8 آذار ترضخ… مَدَد يا “صندوق النقد”!
المصدر: نداء الوطن
عندما عنونت “نداء الوطن” في 14 كانون الثاني الفائت “الحل من 3 أحرف IMF”، كانت قوى الثامن من آذار لا تزال تتلطى حينها خلف إصبعها وتمارس سياسة المكابرة والمناورة وتخوين كل من يأتي على ذكر صندوق النقد الدولي باعتباره ذراعاً استكبارية تريد السطو على السيادة اللبنانية… واليوم بعدما أوصلت هذه القوى البلد إلى قعر التفليسة نتيجة عقود من الوصاية والحروب العبثية والمعارك الميليشياوية والمسلسل الطويل المتواصل من السياسات التعطيلية لدورة الحياة المؤسساتية في الدولة، استقرّ الحكم برئاساته الثلاث في قبضتها ولم تعد تجد من تقلب طاولة “الثلث المعطل” في وجهه ولم يعد يجديها لا إقفال مجلس النواب ولا شلّ العمل الحكومي ولا لعبة الشغور الرئاسي، فرفعت “الراية البيضاء” أمام صندوق النقد طالبةً منه المَدَد والعون لعهدها وحكومتها ولمنظومة السلبطة على الدولة، حيث لطالما كان لبّ المشكلة وجوهرها يكمن في وجود “دولة داخل الدولة” ترعى الفساد والمفسدين حسبما عبّر رئيس الحكومة حسان دياب بلسانه أمس… لكنه بطبيعة الحال لم يكن يقصد لا قوى 8 آذار ولا “حزب الله”!
إذاً وعلى قاعدة “أن تصل متأخراً خير من ألّا تصل أبداً”، حسناً فعلت حكومة الثامن من آذار بقرارها اللجوء إلى “الصندوق” طلباً لبرامج مساعدة مالية وإصلاحية تنهي ذهنية التسلط والمحاصصة والنهب والهدر التي انتفضت عليها ثورة 17 تشرين، وإذا كان رئيس الجمهورية ميشال عون ومن ورائه رئيس الحكومة سارعا إلى “شراء مجد” الخطة الاقتصادية – المالية التي أقرها مجلس الوزراء بالأمس، يبقى أنّ المجد كل المجد هو ملك فقط لهذه الثورة الشعبية المجيدة التي حطمت الهياكل ووضعت الطبقة الحاكمة عند حدّها فحشرتها في ركن فسادها ودفعتها مكرهةً نحو اعتماد خطوات إصلاحية تنتشل اللبنانيين من بين براثن منظومة حكام ومستزلمين أثرَوا ثراءً فاحشاً بمال حرام منهوب وموهوب من خزينة الدولة.
الخطة التي أوضح دياب أنها تبتغي الحصول على دعم مالي خارجي يفوق 10 مليارات دولار بالإضافة إلى الاستحصال على أموال مؤتمر سيدر الموعودة، سرعان ما اصطدمت برفض “حزب الله” التوجه نحو تحرير سعر الصرف، لكنّ أوساطاً اقتصادية مواكبة لبرامج صندوق النقد أكدت لـ”نداء الوطن” أنّ أي استعانة بالصندوق لا بد وأن تكون مقرونة باتجاه حاسم نحو تحرير سعر صرف الليرة رسمياً باعتبار هذا الأمر “ألف باء” الإصلاح المطلوب من صندوق النقد الدولي لتخفيف أعباء وتكاليف المحافظة على تثبيت السعر الرسمي التي تتحمل تبعاتها الخزينة العامة منذ عقود، جازمةً بأنّ الصندوق لن يدخل في أي برنامج عمل مع الحكومة اللبنانية ما لم يكن يتضمن تحريراً لسعر الصرف، وبالتالي فإنّه من المرجح أنّ تسلك الحكومة مساراً تدريجياً يحرر الليرة بشكل تصاعدي على مراحل لاستيعاب التغيير الذي يترتب عن التحرير في بنية الاقتصاد وهيكلته.