تابعوا قناتنا على التلغرام
مقالات مختارة

لبنانيون يردّون الجميل لطرابلس: لن نترك قلب الثورة

كتب بشير مصطفى في المفكرة القانونية

اختصر المشهد الشعبي في طرابلس نهار السبت في الأول من شباط “صورة لبنان الجديد” الذي طوّرته ثورة 17 تشرين. فمن كل المناطق اللبنانية، جاءت جموع المتظاهرين لإيصال رسائل الوحدة ضمن التعدّد، والتغيير السلمي، ومدنية الدولة. كما كانت ملفتةً الشعارات التي إختصرت هدفية النشاط: “نحنا أهل” و”منحبكن” و”الحرية للناشط ربيع زين”، على وقع قرقعة الطناجر.

على الوجوه سيطرت الإبتسامة وعلامات الراحة، ولم يُخفِ الكثير من المشاركين دافع الفضول لديهم للمجيء إلى طرابلس، فهم يُريدون إسكتشاف مدينة واقعة على أطراف الدولة المركزية، وساهم بعض الإعلام في تحويلها إلى مدينة معزولة عن محيطها تحت وطأة إنقسامات المحاور الإقليمية وإنعكاساتها على المكوّنات الداخلية.

جال المتظاهرون في عاصمتهم الثانية، ليستكشفوا مدينة غنية بالآثار والتاريخ الشاهد على تاريخ لبنان الكبير، ومدينة يحضر التعايش في ثناياها وأبنيتها ووجدان أهلها، من الزاهرية والتل إلى شارع عزمي والمطران ومار مارون وصولاً إلى ساحة النور.

وأكدت مسيرة طرابلس على إستمرار ثورة 17 تشرين، وبأن المنتفضين لم يفقدوا أملهم في التغيير لأنهم يدركون أنّ خلع منظومة الفساد التي تجذرت على مدى 30 سنة يحتاج إلى نفس طويل.

طرابلس قلب الثورة

أعادت مسيرة طرابلس الوهج إلى ساحة النور، وهو ما يؤكده الدكتور أحمد ياسين الذي قصد طرابلس “لأن لها وعكار فضلٌ كبير على كل الثوار”، مشبهاً إياها بـ”قلب الثورة النابض وعنفوانها”.

ويلفت ياسين إلى أنّ “موقع طرابلس أعطى الثورة عمقاً، إذ عزز الجانب اللاطائفي فيها”، مشيداً بإزالة الحدود بين اللبنانيين لأن مشهد الوحدة بين أهل بعلبك والبقاع والجبل وطرابلس مؤشر حقيقي على سيادة الطروح الجامعة في مقابل سعي السلطة لدسّ الخلاف والتفرقة”.

العودة إلى الجذور

شهدت طرابلس على حضور لافت للعسكريين المتقاعدين، وتمثّل في خيمة ثابتة في ساحة النور كما باقي الساحات. وأعادت هذه المسيرة تفعيل الفعاليات. يؤكد العميد المتقاعد جورج نادر أن الحروب تشهد هدنة، وما حصل من تراخٍ كان بسبب إنتظار ما سيصدر عن السلطة، فإذا بهم يقدمون “حكومة مستشارين وأزلام سياسيين”، يرتدون أقنعة المستقلين. وإعتبر نادر أن طرابلس هي أمل الثورة، لذلك يجب على كل لبناني الوقوف إلى جانبها للعودة إلى موقعها الطبيعي، مشدداً على العلاقة الوثيقة بين طرابلس والمحيط فـ”لطالما نظر أبناء عكار إليها كبلد ومركز تجاري”.   

لا للإنعزال

 لقيت مشاركة بعض القياديين والمنتسبين السابقين إلى التيار الوطني الحر إحتضاناً في ساحة الثورة. وقد تقدّم هؤلاء الدكتور بسام الهاشم أحد مؤسسي التيار الذي فُصل قبل سنتين. ويضع الهاشم هذه الثورة في سياق ما وصفها بـ”حركة نضالية بدأت قبل 30 سنة، ولكن مسارها شوهته السياسة الحالية للتيار الذي قام على طرح الدولة المدنية العلمانية”. ويعتبر الهاشم طرابلس شقيقة لجبيل وجارتها، لكن أجهزة المخابرات السورية وغيرها حاولت عزل المناطق العريقة عن بعضها البعض. ويذكّر أن أجداده من أبناء العاقورة كانوا يُتاجرون في طرابلس، وأن بعض آل عماد إستقروا في المدينة ويعيشون فيها حتى اليوم.

إلى جانب رسالة العودة إلى الجذور، حملت الناشطة كارلا علّام إبنة جونية رسالة “رفض الإنعزالية” التي اعتبرتها من نتاج زعماء الحرب الذين حاولوا تقسيم لبنان إلى كنتونات، ومارسوا الإرهاب على أتباعهم لتخويفهم من الآخر. وتؤكد علّام أن الحضور إلى طرابلس هو للتأكيد بأن اللبناني تجاوز حدود “إستعمار الزعماء للمناطق”. كما ترفض مقولة أن “الخطاب الوحدوي غير قادر على الصمود”، لأن هذا الخطاب صادر من وجدان الناس، وإستمرار التحركات دليل على ذلك.       

حضور نسائي ملفت

على غرار سائر التحركات الشعبية، كان ملفتاً الحضور النسائي الطاغي. وتشدد الناشطة غادة محمدية على الدور الريادي للمرأة في الثورة فهي فاعلة في المجال العام ودورها ليس ثانوياً، ومشاركتها في التحركات ليست جديدة فهي حاضرة في الساحات منذ أمد، وبقيت رغم كل أشكال المحاربة”.

أما الناشطة أمل لبابيدي الخطيب فتعتقد أن “نبض الثورة قد يخف أحياناً بسبب الحاجة إلى التعليم والعمل إلّا أنها لا تموت لأنها حاضرة بالفكر”. وتتمسّك الخطيب بالمطالب الأساسية لثورة 17 تشرين من تشكيل حكومة مستقلين، وإجراء إنتخابات نيابية مبكرة، وتكريس المساواة، والحقوق الأساسية للمواطنين بصورة عامة والمرأة بصورة خاصة لأنها محرومة من الكثير من الحقوق بينها حقها في منح الجنسية لأبنائها، وعدم مساواتها في الحصول على المناصب والمواقع.

Reporter
Author: Reporter

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى