تابعوا قناتنا على التلغرام
اقتصاد ومال

العام الدراسي في طرابلس في خطر: طلّاب خارج الصفوف ومدارس في هوّة الأزمة

خرج الصراع الصامت بين أولياء الأمور وإدارات المدارس الخاصة في طرابلس إلى العلن. ففي الأيام القليلة الماضية، أخطرت مؤسسات تربوية عريقة طلابها بوجوب تسديد الأقساط لكي لا تضطر إلى الإقفال، أو حرمانهم من حقهم بالتعليم.

طلاب خارج الصفوف

كثيرة هي القصص التي يرويها التلامذة والطلاب وذووهم عن منعهم من الإلتحاق بصفوفهم. واحدة من تلك القصص، قصة أسامة تلميذ الصف الرابع في إحدى مدارس التبّانة، فهو لن يكمل عامه الدراسي بسبب عدم قدرة أهله على دفع الأقساط. يؤكد والد أسامة بأنه إتّخذ قراره ولن يعيد إبنه إلى المدرسة، وسيتركه في المنزل إلى بداية العام الدراسي المقبل وحينها سيرسله إلى مدرسة رسمية. وفي هذه الأثناء إما سيسجّله في مدرسة لتعليم تجويد القرآن، أو سيعطيه دروساً لغوية في المنزل.

لم يصل الوالد إلى ما يشبه اليأس من عدم، فهو يتقاضى نصف أجر، وينفق أكثر من نصف أجره لشراء حليب الأطفال لوليده البالغ من العمر ستة أشهر. ويقول إنّه “بين أن يبقى (إبني) الكبير بالبيت، أو يموت الصغير من الجوع، لا بد من التقشف لتأمين علبة حليب ثمنها 28 ألف ليرة كل ثلاثة أيام”.

قصة أسامة تتشابه مع الكثير من القصص الأخرى بينها قصة تلميذة الصف السابع في مدرسة النور الإسلامية، التي تقول إنّها مُنعت من الدخول إلى الصف مع 15 من زميلاتها لأن أقساطهنّ غير مسدّدة بالكامل. وتؤكّد التلميذة أنّ عليها أجزاء من أقساط أعوام سابقة إلّا أنّ والدها غير قادر على تغطية تكاليف الدراسة كاملة، وتطلب من المدرسة أن تنظر بعين الرحمة إلى الطلّاب المتعثرين في ظل الأوضاع المالية الخانقة.

المدارس إرحمونا!

لا تقل الصعوبات التي يعيشها الأهالي عن تلك التي تعانيها المدارس. وينفي الأستاذ خضر هرموش مدير مدرسة النور إخراج الطلاب من صفوفهم. ويشير إلى أنّ المدرسة تعتمد سياسة رحيمة، فهي تشعر بأوضاع أهالي الطلاب المادية والإقتصادية. ويقول لـ”المفكرة القانونية” إنّ “الإدارة لجأت إلى لغة الحزم فقط مع من تأخّر عن دفع الأقساط لسنوات”، لافتاً إلى أنّها تسامحت إلى أقصى حد فهي لا تطلب أكثر من رسم التسجيل من أجل تأمين النفقات التشغيلية للمؤسسة الكبيرة”.

يدعو هرموش الأهالي إلى الإحساس مع المدرسة أيضاً، ففيها أكثر من 350 موظفاً ومدرّساً، مشيراً إلى أنها المؤسسة التربوية شبه الوحيدة التي لم تخفّض أجور موظفيها إلى النصف. ويتحدث عن “تهديد بعض الأهالي بالثورة كي لا يدفعوا المستحقات متناسين تقديمها لنوعية تعليم عالية لآلاف الطلاب مقابل قسط 800 ألف ليرة سنوي فقط”.

ويستشهد هرموش بصيغة الإخطار الخطّي التي وجهها للأهالي ليؤكد على موقف المدرسة الإيجابي من الأهالي وإستعدادها للتعامل بمرونة معهم،  لتجاوز مرحلة الخطر وإكمال العام الحالي.

وتلفت مصادر المدارس شبه المجانية إلى أنها لم تتقاضَ المنح من الدولة منذ حوالي خمس سنوات تقريباً، محمّلة الدولة مسؤولية الأزمة الحالية.

الدائرة التربوية بالتكليف

تؤكد مصادر الدائرة التربوية في الشمال لـ”المفكرة” أنها لم تتلق شكاوى رسمية بشأن النزاع حول الأقساط بين الأهالي والمدارس. وتلفت إلى أنّ دائرة المدارس الخاصة في وزارة التربية هي من تكلّف الدائرة في الشمال عند الحاجة بأمور محددة كإجراء بعض التحقيقات والإشراف على إنتخابات مجالس الأهل.

وبحسب المصادر فإن متابعة عمل المدارس مهمّة شاقة، ففي الشمال ثمة 345 مدرسة رسمية وأكثر من 300 مدرسة خاصة مرخّصة، لذلك من المهم تقديم شكاوى لدى وزارة التربية في بيروت لتعجيل الإجراءات.

في المقابل، توضح مديرة الدائرة التربوية في الشمال نهلا حاماتي في حديث إلى “المفكرة” بأنّ المدارس الرسمية ما زالت تستقبل الطلاب، ويمكن للطلاب الإلتحاق بها حين تتوفّر الإمكانية.

وبالتالي فإنّ المدارس ضحية إضافية للأزمة المالية وسقوف السحوبات من المصارف. ويبرز تخوّف جدي على العام الدراسي لوقوعه بين سندان أولياء الأمور والمدارس، ليصبح ضحية أخرى من ضحايا الصيغة اللبنانية.

المفكرة القانونية

Reporter
Author: Reporter

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى