تابعوا قناتنا على التلغرام
عربي ودولي

“من أزمة إلى فرصة”.. سرّ لقاءات إردوغان الـ 14!

يجري المستشار الألماني، أولاف شولتس، زيارة رسمية إلى أنقرة، الاثنين، في بادرة هي الأولى من نوعها له منذ تسلمه مهامه، تأتي في الوقت الذي تشهد فيه تركيا حراكا دبلوماسيا مكثفا، على أكثر من جبهة.

وهذا الحرك بدا لافتا، خلال الأيام الخمسة الماضية، حيث التقى الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، 14 زعيما، بحسب بيان نشرته دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، كان آخرهم رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، وأبرزهم الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ.

وتشير التصريحات الرسمية، الصادرة عن المسؤولين الأتراك، إلى أن هذا النشاط الدبلوماسي المكثف تتصدره الحرب الروسية على أوكرانيا، والتداعيات التي فرضتها خلال الأيام الـ18 الأخيرة على المنطقة والعالم، سواء السياسية منها أو الاقتصادية

ومنذ اليوم الأول للحرب الروسية برزت تركيا كطرف “محايد”، يحاول لعب دور الوساطة بين موسكو وكييف، وفي خطوة منها وصفت كـ”خرق أول” تمكنت من جمع وزيري خارجية البلدين المتحاربين، سيرغي لافروف ونظيره الأوكراني، دميترو كوليبا على طاولة واحدة في مدينة أنطاليا.

في المقابل، وعلى الرغم من كونها عضو في “حلف شمال الأطلسي”، أعلنت أنقرة أنها لن تسلك ذات المسار الذي اتخذته الدول الغربية والولايات المتحدة، من خلال فرض عقوبات على روسيا، أو إغلاق أجوائها أمام طائراتها.

وتتضارب التحليلات حتى الآن بشأن الموقف الذي ستكون أنقرة عليه في حال تصاعد أمد الحرب الروسية ضد أوكرانيا، فيما يتحدث مراقبون عما اعتبروها بـ”الفرصة” التي تحاول أنقرة استثمارها في الوقت الحالي، لاعتبارات تتعلق أولا بعلاقاتها مع الدول الغربية من جهة، ودول كان تكن لها العداء من جهة أخرى.

وخلال اللقاء “النادر” مع إردوغان، الأحد، كان رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس بحث معه “العلاقات الثنائية والدولية، بالإضافة إلى الغزو الروسي لأوكرانيا”، بحسب بيان دائرة الاتصال بالرئاسة التركية.

وجاء في البيان أن “تركيا واليونان لديهما مسؤولية خاصة في الهيكل الأمني ​​الأوروبي الذي تغير مع هجوم روسيا على أوكرانيا”، مضيفا أنه يتعين على البلدين زيادة التعاون و”التركيز على الأجندات الإيجابية” لتحقيق المنافع الإقليمية.

وتتنازع تركيا واليونان منذ سنوات، بسبب تنقيب الأولى عن الغاز في شرق البحر المتوسط، كما تتنازع أنقرة السيادة على مناطق بحرية مع اليونان وقبرص.

وذكرت وسائل إعلام تركية، الاثنين، أن هذا اللقاء يعتبر “ذا أهمية” عند النظر إلى تاريخ البلدين، وكذلك الأمر بالنسبة لزيارة وزير الخارجية الأرميني، آرارات ميرزويان إلى أنطاليا ولقائه نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو.

وعلى ذات الصعيد شكّلت زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى أنقرة، الأسبوع الماضي “نقطة فارقة”، من زاوية أنها كانت الأولى من نوعها لمسؤول إسرائيلي على هذا المستوى منذ عام 2008.

كما لفتت زيارة الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف لأنقرة ولقائه إردوغان الانتباه، كونها ترافقت مع النشاطات الدبلوماسية المذكورة، التي لم تقتصر على اللقاء وجها لوجه فقط، بل توسعت دائرتها أيضا إلى الاتصالات الهاتفية التي أجراها الأخير مع نظراء آخرين، من بينهم الرئيس الأميركي، جو بايدن.

في تعليقه عن سر النشاط الدبلوماسي الذي شهدته أنقرة خلال الأيام الخمسة الماضية يرى الباحث السياسي المختص بالشأن التركي، محمود علوش أن الحرب الروسية على أوكرانيا “أحدثت تحولا كبيرا في السياسات الدولية”.

ويقول في حديث لموقع “الحرة” إن< “تركيا في قلب هذا التحوّل بالنّظر إلى علاقاتها المتشابكة مع موسكو والغرب. لقد جعلها ذو أهمية كبيرة بالنسبة لكلا الطرفين”.

وبقدر حرص موسكو على إبقاء تركيا على الحياد في هذا الصراع، الممتد لأكثر من أسبوعين، فإن الدول الغربية تسعى لجذبها صوبها، ووفق الباحث فإن أهمية تركيا للغرب في الصراع الحالي تبرز “في مساري الردع والحوار”.

ويضيف علوش: “الدعم العسكري التركي لأوكرانيا بالطائرات المسيرة مهم بهذا الخصوص، كما أن فرض قيود على عبور السفن الحربية الروسية لمضيقي البوسفور والدردنيل حظي بترحيب غربي”.

عدا عن ذلك وفي مسار الحوار، يشير الباحث إلى أن “مساعي الوساطة التركية مهمة للغربيين، وهم يسعون إلى أبراز دعمهم لها”.

وبعد مرور 18 يوما على بدء الحرب الروسية لا تلوح في الأفق أي بوادر تهدئة، وتشير المعطيات على الأرض إلى أن موسكو تصر على تحقيق الأهداف التي رسمتها وتطالب بها، في موقف يتضارب مع تصدي ومطالب كييف، والدعم الذي تبديه الدول الغربية لها.

وفي المقابل يعتبر “خط الوسط” الذي تسير فيه أنقرة مسارا ثالثا، وفي الوقت الذي عزز فيه مسؤولون أتراك محطاته، اتجهوا في منحى آخر، يراه المحلل السياسي التركي، جواد غوك بأنه “فرصة”.

ويقول غوك لموقع “الحرة”: “أنقرة تتحرك لوحدها في هذا الموضوع بالتشاور مع الغرب لا بالدفع منهم”، وذلك في رده عن خلفيات النشاط الدبلوماسي الحاصل.

ويضيف المحلل السياسي أن “تركيا تستفيد دائما من مثل هذه الفرص. تريد تبديل الأزمة إلى فرصة، وهي البلد الوحيد من شمال الأطلسي التي بقيت لها علاقات استراتيجية جدا مع الجانب الروسي، وعلاقات جيدة في المقابل مع كييف”.

لكن، ورغم ذلك، يشير غوك إلى أن جزءا من هذا النشاط أيضا يتعلق بالارتدادات السلبية التي قد تصيب تركيا، وخاصة تلك المتعلقة بالجانب الاقتصادي، موضحا أن بلاده “تتأثر سلبيا وبشكل مباشر بما فرضته الحرب الروسية على أوكرانيا”.

ويتابع, “إذا تصاعدت الحرب ستتأثر تركيا، لكن ذلك لن يشمل بالطبع علاقاتاها مع الدول الغربية”.

بدوره يوضع الباحث السياسي، محمود علوش، أن الحرب الروسية على أوكرانيا “قد تشكّل فرصة لأنقرة لإعادة صياغة قواعد جديدة لإدارة علاقاتها مع روسيا والغرب على حد سواء”.

وتسعى أنقرة إلى “استثمار هذا الوضع من أجل حل بعض الإشكالات العالقة مع الغربيين، مثل مسألة العقوبات الأميركية على صناعات الدفاع التركية، وقضية شرق المتوسط”.

وعلى صعيد آخر، يضيف الباحث: “سيساعد الموقف الذي تتخذه تركيا في تحسين موقفها التفاوضي مع موسكو في قضايا أخرى مستقبلا كالوضع في سوريا، الذي يُمثل أولوية للأتراك في الشراكة مع موسكو”.

وفي غضون ذلك كتب الكاتب التركي، حسن بصري يالجين، مقالة على صحيفة “صباح” الموالية للحكومة، الاثنين، استعرض فيها ما وصفها بـ”المخاطر والفرص” التي قد تكون أمام تركيا، بسبب استمرار الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

ويقول الكاتب: “من الطبيعي أن تقلق إذا كانت هناك حرب من حولك. تسبب حرب أوكرانيا العديد من المخاوف، في المقام الأول الاقتصادية والجيوسياسية”.

وأضاف يلجين أن “آثار الحرب على أسعار النفط والمنتجات الزراعية معروفة جيدا، ومن المتوقع أن يؤثر ذلك على عائدات السياحة في تركيا في فترة الصيف”.

وعلى الرغم من أن تركيا ليست من الأطراف المتحاربة، واتبعت سياسة خارجية متوازنة حتى الآن، إلا أن ذلك لن يبعدها عن الآثار السلبية الحتمية.

ويوضح الكاتب التركي: “سيعتمد المستقبل الجيوسياسي للبحر الأسود في الغالب على نتيجة الحرب. إذا استمرت الحرب لفترة طويلة، ستتحول منطقة البحر الأسود إلى منطقة جغرافية غير مستقرة. ومع ذلك، إذا أدى إلى انتصار واضح لروسيا، فإن النفوذ الروسي في البحر الأسود هذه المرة سيضع ضغطا جديدا على تركيا”.

وتحدث يالجين أن “العديد من الجهات الفاعلة في شرق المتوسط بدأت بتغيير مواقفها تجاه تركيا”، بما في ذلك إسرائيل واليونان، مشيرا إلى أن تركيا “تكون الرابط الوحيد لأوروبا لكل من الغاز الروسي وغاز شرق المتوسط”.

وقبل اندلاع الحرب كانت تركيا تسعى لإصلاح العلاقات مع عدد من القوى الإقليمية بينها إسرائيل.

وفي الوقت الحالي، بحسب الباحث السياسي، محمود علوش: “من الواضح أن التحولات العالمية التي أفرزتها الحرب سرّعت من هذا الاتجاه”.

ويضيف أن “أنقرة وتل أبيب على وجه التحديد يتضرران بشدة من التوتر الروسي الغربي، بالنظر إلى علاقاتهما مع الطرفين”.

وبشأن الوساطة التي بدأت أولى جولاتها بلقاء مباشر بين لافروف وكوليبا، يرى الباحث السياسي أن “أحد دوافع موسكو لتسهيل دور الوساطة التركية هو إبقاء أنقرة على الحياد”.

لكن ذلك تعترضه حقيقة في أن “الصراع الراهن يتجاوز مشكلة روسيا مع أوكرانيا ويتعلق بالنظام السائد بعد الحرب الباردة. هذه المعادلة تحد من قدرة أنقرة على إنجاح مساعي الوساطة”، بحسب ذات المتحدث.

المصدر :

ليبانون ديبايت.

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى