تابعوا قناتنا على التلغرام
اقتصاد ومالمقالات مختارة

المستشفيات وشركات التأمين والكورونا لعبة القطّ والفأر… وسياسة الفقر

كتبت إيفون أنور صعيبي في نداء الوطن

يرمي كلّ من مصرف لبنان والحكومة المسؤوليات على مؤسسات القطاع الخاص. فتارةً يطلب البنك المركزي من المصارف إقراض الشركات بـ 0% فائدة ولكن على مسؤوليتها، وطوراً تُلزم الحكومة بوزاراتها المعنيّة المستشفيات وشركات التأمين بإيجاد حلول لتخطي الازمة الكورونية قبل أن تعود وتنبذها لتتخبّط في ما بينها.

اذا كان مصرف لبنان والحكومة في موقع السلطة، نقدية كانت أم تنفيذيّة، فهذا يعني أن عليهما صناعة السياسات وليس فقط جباية الضرائب والاقتراض على حساب الاجيال المقبلة، وإلا فليسلّم زمام الامور ومقاليد الحكم الى القطاع الخاص ليقوم بجباية الضرائب من الناس وتحسين مستوى طبابتهم ومستوى تعليمهم وأيضاً مستوى معيشتهم من دون أن يتكبّدوا أكلافاً إضافية.

ويُحكى عن استنسابية المصارف لناحية عدم احترام القوانين والتعاميم، ويحكى أيضاً عن محاولة تهرب شركات التأمين من تغطية نفقات علاج المصابين بكوفيد 19 متذرّعة بأن منظمة الصحة العالمية قد صنفت كورونا وباء وبالتالي فإن الـ reinsurer اي معيدي التأمين لا يغطون تكاليف العلاجات الناجمة عن الاوبئة. وبين استنسابية المصارف وشركات التأمين، تجد المستشفيات الخاصة نفسها عاجزة عن تلبية ضروريات الفترة الراهنة. ورغم الانتقادات التي تطال بعضها بسبب المبالغة بالفواتير الاستشفائية، الا أن إغلاق مؤسسات متواجدة منذ بداية القرن الماضي بُنيت لخلق وجود حرّ ومميّز في هذه المنطقة، أمر خطير…

بداية الاحتدام

بدأت المشكلة بين المستشفيات الخاصة وشركات الضمان منذ أشهر على خلفية مطالبة الاولى بالقبض بالدولار في حين تمسّكت الثانية بعدم قدرتها على الدفع الا بالليرة. بلغ هذا الاحتدام ذروته مع تفشي الوباء الكوروني وبعد تهرّب شركات التأمين من تغطية النفقات العلاجية للمصابين.

هذا الامر، دفع بوزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمه الى الاجتماع بشركات التأمين التي رفضت في بادئ الامر تغطية الحالات. فما كان من نعمه الا أن طرح على الشركات تقديم مبالغ مساعدة للدولة وبذلك تكون قد أمّنت موارد إضافية لمكافحة الفيروس. لم تتوصل شركات التأمين الى اتفاق في ما بينها وإثر ذلك قامت لجنة الرقابة على هيئات الضمان بطلب عقود الشركات ليتبين ان قسماً كبيراً منها لا يستثني تغطية الاوبئة وبالتالي فهي ملزمة بدفع كل التكاليف العلاجية. عليه، قرر نعمه التعامل مع كل حالة على حدة، كما وطلب من لجنة الرقابة على هيئات الضمان ان تترك له ايجاد حلّ نهائي مع الشركات على أن تركّز على حلّ مشاكل المواطنين الذين يواجهون مشاكل تأمينيّة. ترتكز مسألة تحييد رئيسة اللجنة على رغبة الوزير بتعيين رئيس أصيل وهو ما كان قد عبّر عنه في احد الاجتماعات مع ACAL عندما طلب منها تزويده بسير ذاتية لأشخاص يمكن أن يشغلوا هذا المنصب علماً أن الفترة الراهنة خطيرة وتتطلب ترفعاً عن المحاصصات السياسية المتمثلة بالتعيينات.

وبعد محاولة تنصّل الشركات، تدخّلت اللجنة ونشرت لائحة بأسماء الشركات التي تغطي حالات كوفيد 19 كما وتلك التي لا تغطيها وفقاً للعقود كما وطلبت من حاملي العقود التواصل مع ICC Care لأي مراجعة أو مشكلة تواجههم مع الشركات عبر خطّ ساخن. في هذا الاطار، حاولت “نداء الوطن” التواصل مع رئيسة اللجنة لاستيضاح كيفية متابعة هذا الامر والمدة الزمنية التي تتطلبها المراجعة بما أن مرضى الكورونا يكونون في سباق مع الوقت، الا أنها لم تجب.

أدّى استمرار تهرّب شركات التأمين الى الاجماع في احد الاجتماعات بين الوزير وجمعية شركات الضمانACAL الى طرح قبول الشركات بتغطية كل الحالات ولكن وفقاً لتسعيرة الضمان أي 35 مليون ليرة. من جهته، طرح نعمه هذه الفكرة على مجلس الوزراء لكن من دون التطرق الى التسعيرة التي طالبت بها الشركات ومن دون أن تبتّ الحكومة بشكل نهائي بهذا الملف.

الشركات تتّهم المستشفيات

عن الموضوع يوضح مصدر في إحدى شركات التأمين في اتصال مع “نداء الوطن” أن “الشركات اجتمعت مع وزير الاقتصاد وطلبت تقديراً لكلفة المريض الواحد في حدّها الاقصى. وعليه، تمّ التوافق بين وزيرَي الصحة والاقتصاد من اجل اعتماد تسعيرة الضمان اي 35 مليون ليرة الا أن المستشفيات رفضت ذلك وأثارت عاصفة هوجاء على شركات التأمين”.

ويضيف المصدر”حتى الساعة هذا الموضوع مطروح على طاولة مجلس الوزراء وشركات التأمين مستعدة للمشاركة في التصدي لأزمة الكورونا لكننا نستغرب من التأخير في البت بهذا الملف من قبل مجلس الوزراء وتحميلنا وزر ذلك في حين تصر المستشفيات على احتساب كلفة العلاج على هواها وهو ما اعتادت على فعله من دون أن يكون هناك من حسيب ولا رقيب. ذلك يعني ان المستشفيات تسعى الى الربح المالي لكن بطريقة تفوق قدراتنا المالية في ظروف كهذه. فلماذا تقبل المستشفيات بتسعيرة الضمان وترفضها عندما يكون للمريض تأمين صحّيّ؟”

والمستشفيات تطلق الصرخة

في الواقع، رفضت المستشفيات قبول تسعيرة الـ 35 مليون ليرة على خلفية أن تثبيت السعر جاء على أساس سعر الصرف الرسمي (1515) ما يضع المستشفيات أمام خطر محدق لجهة تأخر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومعه وزارة الصحة في دفع مستحقاتها لهذه المستشفيات الملتزمة بحدّ أدنى من المصاريف وكلها بالدولار. لذلك، فإنّ تسعيرة الضمان وبالليرة اللبنانية تزيد من أعباء المستشفيات لتتحمّل وحدها كلفة علاجات “كوفيد 19” ذلك ان تمكّنت من الاستمرار ولم تضطر الى اقفال أبوابها، كما حدث للمدارس الخاصة.

Reporter
Author: Reporter

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى