بن سلمان يغلق قبضته على المساعدات.. ابْعد عن لبنان وعن دياب!
يمكن اختزال الموقف السعودي من حكومة حسان دياب بعبارة واحدة: أبواب الرياض لم تُفتح بعد. ووسط انكفاءة خليجية عامةً، وسعودية خاصةً، وعدم استقبال دياب في دار الفتوى، يتساءل المرء عما إذا كانت هذه الأبواب ستُفتح أصلا! فلا يوحي أي موقف خليجي إلى أنّ الأمور تتجه نحو مسار إيجابي، لا سيما بعدما تسرّبت معلومات عن “عدم رضى سعودي” على حكومة دياب؛ فهي أحادية اللون، غير مستوفية لشروط المحتجين، والأهم أنّها غير مراعية للتوازن الذي تسعى الرياض إلى تحقيقه.
عوامل عديدة ساهمت في بلورة موقف الرياض إزاء التطورات في لبنان، فمع تولية الأمير محمد بن سلمان، تركّز الرياض على سياستها الداخلية في إطار عملها على تطبيق رؤية 2030، فيُلاحظ عملها على إحراز تسوية في اليمن وتراجعها عن دعم الثورة السورية. ويمكن القول إنّ الرؤية السعودية الجديدة ترتكز على الاهتمام بالشأن الداخلي للمملكة وتطويره، فلم تعد المشاريع الخارجية سائدة كما كان التقليد السعودي، لجهة الدعم والتمويل هنا وهناك وفي كل الاتجاهات لتثبيت النفوذ”.
كما لا يمكن إغفال الكباش الأميركي-الإيراني الحاصل في المنطقة المتجلي في سوريا والعراق ولبنان بشكل أساسي، وتُعد مواجهة الرياض نفوذ طهران في الإقليم بين أولويات بن سلمان الذي ذهب ذات مرة إلى حدّ التهديد بنقل المعركة إلى الداخل الإيراني.
وبناء على هذه المعطيات، يربط محللون بين حصول لبنان على دعم سعودي وإحداثه تغييرات جذرية على المستوى الداخلي بما يعيد التوازن إلى لبنان، وعلى المستوى الإقليمي بما يفرض على السعودية العودة إلى لعب دور نافذ، والمستوى الدولي، وهو يتعلق بما سيجري على صعيد العلاقات الأميركية – الإيرانية، علماً أنّ موافقة الولايات المتحدة شرط أساسي لحصول لبنان على المساعدات.
ولعل الحدث الأبرز يتمثّل بوجود توجّه لدى السفارة السعودية في بيروت إلى خفض عدد الدبلوماسيين العاملين في سفارتها. وفي تقرير لها، نقلت صحيفة “العرب” عن مصادر قولها إنّ “السعودية وضعت لبنان تحت رقابة شديدة في ضوء التطورات التي يشهدها البلد منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر”. وذكرت مصادر لبنانية أن “ثمانية من موظفي السفارة السعودية في بيروت غادروا وامتنعوا عن العودة رغم غيابهم في إجازة”، متساءلةً: “هل هذا التوجه مرتبط باحتمال تدهور الوضع الأمني في العاصمة اللبنانية أم أنّ الأمر يتعلّق برسالة سياسية تريد الرياض توجيهها إلى الحكومة الجديدة برئاسة حسّان دياب؟”. وأشارت المصادر إلى أنّه “بغض النظر عن الدافع إلى خفض عدد الدبلوماسيين السعوديين في بيروت، يبقى أنّ المملكة تبدو غير راضية عن تطور الأحداث في لبنان، إن على الصعيد السياسي أو الأمني، وهي تتوقع تطوّر الأمور فيه نحو الأسوأ”. وفي تعليقه، اعتبر مصدر سياسي خفض البعثة السعودية مؤشرا سيئا سواء لجهة آفاق الدعم المالي للبنان، أو لجهة توقع احتمالات قاتمة بالنسبة إلى استقرار البلد.
وفي حين يتحدّث البعض عن عدم وضوع في السياسية السعودية في لبنان الذي “ارتبط عضوياً بالسعودية بموجب اتفاق الطائف”، تقول مصادر لصحيفة “نداء الوطن” إنّ الملف اللبناني أصبح ضمن صلاحيات الأمير خالد بن سلمان. ويبدو أنّ الأمير خالد سيسارع إلى تشغيل محركاته، إذ يُتوقع أن تبادر الرياض عبر سفارتها إلى التواصل مع دياب بعد نيل حكومته الثقة ليعاد ترتيب العلاقة مع رئاسة الحكومة اللبنانية بما يتوافق وتوجه المملكة العربية السعودية إلى الانفتاح مجدداً على لبنان بما يصبّ في مصلحة البلدين، بحسب المصادر. وتكشف المصادر عن نية سعودية لتقديم دعم مالي للبنان لم تتضّح تفاصيله بعد ربطاً بما ستشهده الأيام المقبلة.
وهنا، تبرز مسألة أخرى، إذ تردد أوساط عربية، أن السعودية ترغب بعودة التواصل مع الرئيس سعد الحريري على اعلى المستويات و في اقرب وقت، اذ وجهت إليه دعوة قد تتوج بلقاء مع ولي العهد. وتضيف الأوساط أن عودة الحريري الى الحضن السعودي ستكون على قاعدة التماثل بينه وبين أصدقاء المملكة كافة وأن قرار المملكة يقضي بالتعامل في المستقبل مع الدولة ومؤسساتها و ليس مع أفراد كما في العقود السابقة. عدم إعلان القطيعة هو ما يرجّح حديث المصادر لـ”نداء الوطن” عن ميل لدى السعودية إلى العودة مجدداً الى المشهد اللبناني من باب تعويم الحريري سياسياً على أن يكون المطلوب منه في الفترة المقبلة تفكيك الجزء الأكبر من فريق عمله وإعادة تشكيله من جديد.
إذن، الكل يمرّر الوقت بانتظار “مفاجأة” من شأنها أن تحدّث تغيّراً على المشهد. ولكن، ما يمكن تأكيده هو أنّ السياسة السعودية تغيرت، إقليمياً ولبنانياً.
المصدر: لبنان 24