حرب الغاز في المتوسط: هل يُصبح لبنان طرفاً؟
أطلقت الحرب الروسية على أوكرانيا، حرباً من نوعٍ آخر بدأت معالمها تظهر في المنطقة، تحت عنوان “السباق العالمي على منابع الغاز فيها”، حيث يبرز مجدّداً الإهتمام الأميركي، كما الروسي، بخطّ الغاز العربي، ما سينعكس على عملية استجرار الغاز، والتي يدخل لبنان فيها طرفاً في حال نجح في الإفادة من ثروته الموعودة .
واللافت في هذا المجال، هو ما كشفه الخبير الإستراتيجي العميد الركن المتقاعد ناجي ملاعب، بأن سوريا تحوّلت اليوم إلى مركز اهتمام غربي، وبشكلٍ خاص روسي وأوروبي، لأن سوريا هي “عقدة طرق” مهمة لخطوط الغاز، وقد بدأت تظهر معالمه من خلال عملية خلط الأوراق على المستوى العسكري في ساحات المنطقة، وذلك، انطلاقاً من سوريا التي تشهد تحوّلاً في نوعية العمليات العسكرية، سواء لجهة الغارات الإسرائيلية، أو لجهة العمليات التي تستهدف القواعد الأميركية فيها. وأوضح، أن الأراضي السورية باتت “عقدة طرق” مهمة، نظراً لخطوط الغاز التي تمرّ بها، والمتّصلة بدول المنطقة، وأبرزها إيران، وذلك، بعدما أصبح الغاز الإيراني حاجة أميركية، وأيضاً أوروبية.
فهل يكون الغاز العربي البديل عن الغاز الروسي لأوروبا؟
عن هذا السؤال أجاب ملاعب، إن خطّ الغاز العربي الذي يصل إلى سوريا، وكان من المقرّر أن ينزل عليه خطّ قطري، هو البديل المثالي للغاز الروسي بالنسبة للدول الأوروبية، ولذلك، فإن تدخّل روسيا في المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا، قد هدف إلى منع الغاز القطري من أن يكون بديلاً عبر تركيا، خصوصاً وأنه خلال العام 2008، كان قد تمّ التوقيع على خطّ غاز إيراني يمرّ ببغداد إلى سوريا فلبنان، ولكن من دون المرور عبر تركيا، وبالتالي، فإن كل هذه الخطوط اليوم باتت خاضعة للنقاش ولحركة الطلب الأوروبية، ولكن من دون أن يكون خطّ الغاز العربي جاهزاً لتلبية هذه التطلّعات.
وكشف أن هذا الملف قد اخترق مفاوضات فيينا بعدما دخلت روسيا على الخط، ذلك أن إيران هي الدولة الثانية في احتياط الغاز بعد روسيا، ما وضع طهران اليوم أمام مفترق طرق مصيري لجهة الإتفاق مع الولايات المتحدة، والتوجّه غرباً، أو التوجّه شرقاً. فإذا كان قرارها الإتفاق مع واشنطن، وبالتالي، قرّرت التوجّه غرباً، فهذا سيؤدي إلى مواجهة مع روسيا في سوريا، لأن الولايات المتحدة تفاوض إيران، كما فاوضت فنزويلا، من أجل تمرير الغاز الإيراني، خصوصاً وأن إيران هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لا تملك عقوداً لتصدير الغاز، بينما قطر مرتبطة بعقود ولا تستطيع الإتفاق مع واشنطن في ملف الغاز.
وركّز الخبير والمواكب لكل تفاصيل خطّ الغاز العربي ملاعب، على أن الموقع الجغرافي اليوم، هو أهمّ من الأيديولوجيا، فالكلّ يريد موقعاً على المتوسط، والجغرافيا السورية قد غلبت الأيديولوجية، وباتت معبراً بديلاً للغاز الروسي من قطر وإيران، خصوصاً وأن البدائل عن الغاز الروسي ستكون الخطوط البرّية، نظراً لكلفتها المتدنية عن كلفة الشحن في السفن، وبالتالي، فإن خط الغاز العربي، والذي كان سينال منه لبنان الغاز وفق التفاهم الذي كان قد حصل، هو اليوم الحلّ والبديل للدول الأوروبية، لكن روسيا تريد أيضاً موقعاً على المتوسّط، ولذلك، هي موجودة في سوريا، مع العلم أن القرار بالإستغناء عن الغاز الروسي، سيرفع من وتيرة الصراعات في المنطقة، وسيكون لبنان أمام تحدّي استخراج الغاز، والإنضمام إلى خطّ الغاز العربي الذي قد يكون نقطة تلاقي دول المنطقة، والحلّ لأزمة الغاز في أوروبا.