشكل خاص للتأتأة. مع تقلّب مستويات هرموناتهم وبروز الجانب الحميم من شخصيتهم، يكون هؤلاء الشبّان الحسّاسون غير واثقين أحياناً من كيفية التعامل مع التغييرات التي تسبّب لهم الإحراج الشديد.

في محاولة كبت وقمع هذا الجانب الانفعالي الناري و البدائي من ذواتهم ونقل صورة أكثر ليناً ومطاوعةً عنهم، يفقد هؤلاء الشبّان إحساسهم بهويّتهم الحقيقية. يخشون الكشف عمّا يختبىء في الجانب المستتر من ذواتهم ويجدون بالتالي صعوبة في التعبير عن أنفسهم أو المدافعة عن حقوقهم، حيث إنه لا يُسمح للذات الحقيقية بالوجود.

يحدث خلط بين هذا الشخص الخارجي «اللطيف» وطبيعتنا الحقيقيّة؛ قد يشعر الأشخاص الذين يتأتئون بشكل عام بفراغ داخلي وبعدم الكفاءة وعدم الراحة مع أنفسهم. وكثيراً ما يحدث هذا نتيجة وجود أب (أو أم) متسلّط يريد قولبتنا بشكل معيّن. رغبةً منا في إرضائه، نذعن ونطيع ثم نجد صعوبة في التمييز بين حاجاتنا وحاجات أهلنا. إذا طلب منا أن نلعب دورنا نحن، حيث نكون على طبيعتنا لن نجد من طبيعتنا وذاتنا الحقيقية ما يُذكر؛ إننا لا نملك أي وسيلة للتعبير عن ذاتنا الحقيقية وطبيعتنا فيستقر الخوف والهلع فينا ويترسّخان.

خارج عالم التأتأة يتغير الشخص. لماذا؟

ولكن دع شخصاً يتأتىء يلعب دوراً وسيشعر براحة كبيرة في أن يكون شخصاً آخر. هذه الشخصية التي يلعبها المتأتىء ليست شخصيّته وبالتالي لا يمكن الحكم عليه. لا يوجد أي خوف من عدم أداء الدور بشكل جيّد عندما لا يكون المرء ذاته.

وقد يكون أهلنا من أولئك الذين يُخجلِون أولادهم وينتقدونهم باستمرار لعدم تلبية أولادهم لاحتياجاتهم هم (الأهل). عندما يشعر المرء بأن هنالك مَن يقلّل من قدره باستمرار، يحتاج إلى الإعلاء من شأن نفسه. يولّد هذا النزاع توتّراً فتتجمّد كلماتنا. ويتولّد بنتيجة الأمر قدر هائل من الإحباط وعدم الأمان.

يتمّ عادةً مساعدة الأشخاص الذين يتأتئون على إدارة وتدبير المشكلة بدلاً من شفاء التأتأة بالكامل. وقد ثبتت فائدة تخفيف التوتّر وتعلّم المهارات المعزّزة للطلاقة في الكلام. ومن الوسائل التي تخدم التخفيف من التأتأة إلى أقصى حدّ ممكن العمل على طرق لتعزيز وتحسين الصورة التي نشكّلها عن ذواتنا وتعزيز الفهم والثقة بالنفس وبطبيعتنا الحقيقية. إن ما يساعد في هذه الحالة هو أن نتعلّم أن نكون أنفسنا ونلعب دورنا ونكون راضين عن أنفسنا من خلال تعزيز احترام وتقدير الذات.

إذا كنت تعرف شخصاً يتأتىء، يمكنك أن تساعده ببذل جهد مشترك لكي تسترخي أنت وتجعله يسترخي في وجودك. لا تسدِ له أبداً النصائح. ولا تقاطعه أثناء الكلام أو تُنهي الكلمة أو الجملة عنه. فهذا يؤدّي فقط إلى إضعاف الشخص الذي يتأتىء وسلبه قوّته وسلطته. انظر دائماً في عينيه واصغِ بانتباه لما يقوله، ولا تملّ أو تتململ أو تنظر ربما للشقراء الجميلة التي تمرّ أمامك!

للأشخاص الذين يتأتئون ذكاءٌ طبيعي وفي الكثير من الأحيان أعلى من المتوسّط، فلا تعاملهم وكأنّهم أغبياء أو بطريقة متعالية.

المصدر :

التربية الذكية.

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى