تابعوا قناتنا على التلغرام
اقتصاد ومال

تعويم الليرة…خطة إنقاذ أم افلاس؟!

شهد لبنان أزمة اقتصادية خانقة نتيجة سياسات مصرفية متعاقبة وغياب الخطط الإقتصادية ما ادى الى تدهور الليرة مقابل الدولار الاميركي بحوالي ٣٠٠٪ ، ما نتج عنه اقفال معظم الشركات والمؤسسات وارتفاع نسب البطالة وتضخم اسعار المواد الغذائية. ومن منّا لم يعش في الفترة الاخيرة هوس مراقبة أوضاع الليرة!؟ الحكومة بدورها وضعت عدة بنود اصلاحية في خطتها الانقاذية، كان من ضمنها تثبيت الليرة عند سقف معين، الاستدانة من صندوق النقد الدولي، تدخل مصرف لبنان للسيطرة على التلاعب بسعر الصرف وغيرها من الاقتراحات.

وقد كثر الحديث بالتوازي مع تلميحات رئيس الحكومة حسان دياب عن تحرير سعر صرف الليرة دون قيود مصرفية تحت ما يسمى بتعويم الليرة كخطوة انقاذية بديلة، فماذا يعني هذا “التعويم” وما هي نتائجه على الوضع الاقتصادي للبنان؟

تعويم الليرة هو عدم تحديد سعر عملة دولة معينة وتركه يتحرّك ويتغيّر أمام العملات الرئيسية وفقّا لنسبة العرض والطلب، بحيث يؤدي ازدياد الطلب على العملة الى ارتفاع سعرها والعكس صحيح، وبالتالي يصبح السعر محرّرًا تمامًا, دون تدخّل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده مباشرة. ومن هنا فان البنوك المركزية لا تستهدف سعرًا معيّنًا عند اتباعها لنهج التعويم المطلق بل ان سعر العملة يكون شبيهًا بسعر الذهب والمعادن الأخرى الذي يخضع الى التغيير اليومي في الاسواق العالمية حتى أنه يمكن أن يتغبر من ساعة الى أخرى.

وفي حديث مع الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة، أكد لوكالة أخبار اليوم أن بند تعويم الليرة الذي كان موضع نقاش في الحكومة السابقة انتقل الى الحكومة الحالية كونه شرطا اساسيا لصندوق النقد الدولي قبل تقديم الدعم للبلدان الدائنة، وكان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قد تحدث خلال تلاوة البنود الاصلاحية للموازنة التي وضعتها حكومته عن طلب من صندوق النقد الدولي “تعويم الليرة اللبنانية” مقابل تلبية طلب الاستدانة، لكنّه قال أن الدولة ليست جاهزة لتلبية كل الطلبات التي يفرضها الصندوق ولا يشتمل هذا التصريح على الرفض المطلق لهذا البند لكنه يحمل الحيرة في الاختيار ويمكن أن ينفّذ لاحقًا. أما حكومة حسان دياب فقد أعلنت تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار على 3500 ليرة وهو رقم قابل للزيادة التدريجية السنوية بنسبة 5%. لكن وزير المال غازي وزني عاد وأكّد في تصريح أن لبنان جاهز لتحرير العملة ولكن بشكل متدرّج وصولًا الى التحرير المطلق.

تتطرّق الحكومات في البنود الاصلاحية الى تعويم الليرة كحل انقاذي بقينا نبحث عنه مطوّلًا حتى وجدناه أما بالفعل فان هذا الاجراء هو أسوء ما يمكن أن يقرّ اقتصاديًّا، ووفق عجاقة فإن تعويم الليرة يدمّر الأمن الغذائي للمواطن أكثر مما هو مدمر حاليًّا، مشيرا الى ان تخفيض قيمة العملة يؤدي الى اضعافها وبالتالي الى خفض القدرة الشرائية للمواطن ولاحقًا الى نقص المواد الغذائية لضعف الاستيراد الذي يعتمد على الدولار.

وتابع قائلًا: “الاقتصاد القوي في العديد من الدول يعتمد على توازن ميزان المدفوعات وهناك مصارف مركزية تهتم بهذا الشأن وهو ما يدمّره مبدأ التعويم الذي يمكن أن يحدث بدوره هزة اجتماعية والحل يبقى دائمًا بدعم قطاعات الانتاج المحلية”.

وكان موقع “آفاتريد” قد ذكر أن هذه الخطوة يمكن أن تتحول الى نقطة ايجابية فقط اذا أصبح عرض الدولار أكثر من الطلب عليه، وبالتالي يصبح الطلب على العملة الوطنة هو المنتشر ويرتفع سعرها مقابل العملات الأجنبية.

ويكثر الحديث عن الأزمة الاقتصادية الحالية فالبعض يتوقّع أن تنقذ هذه الحكومة البلد من الهلاك والبعض الآخر يرى أن الوضع أصعب من ذلك ولا يحمل حلًّا قريبًا في ظل هذه الفوضى، وفي المقابل هناك أيضَا من لا يرى حلًّا الا من خلال محاسبة السلطة الحاكمة واسترجاع الاموال المنهوبة وضخ السيولة منها بدل الاستدانة ولكن تبقى حياة المواطنين مرهونة بالدولار وامنه الإجتماعي مرهون بقدرة الحكومة على تقديم الحلول الصحيحة.

المصدر: أخبار اليوم

Reporter
Author: Reporter

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى