شعب واحد في “بلاءين”
كتب خالد ابو شقرا في نداء الوطن مقاله تحت عنوان: “قيصر” يجفّف الدولار… شعب واحد في “بلاءين”!
بعد قرون غابرة عاد “قيصر” إلى سوريا. ولكن هذه المرة ليس من البوابة الرومانية أو حتى الروسية، إنما انبثق من صور جرائم الحرب بحق المدنيين السوريين، دافعاً الولايات المتحدة الاميركية إلى إقرار تشريع “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2019″، وفرض عقوبات اقتصادية بحق النظام ومؤسساته ومن يتعامل معه.
لبنان الذي ابتلى بـ”وحدة المسار والمصير” وبفذلكات نظام البعث الاسدي “شعب واحد في بلدين”، يستمر في دفع ضريبة الارتباط الفوقية اليوم أكثر من أي وقت مضى. فحبل القانون الذي سيبدأ مطلع حزيران الالتفاف على عنق المصرف المركزي السوري المتهم بتبييض الاموال وقطع أوكسيجين الدولار عن مؤسسات النظام الحيوية… كان قد استبق بأوسع حملة امتصاص للدولار من لبنان. وما كان يثير التساؤلات عن تحول الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، إلى أكبر سوق صرافة غير شرعية لشراء الدولار بأعلى الاسعار، لقي الجواب الشافي بشروع حلفاء الاسد في تنفيذ خطة ممنهجة من أجل سحب الدولار من السوق لتأمين تمويل آلة النظام في سوريا. وما استفحال عمليات التهريب لمشتقات النفط والقمح الى سوريا في وضح النهار بمبالغ تفوق الـ 4 مليارات دولار سنوياً، والعجز عن ايقافها رغم كل الحملات الشعبية والسياسية والقضائية، إلا لأنها الدواء القادر على اطالة عمر النظام أكثر وقت ممكن.
سحب الدولارات من المصارف اللبنانية ومن ثم المضاربة على العملة الوطنية لتأمين أكبر كمية ممكنة من الدولار، واستمرار تهريب السلع والمنتجات عوامل ثلاثة دفع ثمنها لبنان انهياراً في قدرة أبنائه الشرائية، وسقوط أكثر من 50 في المئة منهم تحت خط الفقر. مئات السلع والمنتجات الضرورية فقدت، وتعطلت قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة الباحثة عن دولار مدعوم لشراء المواد الاولية، وتوقفَ علم آلاف الطلاب في الخارج وتشردَ اللبنانيون المنتشرون، وتعطّلَ النظام المصرفي وتراجعت التحويلات الخارجية وحلّ غيرها الكثير من المصائب. فهل يستأهل نظام قتل شعبه، هذا الحجم من التضحية؟
السؤال الذي لم يُقدّم له جواب من حلفاء الاسد منذ العام 2011 تحول إلى كابوس للشعبين السوري واللبناني. فالعلاج بتجفيف مصادر العملة الصعبة لمحاصرة النظام وداعميه عبر قانون “قيصر”، هو كالعلاج الكيميائي لمريض السرطان، يصيب بالاضافة الى الورم كل اعضاء الجسم بالاعياء الشديد. وهكذا فرض محور الممانعة على اللبنانيين أن يتحولوا مع السوريين إلى شعب واحد في “بلاءين”.