“عين برّي” على حواصل “حزب الله”
تتجلّى أزمة الحواصل الإنتخابية لدى حركة “أمل”، والتي تمثّل في إحدى النواحي، ضعف أداء الحركة في مناطق نفوذها، وعلى الرغم من التقديمات و”جيش الموظفين”، وأن أرقام الحركة في تراجع مستمرّ، وهذا ما بيّنته واقعاً دورة إنتخابات 2018، ساعة بانت عيوب الأرقام واتّساع دوائرها ما بين الحليفين.
في هذا الموسم، الحال نفسُه تقريباً، إذ تُشير جميع التقديرات والإستطلاعات الإنتخابية التي حضرت على طاولة عين التينة، إلى أن الأرقام التي ستحصدها الحركة، ستغدو أقلّ من تلك المجمّعة عام 2018 وبأفضل الأحوال ستلامسها، من دون ملاحظة أي تعديل إيجابي يُذكر على الحواصل. ويكاد يكون الفارق شاسعاً بين ما ستحصده “الحركة” وما سيجنيه “الحزب” الذي عمل على تدعيم خطوطه الشعبية بدقّة.
وتعود أسباب “التراجع الحركي” إلى عدة عوامل، من بينها النقمة الشعبية التي تشهدها القرى الشيعية، لناحية اتّهامها بالوقوف خلف دعم مجموعة من الفاسدين المتسبّبين أساساً بالفظائع التي يُعاني منها الإقتصاد، وعدم اتخاذ الحركة أي موقفٍ إيجابي أو واضح من قضايا عديدة، كقضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأزمة المودعين لدى المصارف و مشاريع الموازنات، بالإضافة إلى المسارات المتعرّجة المتّبعة في رسم سياسة الحماية، سواء أمام بعض أركان المنظومة من سياسيين أو مصرفيين أو رجال أعمال وأصحاب الإحتكارات، إلى جانب ما اعتُبرَ أنه استفزازٌ للشرائح الشعبية وتجاهل موقفها، عطفاً على خيار ضمّ ما يُصطلح على تسميته “مرشّح المصارف” على لائحة الثنائي الشيعي في دائرة الجنوب الثالثة مروان خير الدين، نزولاً عند رغبة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ما جعله وديعةً جنبلاطية داخل لائحة الثنائي، يُضاف إلى ذلك تجاهل الطلبات المستمرّة لناحية إجراء تغييرات سواء على مستوى النواب أو الإدارات المحلية، وهذا الشقّ تحديداً مثّل خروجاً عما سبق لبري وأن أعلنه في مؤتمر الحركة العام الرابع عشر الذي انعقد في أيلول 2018، لناحية رغبته في إجراء تغييرات إصلاحية بعد النتائج “المخيّبة للآمال”، وقد بيّن عام 2022 أنها انحصرت فقط بمجموعةٍ صغيرة من النواب دون أن تطال كامل السلّم المسؤول عن هذا “الإنهيار”، ما فُسّر على أنه “تضحيات” جاءت للتخفيف من النقمة الشعبية، غير أن المحاولة لم تؤت غرضها، بفعل تعاظم الإعتراض وعدم اعتبار ما قُدّم على أنه “مسار إصلاحي”، وهذا ما تسجّله المناطق المحسوبة صرفاً على حركة “أمل”، سيّما في الجنوب.
وثمة جانبٌ آخر لا بدّ من الإشارة إليه، يتّصل بقلّة حضور الحركة في الأزمة الإقتصادية الحالية وغيابها عن إسناد شرائحها الشعبية، واقتصار حضورها على بعض التأمينات التي توفّرها من خلال المؤسسات الرسمية، من دون منح تقديمات، مقارنةً بتلك التي يقدّمها الحزب تحت عنوان التكافل، إلى حدٍّ أدّى بمناصري الحركة للجوء إلى “بطاقات السجاد” لسدّ الحاجة والحصول على التموين بأسعار مدعومة.
هذه الدوافع، والتي لا بدّ أن شظاياها قد وصلت إلى قيادة الحركة، دفعت بالأخيرة إلى محاولة ابتكار حلولٍ، تصلح في “ردم الهوة” داخل البنية الشيعية، ما فُسّر على أنه محاولة لرسم استراتيجية “توزيع أصوات” بين الثنائي، تكفل “تقليل الفجوات” بين الطرفين لناحية الأصوات، مع العلم أن الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله، سبق له وأن قال في تصريحٍ إعلامي بأن “معركتنا في الإنتخابات المقبلة هي معركة حلفائنا… وسنعمل لمرشّحي حلفائنا كما نعمل لمرشّحينا”، لكنه استطرد وقال “إننا وحتى إشعار آخر لم نعط وعداً لأيّ حليف بالصوت التفضيلي لأننا بذلك نقطع الطريق على بقية أعضاء اللائحة، ونحن ليس لدينا كلام فوق الطاولة وآخر تحت الطاولة”.
المصدر : ليبانون ديبايت.