فقراء في لبنان خائفون من الجوع قبل كورونا
كتب بشير مصطفى : كل الطرقات تؤدي إلى مصير واحد مجهول في لبنان، فالفقراء في الأحياء الشعبية يستمرون في مقاومة تدابير الحجر المنزلي، إذ لا خيار لديهم للاستمرار على قيد الحياة سوى الكدّ اليومي. ويوماً بعد يوم، تزداد المعاناة ويشعر المهمشون أنهم باتوا أكثر تهميشاً وعزلةً في ظل إجراءات التعبئة العامة التي طلبت من المواطنين القنوط في مساكنهم الضيقة، من دون تأمين مظلة أمان اجتماعية.
في مدينة طرابلس، تتعدد الفئات التي لم تركن لشعار “خليك بالبيت” إلا بعد استخدام السلطة بعضاً من الحزم والقوة. ويعتبر ما جرى مع خليل القهوجي نموذجاً لما جرى ويجري مع كثير من الشبان الذين لا يملكون ترف التخطيط للمستقبل وإنما يعيشون كل يوم بيومه. ويعمل كثيرون من الشبان على البسطات ويبيعون الكعك والعصائر وبعض الحلويات.
خرق القهوجي تدابير التعبئة العامة، وخرج إلى الزاوية التي يتوقف بها في المحلة، وراح يستقبل زبائنه المعتادين. يكرّر على مسامع سائليه أنه لا يعمل كل يوم بيومه، وأنه على غرار أبناء جيرانه “النهار الذي لا يعملون فيه، لا يمكنهم شراء ربطة خبز، ويبقى البراد فارغاً”.
يمتلك خليل كثيراً من العفة، لذلك يتحفظ على الدخول في تفاصيل الضيق الاقتصادي الذي يعانيه. ويطالب الدولة للالتفات إلى صرخات الأطفال والأمعاء الخاوية.
كان أبو خليل أحد ضحايا الحزم الذي اعتمدته القوى الأمنية، وسطرت بحقه غرامة تبلغ قيمتها 15 مليون ليرة لبنانية لمخالفته قرارات الإغلاق، ولأنه لا يعمل في مجال بيع المأكولات والسلع الأساسية.
سائقو التاكسي والطريق المسدود
لا تختلف حالة سائقي التاكسي عن سليم الذي أحرق سيارته في منطقة المدينة الرياضية بسبب مخالفة تدابير كورونا. وتمتد معاناة هؤلاء إلى سنوات خلت، إذ تجاهلت وزارة الداخلية قضيتهم، ولم تمنحهم أي امتياز ممكن. ويؤكد نقيب السواقين في الشمال شادي السيد أننا “نعيش على فوهة بركان، ولن تتمكن أزمة الكورونا من حرف الانتباه عن فشل الحكومة في حل مشكلات الفقراء. وتمهل النقابات الحكومة حتى الثلاثاء لاتخاذ إجراءات محسوسة، وإلا لن يبقى حظر التجوال ممكنناً، إذ يتجه السائقون إلى عقد جمعيات عمومية في المناطق وسينزل السائقون بسياراتهم لإقفال الطرقات ولن يأبهوا من تحذيرات انتشار الكورونا. ويسخر السيد من نية الحكومة تقديم بعض المواد الغذائية للعائلات الفقيرة بقيمة 75 مليار ليرة لبنانية، جازماً أن “الحكومة لن تتمكن من الضحك علينا بصندوق إعاشة”.
“يُقدّر عدد العائلات التي تعتاش من قطاع النقل العام بخمسين ألفاً، وقاربت مدة الحجر المنزلي الشهر”. لذلك، يطالب السيد بـ”تدابير دعم جدية مثل دعم البنزين أو تقديم مبالغ مالية عن طريق وزارتي الداخلية والأشغال العامة والنقل التي تمتلك كامل البيانات”.
العمال المياومون في المؤسسات العامة
يتسع نطاق المعاناة ليشمل عدداً كبيراً من العمال المياومين في الإدارات والمؤسسات العامة. وفي هذا السياق، يمكن تسليط الضوء على أزمة مستفحلة لمياومي مكتب الضمان الاجتماعي– فرع طرابلس.
خمس سنوات من العمل بلا أجر. وكأن بالدولة تستغلهم إلى أقصى حد ممكن.
تصف طرطوسي وضع المياومين بالمأساوي لأنه “لا يدخل إلى جيبهم ألف ليرة لشراء منقوشة أو دفع تكاليف النقل”، وتحديداً بالنسبة إلى الشبان الذين لديهم أولاد وعوائل، فهم لا يمكنهم دفع أقساط أبنائهم ولا تأمين المعيشة.
لجنة إدارة الكوارث في طرابلس
في زمن الكورونا، كان مستغرباً خروج جمع من الناس إلى الشارع في طرابلس للمطالبة بالمساعدة لأن الفقر بلغ حدوداً غير مسبوقة. في موازاة الصرخات، تنشط جهود الإغاثة في المناطق اللبنانية، ليتمظهر التكافل الاجتماعي بأكثر من صورة.
يتحدث سميح حلواني رئيس لجنة الإعلام في بلدية طرابلس عن تقديم إعانات لـ 30 ألف عائلة محتاجة، بدءاً من الأحياء الشعبية الفقيرة بمساعدة من الجيش اللبناني. وهذه الحصص ستكون مبدئياً لشهر واحد، إلا أنه يمكن تجديدها إذا ما طالت الأزمة وازدادت الحاجة إلى المساعدة. ويعتبر حلواني أن 18 ملياراً التي رصدتها الحكومة للبلديات غير كافية لتحقيق الأمن الصحي والغذائي.
المصدر: اندبندنت عربية