تابعوا قناتنا على التلغرام
اقتصاد ومال

بالأرقام والتفاصيل : توثيق 3 أعوام كاملة من إنهيار الليرة اللبنانية..!

قبل أقل من أسبوعين على دفن سعر الصرف الرسمي 1507 ليرة والإنتقال إلى سعر صرف رسمي جديد (15 ألف ليرة)، يعاود موقع Leb Economy، وفي الذكرى الثالثة لأحداث 17 تشرين أول، توثيق رحلة إنهيار الليرة على مر 3 سنوات ويعرض تطور الأرقام من صباح 17 تشرين أول 2019 حيث سجل سعر الصرف ارتفاعاً الى 1570 ليرة، حتى يومنا هذا الذي يتخطى فيه سعر الصرف مستوى الـ40 ألف ليرة.

وكان انطلاق أحداث 17 تشرين أول عام 2019 وما رافقها من اقفال للمصارف، قد دفع اللبنانيين إلى استعادة كابوس سقوط عملتهم الوطنية في الثمانينات، لا سيما أن الواقع الاقتصادي كان ينذر بالأسوأ وبأزمة عميقة تناولتها تقارير اقتصادية عالمية، محذرة من إنهيار وشيك للإقتصاد. علما أن أول ظهور للسوق السوداء في لبنان بحسب الاقتصاديين كان في تموز 2019، حيث بدأ يظهر اختلاف بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف بين الصرافين ومتداولي العملة.

ولعل القاسم المشترك بين سنوات الأزمة الثلاث هو غياب أي تنفيذ لإجراءات إصلاحية تلجم الإنهيار المتمادي، حيث عمدت السلطة إلى إتباع إجراءات تعالج تداعيات الأزمة وليس مسبباتها، فكانت النتيجة الطبيعية تعمّق الأزمة وإنهيار الليرة إلى مستويات تاريخية جديدة.

عام ٢٠١٩ .. إقلاع رحلة السقوط !

شكلت أحداث 17 تشرين أول عام 2019 الشرارة الأولى لبدء إنهيار الليرة المريع. وفي حين كان سعر صرف الليرة مقابل الدولار 1507 ليرة في تشرين أول 2019، تراجع خلال الشهرين الأخيرين من العام مسجلا 1900 ليرة في تشرين الثاني 2019 و2000 ليرة في كانون أوّل 2019.

عام 2020 .. الصعود

نحو سعر صرف 8000 ليرة

وفي عام 2020، ارتفع سعر الصرف من 2175 ليرة في 21 كانون الثاني إلى 8400 في 16 كانون أول، وشهدت الليرة طوال هذا العام تقلبات مستمرة إلا أنها سجّلت إرتفاع على وقع الكثير من الإختلالات التي أصابت حكومة حسان دياب والحملة التي شنت ضد حاكم مصرف لبنان وتعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ومن ثم إنفجار المرفأ في 4 آب، ووقوف لبنان أمام أزمة حكومية بدأت مع تأجيل موعد الإستشارات النيابية وتكليف مصطفى أديب تشكيل الحكومة الذي انتهى إلى اعتذاره، ومن ثم تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، إلا أن عام 2020 انتهى على أزمة حكومية مفتوحة مع التعنت الذي مارسه بعض الأفرقاء السياسيين في وجه الرئيس الحريري، رغم وجود المبادرة الفرنسية منذ شهر آب والجهود التي بذلها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.

عام 2021 .. إنهيار الليرة يتعمّق!

وسيطرت أجواء الفراغ الحكومي على معظم الأشهر العشرة المنصرمة من عام 2021، حيث لم تنجح مساعي الرئيس الحريري في تشكيل الحكومة وبقيت الأزمة السياسية مفتوحة بعد أن فشلت كل المحاولات نتيجة تمسك الأطراف السياسية بمصالحها على رغم مظاهر الإنهيار الذي كانت تعم البلد. وما زاد الأمور سوءا وأدى إلى ارتفاع إضافي في سعر صرف الدولار، هو رفع الدعم عن معظم المواد الغذائية والمواد الأولية للصناعة والزراعة، الأمر الذي دفع بالتجار إلى التوجه إلى السوق السوداء للحصول على الدولار، رغم إبصار منصة صيرفة النور حيث واجه التجار الكثير من المعوقات في العمل عليها.

وبعد إعتذار الرئيس الحريري عن تشكيل الحكومة بلغ سعر صرف الدولار ذروته في تموز 2021 حيث تخطى سقف ال 23000 ليرة، إلا أنه انخفض إلى 16500 مع تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة التي أبصرت النور بعد وقت قصير على التكليف، فسار سعر صرف الدولار وسط هذه الأجواء التفاؤلية في مسار إنحداري وبلغ 13700 ليرة، إلا أنه ما لبث أن عاود الإرتفاع مع عودة الأجواء التشاؤمية إلى البلاد نتيجة الأزمات المعقدة الكثيرة من كهرباء وإتصالات ورفع الدعم عن المحروقات إضافة إلى الخلافات السياسية التي بدأت تطل برأسها منذ اللحظات الأولى للتكليف وإعلان تشكيل الحكومة. وبعد شهر على تشكيل الحكومة فقط، عاد الدولار أدراجه صعودا ليسجل في 17 تشرين الأول الحال إلى 20600 ليرة مقابل الدولار.

عام 2022 .. كابوس الـ40 ألف

يصبح حقيقة!

في عام 2022، واصلت الليرة إنهيارها مسجلة مستويات تاريخية جديدة حيث وصل سعر الصرف إلى 40 الف ليرة مقابل الدولار رغم الإيجابيات التي حملها الموسم السياحي ودخول ما يقارب الـ4.5 مليار دولار إلى لبنان وتدخل مصرف لبنان للجم سعر الصرف عبر منصة صيرفة.

وتشير الأرقام إلى أن حجم تداولات منصة صيرفة بلغ هذا العام 9.01 مليار دولار منها 2.92 مليار دولار موّلت من إحتياطات مصرف لبنان بحسب ما تشير إليه أرقام المركزي لغاية تشرين الأول الحالي، ما يؤكد ان المنصة في مكان ما تحولت إلى إلى قناة جديدة لإثراء مجموعة من المضاربين المحظيين الذين يحصلون على الدولارات وفق سعر المنصة ويبيعونها وفق سعر السوق الموازية، بدلاً من أن تؤدي المنصة دورها الطبيعي في توحيد سعر الصرف وتمويل الإقتصاد.

ويسجل في عام 2022، الإنفاق المالي الكبير الذي رافق الإنتخابات النيابية التي أجريت في ايار 2022، والذي على الأرجح لعب دوراً بإرتفاع سعر الصرف 6 آلاف ليرة مباشرة بعد الإنتخابات قبل أن يتدخل مصرف لبنان عبر منصة صيرفة والتعميم 161 ويعود سعر الصرف إلى مستوى 30 ألف ليرة.

وفي الواقع، هناك عوامل كثيرة ساهمت في إرتفاع الدولار إلى 40 ألف ليرة، وفي مقدمها التشنج السياسي إن كان على صعيد تشكيل الحكومة بعد الإنتخابات النيابية أو إنجاز إستحقاق الإنتخابات الرئاسية وإقفال المصارف بعد سلسلة إقتحامات مسلّحة شهدتها من قبل المودعين.

وفي هذا الإطار، أشار الخبير الإقتصادي د. بلال علامة لموقع Leb Economy إلى أن “الإرتفاع في سعر الصرف منذ 17 تشرين الأول 2021 إلى الوقت الحالي 20 ألف ليرة كان نتيجة طبيعية للسياسات التي طبقت طيلة فترة السنوات السابقة أي منذ العام 2005 حتى 2019 عندما إنتفض الشعب اللبناني وحذر من السياسات والمحسوبيات والفساد وطريقة حوكمة الإدارة والدولة وصولاً إلى إحلال الفراغ في كل الإستحقاقات لفترات طويلة”.

وشدد على أن “التدهور في سعر الصرف نتيجة طبيعية لتلك الممارسات، علماً أن الأمور ستستمر على هذا الشكل طالما هذه المنظومة الحاكمة مستمرة في إتباع نفس السياسات والإجراءات”.

وقال: “لاحظنا منذ فترة أنه رغم الإنهيار الكبير لا زالت منظومة الحكم والسلطة تحاول بشتى الوسائل والطرق الهروب من تطبيق الإصلاحات الأساسية من خلال التحايل على القوانين وعدم إقرار القوانين المطلوبة بدءاً من السرية المصرفية إلى الكابيتال كونترول وصولاً إلى هيكلة المصارف وإعتماد سياسات إقتصادية ناجحة أو سليمة. وقد رأينا هذا الأمر في إعتماد موازنة 2022، التي أتت مجرد موازنة تضخمية في دون أي شق إستثماري أو إصلاحي لكل مكامن الخلل الموجودة في البلد”.
وإذ لفت إلى أن “الدولة تعاني اليوم من إنتفاخ وهدر كبير في القطاع العام حيث لم تقدم على أي من الإصلاحات”، أوضح إنه “بإعتراف المسؤولين وكل الأجهزة الرقابية هناك توظيف خلال عامي 2017 و 2018 لـ 5500 موظف، كان كرشوة إنتخابية ودون أي مسوغ قانوني. ورغم هذا الأمر لم تعمل السلطة على إيقافهم عن العمل، ما يدل على التمسّك بسياسات الهدر والفساد”.

وأشار إلى أن “هناك مكامن هدر كثيرة في الدولة بدءاً من الكهرباء وعدم تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الطاقة وإستيراد الفيول وسياسات الدعم والهدر الذي رافقها”.

وشدد على أن “كل ذلك يؤدي بقوة إلى إستمرار تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، حيث ترك الأمر للمنصات السوداء والتطبيقات الهاتفية التي تستطيع أن تتلاعب بسعر الصرف كما تريد”.
وإعتبر علامة أنه “إذا لم تحصل معجزة تتعلق بتغيير نهج الحكم والذهاب إلى إقرار الإصلاحات، فسعر صرف الليرة سيبقى في حالة تدهور لا سيما أن المصرف المركزي والأجهزة الرسمية لم يعد لديها القدرة على التدخل في السوق لضبط السعر كما كان يحصل سابقاً”.

 

 

المصدر : خاص  leb economy
Nour
Author: Nour

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى