بعد الاعتداء عليها وفقدانها ذاكرتها… رفيف لـ”النهار”: “ضربني كتير وقلّي إذا بعد بشوفك هون بدي اقتلك”(بالفيديو)
رفيف سوني، هذه الثائرة التي لم تخنها ذاكرتها قبل ليلة أمس، كانت تحلُم بوطن أفضل. لم تكن تتوقع أن ذاكرتها التي دفعتها للنزول إلى الشارع، ستفقدها اليوم بعد إقدام عنصر من مكافحة الشغب على ضربها من دون وعي أمام ثكنة الحلو. كاميرتها التي كانت تحملها في يدها تحطمت كما ذاكرتها، تحاول جاهدةً التماسك لكنها تنهار سريعاً، دموعها تخذلها وعلى شفاهها عبارة واحدة ترددها “بتذكّر بس إنو ضربوني كتير، وقلّي إذا بعد بشوفك هون بدي اقتلك”. حتى الساعة لا نعرف ما هو وضع رفيف الصحي الدقيق، تنتظر عائلتها كما أصدقاؤها إجراء صورة الرنين المغناطيسي للتأكد من أن ضعف نظرها موقت وليس نتيجة ضرر دائم”.
صورتها المنتشرة على صفحات المواقع الاجتماعي هزّت كثيرين، هذه الشابة طريحة الفراش في مستشفى الجامعة الأميركية تحاول استرجاع ما فقدته، تنظر إلينا من دون أن تعرف الوجوه ولا الأسماء، تهمس لها رفيقتها حنان “الاسم”، تنظر بصمت دون أن تنجح في معرفة هوية الشخص. عندما دخلنا إلى غرفتها في المستشفى، كانت رفيف مستلقية، يبدو عليها التعب والوجع، تخرج منها الكلمات بصعوبة، تبتسم وفي عينيها الكثير لتقوله. أقترب منها، أعرّف عن نفسي وأنتظر منها أن تُعيد لي تفاصيل ما جرى معها قبل سقوطها أرضاً.
تنظر إليّ بعينين فارغتين، تجد صعوبة في التركيز، يؤلمها رأسها الذي تلقّى ضربات عديدة، تروي لـ”النهار” آخر ما تتذكره قائلةً: “كنتُ أقف في الصفوف الأمامية وأحمل كاميرتي التي حطّموها قبل أن يتعدى عليّ عنصر من القوى الأمنية. كان يحمل عصا في يده لكنه ضربني بيده ضربات متعددة دون رحمة، كانت الضربات من الخلف، وعلى قدميّ، لم أعد أعرف من أين تأتي الضربات ولم أعرف كيف هربتُ منه. كل ما أذكرهُ أني كنتُ أمشي وشعرتُ بإنزعاج كبير قبل أن أسقط أرضاً لأستيقظ وأجد نفسي في المستشفى. لا أذكر شيئاً بعد وقوعي على الأرض، أنا عاجزة اليوم عن معرفة الأشخاص وأسمائهم، لم أعرف أحداً ولا أعرف ماذا جرى بعد سقوطي على الأرض”.
تتألم رفيف، هذه الضربات التي تلقتها تركت أثرها في رأسها، خضعت إلى صورة “سكانر”، لكنها ما زالت بحاجة إلى صورة رنين مغناطيسي للتأكد من عدم تضرر عصب العين، وأن كل ما يجري معها وفق ما شرحه الطبيب الذي كشف على حالتها “ردة فعل نتيجة الصدمة التي تعرضت لها، وإنها ستعاود الرؤية واسترجاع ذاكرتها بعد أيام”.
Volume 0%
في الغرفة والدها وأصدقاؤها يجلسون بقربها، تغمض عينيها قليلاً قبل أن تنظر مجدداً حولها. تردد قائلة: “ما بتذكّر إلا إنو ضربوني كتير، كتير ضربوني ما بعرف ليه”. تضيف صديقتها حنان “ما عم تتذكّر كتير شو صار، ما عم تعرف حدا، ونظرها مغبش وأحياناً بتشوف أبيض، نحن في انتظار إجراء كل الفحوصات للتأكد من حالتها الطبية، ومتأملين يكون كل يلي عم بصير نتيجة يلي تعرضتلو، وكل شي رح يرجع طبيعي”. هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها رفيف إلى الضرب والاعتداء، لقد تعرضت لكسر في يدها قبل ذلك، لم تغب يوماً عن الساحات، هي حاضرة دائماً وشهدت على الكثير من العنف، وآخرها كانت بالأمس، حتى صورها المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي ليست من الأمس وإنما لحادثة سابقة خلال ثورة تشرين.
النهار