القنوات اللبنانية رفعت الغطاء عن “الثورة”.. “التلميع” أولاً!
كتبت نسرين مرعب في موقع لبنان 24:
لسنا بسذج كي نصدق أنّ بعض الإعلام اللبناني تحوّل فجأة إلى “صوت الشعب”، وأنّ القنوات خلعت عنها أخيراً ثوب الانتماءات السياسية وعادت إلى الواقع مع هتافات المتظاهرين.
مما لا شكّ فيه أنّ بعض الإعلام حاول جاهداً التماهي مع المواطنين لـ60 يوماً، قال إنّه مع الثورة على الرغم مما يتعرض له من ضغوطات سياسية لإغلاق الهواء، قال إنّ الشعب هو مصدر السلطات وأنّه كان ينتظر مثل هذه الانتفاضة كي يصوّب ويحاسب مدعّماً بحصانة “الناس”. ولكن فجأة تقلّصت مساحة الهواء، غابت حيناً وحضرت خجلاً في حين آخر. استوطنت الاستديوهات أصوات محزّبة، وعاد السياسيون إلى الشاشة، فيما أخذت بعض القنوات موقف الداعم لتكليف حسّان دياب وانتقدت الأصوات المعترضة.
ساحات لبنان لم تتراجع – كما يحاول البعض أن يروّج – الإعلام تراجع، المواطنون ما زالوا يتوافدون إلى الشوارع في مناطق مختلفة وبوتيرة مختلفة، تغطيّهم مواقع التواصل الاجتماعي، ويقمعون في غياب النقل المباشر والضغط الإعلامي. تُقطع الطرقات، لحظات وتفتح، يتجمع المتظاهرون، ثمّ يتم تفريقهم. يُقاد بعضهم إلى الثكنات، يتظاهر آخرون مطالبين بإخلاء سبيلهم. والإعلام! مغيّب. القنوات عادت إلى برامجها اليومية، هرج ومرج، مسلسلات، حوارات سياسية.
وفي لحظة “ما” يصبح الخبر الأوّل في مختلف الإعلام اللبناني المرئي والمسموع “سارق يقتحم فيلا فنانة”، أما أولئك الذين ينتحرون هرباً من الموت جوعاً، الذين ماتوا على أسرّة المستشفيات، الذي يصرخون لحقوقهم على الطرقات، لم يعد يتسّع لهم المكان على الشاشة، فالبوصلة تغيّرت. والثورة لم تعد إلاّ محطة ثانوية تتوقف عندها القنوات حياءً لا إيماناً. البرامج الحوارية تستقبل “الزعيم” تلمّع له، تسأله أسئلة ساذجة، محضّرة مسبقاً مع الإجابة المنشودة.
في ظلّ غياب الدور الإعلامي، وتراجع التغطية إفساحاً للمجال كي يشكّل دياب حكومته، وجد المتظاهرون والمحتجون صوتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، لتصبح هي الإعلام البديل غير المقيّد. كل من يحمل هاتفا في التظاهرات من واجبه ممارسة هذا النوع من الإعلام، عبر منصات التواصل المختلفة. كل لحظة يجب توثيقها.
وكل منْ لديهِ حساب على هذه المواقع، عليه العمل على نشر ما يضعه المتظاهرون عبر الحسابات، فالقنوات لم تعدْ للمنتفضين، للقنوات حسابات وللثورة حسابات أخرى.