تابعوا قناتنا على التلغرام
محليات

هذا ما حصل في الساعات الأخيرة لإطلاق “جزّار الخيام”

كل ما تم بالأمس من إجراءات ومحاولات احتواء لقرار المحكمة العسكرية بوقف التعقبات بحق العميل عامر الفاخوري، يفيد بأن ما حصل قد حصل، وأن أمر النائب العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، بتقديم طعن بهذا الحكم أمام محكمة التمييز العسكرية وإعادة محاكمة الفاخوري من جديد، لن يكون ذا فائدة عملية، وكذلك قرار قاضي الأمور المستعجلة في النبطية القاضي أحمد مزهر بمنع سفره خارج الأراضي اللبنانية جواً وبحراً وبراً لمدة شهرين من تاريخ القرار الراهن. وإزاء تضارب المعلومات حول مكان تواجد الفاخوري، كانت المعطيات تفيد بان السفارة الاميركية أخذت على عاتقها مهمة نقله برحلة الى قبرص ومنها الى الولايات المتحدة.

عند كل مفترق تُكشف الثغرات في القانون اللبناني، بدليل ما حصل بقضية الفاخوري حيث ان القوانين لم تساعد في الابقاء عليه موقوفاً وأسقطت التهم بحقه بحجة مرور الزمن. والأصعب أن وضعه الصحي لم يسمح له بالخضوع للإستجواب منذ توقيفه لدى عودته من الولايات المتحدة قبل ستة أشهر، حيث قضى كل تلك الفترة قيد المعالجة جراء اصابته بمرض عضال، وفق ما ورد في تقرير الأطباء الشرعيين. كان رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين عبد الله كبش الفداء وقد انهالت بحقه الاتهامات، وقد كان أجدى له ان يتنحى من ان يحمل عبء الموضوع سياسياً، وهو المدرك ان القرار سبق وأعد منذ فترة، خصوصاً ان هيئة المحكمة مؤلفة من ضباط وقاضٍ عدلي كانوا منذ البداية من أصحاب نظرية الافراج لسقوط الحكم مع مرور الزمن. وفيما غاب عبد الله عن السمع كانت فرضية استقالته تتقدم على ما عداها، في حين لم يسلم “حزب الله” من الاتهام بغض الطرف لتمرير صفقة ما إرضاء لحليفه رئيس “التيار الوطني الحر”. لم يقلل البيان الذي كان اصدره في ساعة متأخرة من ليل امس الاول من حيرة الحلفاء ولا الخصوم، خصوصاً وان العميد عبد الله محسوب على “حزب الله” سياسياً ولا يغرد خارج سربهم. غير ان “حزب الله” لم يتوان عن القول تعليقاً على دوره بما حصل: “خدعنا”، معتبراً ان “ما حصل جاء نتيجة امتزاج سوء القوانين وعقمها مع وجود قضاة لا مناعة لديهم، وسياسيين لا يمتلكون جرأة مواجهة الضغوطات”. فما الذي حصل في الساعات الاخيرة التي سبقت قرار القاضي عبد الله؟

حين اعتقل الفاخوري تعاطت معه بعض الجهات السياسية على كونه مواطناً اميركياً لا يجب توقيفه، حتى ان مسؤولاً في الدولة طلب ان “نلاقي له صرفة” تخفيفاً للعقوبات الاميركية المتوقعة على المسؤولين المعنيين بهذا الملف “بعضهم خاف من تأثير العقوبات على وضعه ووضع عائلاته فيمنعون من السفر للخارج”، حتى الحكومة اللبنانية السابقة والحالية لم تنجُ من الضغوط الاميركية. هنا بدأ “حزب الله” يتلقى مراجعات متكررة من سياسيين لإطلاق سراحه، فكان جوابه بوجوب ان “يصدر قرار صارم بحقه لا يقل عن الإعدام”، خصوصاً ان “حزب الله” كان يبدي امتعاضاً في ظروف معينة حيث تم التساهل بأحكام صدرت بحق عملاء، كان تم توقيفهم بعد الانسحاب الاسرائيلي العام 2000، باعتقادهم ان التساهل هذا دفع الفاخوري ليمتلك جرأة العودة الى لبنان فيتم تسهيل دخوله، وليس مستبعداً انه كان بصدد التحضير لمشروع سياسي.

يؤكد “حزب الله” وفق اوساطه: “تعرضنا لضغوط وفي كل مرة كنا نقول ان هذا خط أحمر ومرتبط بالمقاومة والشهداء”، الى ان تزايدت في الفترة الاخيرة الضغوط على السياسيين وتركزت في جزء منها على العميد حسين عبد الله، خصوصاً بعد أن رفضت القاضية نجاة ابو شقرا وقف التعقبات لمرور الزمن، فكانت النتيجة ان اتصل عبد الله بـ”حزب الله” شاكياً، “أتعرض لضغوط شديدة لأن الملف من الزاوية القانونية البحتة مبرر وأوراقي فارغة، وهناك ايضاً ضغوط سياسية تمارس بحقي”. حتى قبل يومين أي في يوم إصدار قراره عاود الاتصال مكرراً الشكوى ذاتها فكان جواب “حزب الله”: “ممنوع ان يطلق سراحه وهذا خط احمر”، تمنى “حزب الله” تمنياً شديد اللهجة على عبد الله “ألا يفعلها لكنه فعلها”، وأصدر قراره بكف التعقبات بحق الفاخوري وإطلاق سراحه. برأي “حزب الله” ان “القاضي أساء الى نفسه والى المحكمة العسكرية والى لبنان والمقاومة، والى بلدة الخيام والشهداء والجرحى والمعتقلين” وأنه “ختم حياته العسكرية وتوّجها بالخيانة بالافراج عن العميل فاخوري”.

صفقة؟

يجزم “حزب الله” بأن لا صفقة تقف خلف ما حصل “لا علم لنا بأي صفقة والحديث عن مثل هذه الصفقة ليس موجوداً إلا في مخيلة البعض. كنا متشددين منذ البداية بأن ينال الفاخوري جزاءه بالنظر لما ارتكبه من جرائم”. كل ما قيل بخصوص اطلاق الفاخوري نال من “حزب الله” وترك بالغ الاثر عليه: “مقهورون نعم، خصوصاً بعد الاتهامات التي تساق بحق المقاومة. لكنها تركيبة البلد تلك التي جعلت اناساً كانوا يرفضون توقيف الفاخوري من الاساس، فصاروا يهاجمون المقاومة ويتهمونها بإجراء صفقة على خلفية اطلاق سراحه، والاصعب ان يقال ان ما حصل قد حصل في عهد ميشال عون”. يتفهم انه وقت الاستثمار للملف في مواجهة “حزب الله” لكنه يعيد التأكيد أن” قوى سياسية عدة راجعت حزب الله بالموضوع وفضلت لو يتم الافراج عنه فكان جوابه واحداً برفض الضغوطات من اي جهة كانت”، فتقول اوساطه المطلعة: “لم نقبل مراجعة بهذا الملف لا من حليف ولا صديق أو قاض أو سياسي ورفضنا فكرة الافراج عنه، ويوم سألنا العميد عبد الله قلنا له لا تفعلها لكنه فعلها”.

واذا كان البعض مقتنعاً بان لا صفقة فعلياً خلف ما حصل فإنه لا ينفي “قبة باط” من “حزب الله” بأن يخرج الملف من لبنان، خصوصاً ان ثمة معلومات تؤكد ان مرجعية كبرى كانت تحاول منذ فترة نقل الملف من يد القاضية نجاة ابو شقرا الى يد قاضي محكمة التمييز جوزف سماحة لحسمه، كما ان القاضي بيتر جرمانوس كان من بين القضاة المهددين بوضعه على لائحة العقوبات الاميركية فيما لو استمر الفاخوري قيد التوقيف.

وتؤكد المعلومات ان تهديدات اميركية شديدة وصلت خلال الفترة القصيرة الماضية الى المسؤولين، بضرورة الافراج عن الفاخوري وان عقوبات اميركية كانت ستفرض على كل المتعاطين بالملف وعائلاتهم لذا حصل ما حصل، بذريعة أنّ الأوضاع الراهنة قد لا تساعد على المواجهة مع الاميركيين لأن وضع البلد لم يعد يحتمل.

غادة حلاوي
نداء الوطن

Reporter
Author: Reporter

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى