تابعوا قناتنا على التلغرام
مقالات مختارة

كارلوس “روميو” غصن

كتب عماد شدياق :

يوم قال الكاتب الفرنسي الشهير ألكسندر دوما في روايته “ماهيكان باريس”: Cherchez la femme (إبحثوا عن المرأة) لم يكن مخطئاً، لأن كارلوس غصن قد وجدها فعلاً. مؤتمر صحافي دام ما يزيد على ساعتين وثلاثة وثلاثين دقيقة عقده غصن في نقابة الصحافة الأربعاء، وذكر خلاله عشرين مرة “كارول” أو “زوجتي”، أو مرات عدة “زوجتي كارول” بمعدّل مرة واحد كل 7 دقائق ونصف، من دون إحصاء عدد المرات التي كان يسترق النظرات إليها خلال الإجابة على أسئلة الصحافيين والقفز بين الثقافات ولغات أربع قارات (الأميركيتان، أوروبا، وآسيا)، فيما “جولييت” شاخصة تستمع إليه بشغف في الصفوف الأمامية إلى جانب والدها وبعض الأصدقاء.

بدا غصن طوال الوقت متماسكاً، محافظاً على رباطة جأشه، رافضاً الخوض في تفاصيل هروبه من اليابان “حرصاً على سلامة أشخاص” ساعدوه هناك و”احتراماً لتضحياتهم”، حسبما قال، لكنه أصرّ على الخوض في أسباب الهروب.

واجه غصن شتى أنواع الأسئلة في قاعة نقابة الصحافة التي غصّت بمراسلين من مؤسسات إعلامية محلية وعالمية (الحضور العربي كان خجولاً). البعض حالفه الحظ فتمكّن من الدخول إلى القاعة، في حين بقي العشرات خارجها في أروقة النقابة يسترق السمع إلى ما يدور في الداخل، أو يتابعه بواسطة النقل المباشر على منصات التواصل الاجتماعي. أما الجزء الأكبر من المصورين والمراسلين اليابانيين “المغضوب عليهم” أو “الضالين” عن الحقيقة بحسب غصن، فكانوا يتمركزون أسفل النقابة عند مدخل شركة “مونزا” للسيارات التي تكفّلت بإظهار حسن الضيافة اللبنانية من خلال تقديم ما تيسّر من أكواب الشاي الساخن في الطقس الكانوني الماطر.

خلال حديثه، أقرّ غصن أكثر من مرة أن هروبه سببه إدراكه بعد أشهر على توقيفه في اليابان أن لا أفق في “محاكمة عادلة”، ربما تطول فصولها إلى ما يزيد على خمس سنوات. فأدرك أنه أمام حلّين: “الموت أو الرحيل”. أما السبب الثاني فكان لـ”ملاقاة كارول مجدداً” بعد تسعة أشهر من الفراق، لأن بقاءه هناك كان سيحرمه من “الحياة الطبيعية” إلى جانب زوجته التي باتت مؤخراً “شريكته” في الجرم وفق القضاء الياباني.

إعترف غصن أنّه تقدم إلى المحكمة بسبعة طلبات بغية إزالة الحظر عن رؤية كارول. أدرك المحققون اليابانيون حجم حبه لها من خلال الرسائل الالكترونية التي كانا يتبادلانها، فعرفوا سريعاً أنّها نقطة ضعفه، ولهذا قرروا أن “يركّعوني… وقد نجحوا”. يضيف غصن: “كنت أسأل نفسي هل أنا مطالب بالتبرير لماذا عليّ مشاهدة زوجتي؟ هل ما عدتُ إنساناً… هل أنا حيوان؟”.

لم يرَ غصن في سجنه وإذلاله وحرمانه من منصبه المرموق وتشويه سمعته تركيعاً، بل اعتبر أنهم ركّعوه حينما أبعدوه عن كارول.

جاهر غصن بالقول: “بعض الناس لا يعتبرون أنّ البعد عن الزوجة عقاب لكن بالنسبة لي هو كذلك”. سألته واحدة من الصحافيات الغربيات: “متى بدأت معاناته وهل فعلاً انتهت؟” فقال بعفوية: “بدأت معاناتي حينا رأيت وجه المحقّق الياباني وانتهت حينما شاهدت وجه كارول”.

أزمة غصن المهنية والضغط النفسي الذي مرّ به بدا واضحاً على معالم وجهه بعد أن تخلّى عن صبغة شعره السوداء تاركاً البياض يشتعل في رأسه شيباُ، لكن كل ذلك لم يثنِه عن إظهار شغفه بـ”المرأة الصلبة”.

الإسهاب في الحديث عن كارول أمام ملايين المشاهدين، ربما كان يخفي ويبوح بالكثير في الوقت نفسه. لعلّ كارول كانت خلف عودة “روميو” الى لبنان. أقاويل كثيرة تحدثت عن سيناريو كهذا. يُقال إنّ “العاشقة المخلصة” المقبلة من عالم اليخوت والموضة، هي التي جيّشت الرأي العام العالمي لنصرة زوجها. تواصلت في بدايات الأزمة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس البرازيلي جائير بولسونارو. لكن يبدو أنّها لجأت إلى الخطة “باء” بعد أن أفشلت العلاقات المصالح بين الدول محاولات “الصَفَح”. إستطاعت

كارول، حسبما يبدو، أن تخيط تفاصيل خطّة الهروب من السجن الياباني، ببراعة وصبر فائقين بلغا حدود التواصل مع زوجها بواسطة التخاطر وتبادل النظرات والومى خلال محادثات الفيديو المراقبة من السلطات اليابانية، طالما أنّ رؤيته وجهاً لوجه كانت محظورة.

غصن الذي يُعدّ لدى اليابانيين أسطورة تزاحم، في السُمعة الحسنة ومراكمة النجاحات، مكانة الإمبراطور وتكاد تخلو أيّ مكتبة عامة في اليابان من ركن خُصّص لعشرات الكتب التي تروي نجاحاته المبهرة في عالم السيارات، نفى في معرض الإجابته عن أحد الأسئلة، أن يكون قد وقّع عقداً مع شبكة “نتفليكس” لتمثيل قصته المثيرة بمسلسل تلفزيوني، على الرغم من أنه اللبناني اللوذعي الحذق الذي استطاع أن يهزم “كوكب اليابان” ويفرّ برفقة “السيدة الجميلة” التي غالباً ترافق الأبطال وتنتصر.

Reporter
Author: Reporter

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى