المحامي مروان سلام – تسونامي العونية السياسية زوبعة في فنجان والى افول
لم تأت عظة المطران عبد الساتر “الصفعة” من فراغ، بل هي صفعة فاتيكانية باباوية مباركة للحد من تخطي العونية السياسية للخطوط الحمر التي كانت سببا مباشرا لمزيد من هجرة المسيحيين في الثلاث الاعوام الماضية، اي منذ تولي ميشال عون سدة الحكم.
ومع هذه الصفعة المباركة تحولت فورا العونية السياسية من تسونامي الى زوبعة في فنجان، لتعلن العد العكسي لأفولها وذهابها الى غير رجعة، هذا ما لمسه وتحسسه اركان التيار الوطني الحر الذي ما زال يلملم اشلاءه من العظة الزلزال حتى هذه الساعة، وهم في تخبط مستمر لا يعرفون درجة ترداد الزلزال على مقياس ريختر، وبصراخهم وعويلهم أُعلن التيار الوطني الحر تيارا منكوبا.
نعم العد العكسي لأندحار التيار الوطني الحر ومعه العونية السياسية قد بدأ حين صرخ المطران الثائر بوجه العهد وبوجه الرئيس عون تحديدا في الكنيسة المارونية، في يوم كان اسودا كاحلا ليته ما كان ولم تشرق فيه الشمس في ساعتهم هذه وفي يومهم هذا حين قال له: “فالإستقالة اشرف”.
ولكن وفي المقلب الآخر تعتبر هذه العظة الصرخة شفيعة للمؤمنين من الطائفة المارونية وهدية من شفيعهم مار مارون الذي اذن للمطران الرسول ليصرخها بوجه العهد الفاشل كي يرتاحوا منه ومن ذله وطغيانه.
وحده الرئيس بري الذي صفق بحرارة للمطران عبد الساتر فهم الرسالة وقرأها على الفور، ليهز برأسه ويقول بسره وهو يقهقه: “لقد فعلت بعظتك يا مطران ما فعلت، دونما افعل بالسياسة ما كنت انوي ان افعل بهم، لقد اختصرت لي الطريق، شكرا شكرا لك يا مطران”.
لقد لمست الحاضرة الرسولية في الفاتيكان مدى خطورة ما نقله البطريرك الراعي بزيارته من تمادي شجع السلطة في كرسي بعبدا وصاحبها ومعه صهره وحاشيته وبنوه، كما وخطورة استمرارهم في تبني محور المقاومة المحور الايراني، ولبنان اصابه ما اصاب من العقوبات الاميركية جراء الكباش الدولي الإقليمي بين قوتين اميركية_ايرانية، ولبنان المسيحي بين هاتين القوتين على شفير الهاوية يحاكي خطورة وجوده ووجود المسيحيين فيه وفي هذا الشرق جراء هجرتهم المتزايدة، وهم ينتابهم الخوف على ترك ارزاقهم وممتلاكاتهم الكنسية التاريخية التي بنوها بإيمانهم حجر حجر.
والآن وقعت الواقعة والتيار الوطني الحر بين سندانين، سندان الغطاء الكنسي الذي افتقده في الأمس من قلب الكنيسة المارونية، وسندان حزب الله محور المقاومة الذي اعطاه ما اعطاه في ورقة تفاهم مار مخايل من تمادي في السلطة دون حسيب او رقيب مقابل غطاء ماروني كان بحاجة ماسة له محور المقاومة نفسه.
التيار الوطني الحر لا يستطيع ابدا ان ينسلخ عن محور المقاومة هذا، فالأخير اذا ما فعلها التيار الوطني الحر سوف يضعه على مقصلة المحاسبة، فهناك جردة حساب بدءا من فساد الكهرباء وصولا الى الاموال المنهوبة، ففاتورة التيار الوطني الحر كبيرة وكبيرة جدا لا يحتمل ان يسددها ماديا ومعنويا.
امام هذا الواقع، وامام البيان الوزاري المنسوخ عن سابقاته، اميركا والدول الاوروبيه ومعهم دول الخليج لا يعنيهم لبنان ابدا طالما ان العقوبات عليه لم تأت أُكُلها الى الآن، اضافة الى ان البنك الدولي لن يدفع بارة الفرد من المساعدات الى الدولة اللبنانية طالما ان الفساد ما زال مستشري، وليس هناك اي امل لأي خطط عملية في البيان الوزاري للقضاء على مسببيه، وطالما ان السلطة ايضا لم تعر اي آذان صاغية لمطالب الثوار الحقيقية في استعادة الاموال المنهوبة من السياسيين والمصارف، كما ومطلب تغيير النظام واجراء انتخابات نيابية مبكرة.
الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا، نقول حمى الله لبنان وشعبه ومؤسساته.