تابعوا قناتنا على التلغرام
محليات

طبيبة في مستشفى الحريري تروي “أقسى اللحظات”

نظرةٌ خاطفةٌ على الحركة الطبيعية في شوارع لبنان، في الأسبوع الأخير تجعلك في حيرةٍ من أمرك أمام هذا الشعب الحيّ من جهة، والمُستهتر بالحياة من جهة ثانية.
شعبٌ مُحبٌّ مضيافٌ متعاونٌ، تراه لا يبني سلطة تليق به، يثور على الفساد حيناً ويعاود تكريس الفاسدين حينًا آخر، يعيش أسوأ الأزمات فتراه يُمرّر فتراتها بالنكات والسُّخرية، ثم تراه يعيش في الأزمات المصيرية حالة من التسيّب والفوضى.

شعبٌ يُطالب بالحرية، ثم يضرب عرض الحائط مبدأ الحفاظ على النفس البشرية، ويتطاول في حريته إلى حد انتهاك سلامة الآخر، وتهديد الصحة العامة في البلد.
هل يئس اللبنانيون من دولتهم ومن رؤسائهم أم ضاقت عليهم الحياة فصاروا لا يميزون بينها وبين الفناء؟
أم أن مردُّ ذلك كله، إلى عدم وجود مؤسسات عوّدت هذا الشعب على الإلتزام والتضامن وجعلته يعيش في دولة بكل ما للكلمة من معنى؟
في حديثٍ مع ديانا حاطوم، وهي طبيبة متطوّعة تعمل في مستشفى رفيق الحريري بقسم “الكورونا” في المختبر الطبي، رأت أنّنا “نعيش مرحلة دقيقة في حياتنا، لذا يجب أن نكون حذرين أكثر كي لا نصل إلى ما حدث في إيطاليا”.
ودعت حاطوم إلى “تطبيق التدابير الوقائية من خلال ضرورة الإلتزام المنزلي والتعقيم المستمر وتناول كل ما هو مفيد لصحتنا وأجسامنا من أجل حماية أنفسنا وسلامة الغير” مشددة على “عدم الإستهتار في حال إنخفاض نسبة المصابين لأن هذه النسبة ليست محصورة في عدد معين وعلينا مراعاة الوضع أكثر في ظل ظروف قدوم المغتربين”.
حاطوم وجّهت، نداءً إنسانيًا إلى جميع المواطنين بالإلتزام والوعي ومراعاة ظروف غيرنا من أطباء وممرضين وموظفين الذين يعرضون حياتهم كل يوم للخطر من أجل سلامتنا تاركين أهلهم وعائلاتهم، قائلة: “أنا أمّ أعيش هذه المرحلة الصّعبة بعيداً عن أولادي وعائلتي وأعلم مدى معاناة ما نراه كلّ يوم ولا أستطيع رؤية أطفالي إلا عن بعد.. إنه شعور مؤلم”.
الطبيبة التي تقضي معظم وقتها في العمل بالمستشفى، وتتفادى الاحتكاك مع محيطها خوفاً من نقل العدوى في حال التقطتها نظراً لطبيعة مهنتها، هي أمٌ لشابةٍ (18عامًا)، وفتى (10 سنوات).
وتلفت حاطوم نظر العالم إلى مدى قساوة وصعوبة أن تُحرم من معانقة أغلى الأشخاص لديك، وقد روت لـ”ليبانون ديبايت، حادثة جرت معها يوم ذكرى ميلادها، فهي أخذت إجازة بناءً على إصرار أولادها لرؤيتها في هذا اليوم المميز، إلّا أنه إشترطت عليهم أن لا يقتربوا منها، فكان ردّ طفلها “إذا هك ما بدي ياكي تجي لان أنا حابب اغمرك”.
وبحسرة تقول الطبيبة الشابة انه “لا يُمكن لأي شخص تصوّر مدى “مرارة” وقساوة هذه اللحظة، فلا شيء يُعادل غمرة أعز ما لديكم، من هنا توجّهت إلى اللبنانيين كافة حتى لا يعيشوا هذه اللحظة الإلتزام بمنازلهم، فهم على الأقل يتمكنون من مجالسة أولادهم، ويستغلونها لا أن يتذمروا”.
ووفق حاطوم، فإننا “إذا إلتزمنا هذه التدابير بحذافيرها، وكنّا على قدرٍ كافٍ من المسؤولية والوعي، فالمعطيات تُشير إلى إننا “ما بين نهاية شهر نيسان وبداية آيّار سنكون على مشارف إنتهاء هذا “الكابوس”، فلغاية الآن لم ننزلق إلى “القعر”.
الأخصائي في علم النفس والتحليل النفسي، الدكتور “انطوان الشرتوني”، له رأي خاص في هذا المجال، وهو يردُّ تصرفات اللبنانيين تلك، إلى “عدم إدراكهم لغاية الآن مدى خطورة الوضع”، إلّا أنّه في المقابل يرى أنّ هناك فئة مضطرة لممارسة عملها اليومي وإلّا لن تتمكن من تأمين حاجات عائلتها حتى البسيطة منها، وهنا تقع المسؤولية على عاتق الدولة”.
ولا يخفي الشرتوني، عبر “ليبانون ديبايت”، أنّنا نعيش “بمرحلة صعبة تجعل المواطن اللبناني يتذكر أيام الحرب عن طريق اللاوعي”، كل هذا له تأثير مباشر، ولكن مع ذلك يوجد جانب إيجابي بأن نعتبر هذه الفترة هي فترة نقاهة أو إستراحة بالرغم من صعوبة المرحلة مع ما تحمله من قلق وخوف، نستطيع تخطيها بالإدراك والوعي.
وختم حديثه قائلاً: “هذه المرحلة مكّنت الروابط الأسرية وعززت روح التعاون من خلال تقديم المساعدات بين العالم للعائلات الأكثر فقراً، الذي يحدث بين العالم يحثُّ على إنماء النفس الإنسانية”.

المصدر: Lebanon Debate

Reporter
Author: Reporter

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى